السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من الخجل الشديد منذ صغري، وأنا الآن أبلغ من العمر 27 عاما، أخاف جدا منذ أن كنت في المدرسة، فعندما يتم توجيه الأسئلة إلي صوتي يرتجف، فأنا لا أحب الاجتماعات، انطوائي وأحب الجلوس في المنزل، ولكني أريد أن أغير من نفسي من خلال موقعكم الكريم.
علمت أني أعاني من الرهاب الاجتماعي، جربت أدوية كثيرة، لفترات ليست طويلة، أقصاها شهرين وهو (moodapex) من دون استفادة، (وسبراليكس) لمدة شهر ونصف من دون استفادة أيضا، (وبروزاك وفافرين)، وأنا الآن صار لي 10 أيام أتناول (seroxat 25 مع buspar 10)، صباحا ومساء، فهل يمكنني إضافة (ديباكين) لكي يدعم هذه الأدوية؟
عندما كنت بعمر 15 عاما أصبت بوسواس قهري شديد، وكانت عبارة عن وساوس أني سأفعل أشياء سيئة بأهلي، وأيضا وسواس بأنني سأفقد عقلي، وأني سأفعل أشياء مخجلة أمام الناس، تغلبت على هذه الوساوس من دون أن أفعل أي شيء من هذه الأشياء من دون علاج، ولكن ما زالت هذه الوساوس تأتيني بشكل خفيف.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أولا: أريدك أن تركز على الآليات السلوكية والاجتماعية أكثر من تركيزك على الأدوية، نعم الأدوية تفيد وتساهم في العلاج، لكن قطعا هي ليست كل شيء.
ثانيا: بالنسبة لمفهوم الخوف ذاته: أريدك أن تكون إيجابيا حول مفهوم الخوف، الإنسان يحتاج لدرجة من الخوف ليحمي نفسه، وهذا قطعا ليس بالخوف المعطل.
أنت تتكلم عن الماضي أن هذا الخوف كان ينتابك منذ الصغر، أريدك أن تتجاهل هذا الماضي تماما، الماضي دائما فيه ضعف كثير، والحاضر فيه قوة، فيجب أن تستفيد من قوة الحاضر، أنت الآن الحمد لله تعالى رجل في كامل الرجولة، لديك المقدرات، لديك المهارات، لديك إن شاء الله تعالى حتى الدافعية نحو التغير.
يجب أن تغير مفاهيمك عن الرهاب الاجتماعي، الرهاب الاجتماعي ليس جبنا وليس ضعفا في الشخصية وليس قلة في الإيمان، إنما هو خوف مكتسب، والإنسان يمكن أن يكون مروضا للأسود ولكنه يخاف من القط.
إذا الخوف حالة مكتسبة، والشيء المكتسب يمكن أن يفقد من خلال التعلم المضاد، والتعلم المضاد في هذه الحالة هو أن تنظر لنفسك نظرة إيجابية، وأنا أؤكد لك أن ما تتخيله وتتصوره وتتوقعه من فشل اجتماعي عند المواجهات؛ هذا ليس صحيحا، ولا أحد يلاحظ عليك أي شيء. كثير من الإخوة الذين يشتكون من الرهاب الاجتماعي والخوف الاجتماعي تجدهم يتخوفون من التلعثم، واحمرار الوجه، وخفة الرأس، وهنالك من يعتقد أنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، ويظن أنه سيسقط أمام الناس، وينكشف أمره. هذا ليس صحيحا أبدا.
دائما انظر للبشر مثلك تماما، لا نستطيع أن نقول إن هناك إنسانا أفضل من إنسان، لا، فإن كانت هناك مفاضلة فهي مفاضلة في التقوى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، والإنسان حين يكون مع المتقين يكون مطمئنا.
أنا أريدك أن تصحح المفاهيم على هذا النحو الذي ذكرته لك، وأريدك في ذات الوقت أن تكون لديك برامج يومية للتواصل الاجتماعي الفعال، طبعا أولها: الصلاة مع الجماعة في المسجد، خمس صلوات مع الجماعة في المسجد تعطي خمس جرعات كبيرة جدا لتفتيت الرهاب الاجتماعي. هذه من ناحية.
أريدك أيضا أن يكون لك برنامج رياضي جماعي مع مجموعة من الأصدقاء، كرياضة كرة القدم مثلا، مرة أو مرتين في الأسبوع، هذا أيضا نوع من التفاعل والتمازج النفسي السلوكي الاجتماعي الإيجابي جدا.
أريد أن يكون لك وجود داخل الأسرة، دائما تأخذ مبادرات، وأيضا أنصحك وبكل قوة بالحرص على الواجبات الاجتماعية، أن تذهب للأعراس، تلبي الدعوات، تزور المرضى، تمشي في الجنائز، تصل رحمك، تنضم لمجموعة ثقافية، أو اجتماعية، أو خيرية، تنضم لحلقة من حلقات القرآن في مراكز من المراكز... فالحمد لله الآليات العلاجية متوفرة جدا. أنا لا أحب الكلام النظري فيما يسمى بالعلاج السلوكي، هذا الذي أتحدث عنه هو أمر عملي، ومتوفر في مجتمعنا، وفعلا يؤدي إلى البناء النفسي الصحيح وإلى تهذيب النفس واكتسابها المهارات.
بالنسبة للدواء: الـ (زيروكسات seroxat) دواء ممتاز جدا، وهذه الجرعة منه جرعة ممتازة، فقط اعط الدواء فرصة ليتم البناء الكيميائي، التحسن في بعض الأحيان يبدأ بعد شهرين إلى ثلاثة، فاستمر على نفس الدواء، واستمر على الـ (بوسبار buspar) أيضا كدواء داعم، وتواصل مع طبيبك الذي وصف لك الدواء لتحديد موعد الجرعة الوقائية، ثم جرعة التوقف التدريجي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.