السؤال
أنا شاب، عمري 19 سنة، أعاني منذ فترة من أفكار غريبة تسيطر على ذهني رغم أني لا أعاني من مشاكل اجتماعية، أفكار وصلت إلى حد دفعي نحو القتل.
افتقدت طعم الحياة والمشاعر، ولم أعد أشعر بأي طعم للحياة، وكأني قاتل فعلا! أصبحت أخاف على أمي وأبي مني رغم أني فقدت المشاعر تجاههم ولا أعلم ماذا أفعل!
ظروفي المادية طيببة ومتعلم أيضا بل حتى أنصح أصدقائي وأساعدهم في إيجاد الحلول، رغم أني منذ فترة عانيت من نوبات الهلع وتجاوزتها بنفسي مع أخذي لمضاد الاكتئاب، وهو divarius 20g لفترة بسيطة جدا، بعد ذلك توقفت عن أخذ الدواء، وأكملت العلاج النفسي بنفسي.
تعرضت للاكتئاب أيضا نظرا لمرض ألم بي، وتجاوزته بنفسي، لكن هذه المرة عجزت حتى الله لم أعد أعرفه، وأنا لا أظهر أي علامة أمام أي شخص، لكني منزعج جدا.
الرجاء المساعدة، أريد أن أتخلص من هذا العذاب، فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حلمي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
طبعا هذه الأفكار الشريرة التي تنتابك، فيها الطابع الوسواسي، وإن كانت الوساوس لا تدعو الإنسان نحو الشر أو التفكير في القتل وشيء من هذه الأشياء، قد نرى هذا عند بعض الموسوسين، لكن طبعا هذه أفكار يجب أن تحقر، يجب أن ترفض، يجب أن تكثر من الاستغفار، أن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن تستفيد من وقتك لتتخلص من الفراغ الزمني والذهني؛ لأن الفراغ هو الذي يولد هذا النوع من الفكر القبيح.
علاجك في المقام الأول يعتمد على حسن إدارة الوقت، إذا أحسنت إدارة وقتك هذا يعني أنك سوف تتخلص من الفراغ، وأنك سوف تكون شخصا إيجابيا، وتستمتع بالحياة تماما.
أول نصيحة في إدارة الوقت: النوم الليلي المبكر، وتجنب السهر؛ لأن النوم الليلي المبكر يساعد خلايا الدماغ لإفراز المواد الكيميائية الإيجابية، وأنا أسميه الترميم الكامل للدماغ، والإنسان حين ينام مبكرا يستيقظ نشطا، يصلي صلاته، ويبدأ يومه، مثلا في حالتك: يمكن أن تذاكر بعد أن تصلي، تتناول الشاي، تستحم، اجلس لمدة ساعة كاملة تذاكر فيها قبل أن تذهب إلى مرفقك الدراسي.
الاستيعاب في فترة الصباح يكون ممتازا جدا، والذي يستفيد من البكور ويقوم ببعض الإنجازات فيه ينشرح صدره للمزيد من الإنجاز في أثناء اليوم، هذا سر علاجي أريدك أن تأخذ به، وسوف تجد أن حياتك قد تغيرت تماما.
عليك أيضا بممارسة الرياضة، عليك بالصحبة الطيبة، هذا أمر مهم جدا، ورفه عن نفسك بالأشياء الجميلة، خطط للمستقبل، وهي أمنياتك، أين سوف يكون موقعك بعد خمس أو ست سنوات من الآن؟ تكون تخرجت من الجامعة، بدأت العمل، فكرت في شهادة الماجستير، تزوجت و... وهكذا، انقل نفسك لهذا النقل الفكري الجميل، عش الحاضر بقوة، والمستقبل بأمل ورجاء، والحاضر دائما أقوى من الماضي.
فيجب أن تقوم بهذا التغيير الفكري كشيء أساسي، ولا تعتمد على الأدوية.
محسنات المزاج ومضادات الاكتئاب –وغيرها– فعلها فعل آني وقتي جدا، أنا أرى أنك تحتاج حقيقة لأن تغير نمط حياتك على الأسس التي ذكرتها لك، بر الوالدين، الوفاء للأصدقاء، الالتزام بالواجبات الاجتماعية، أسس مهمة جدا للبناء النفسي الصحيح، فأرجو أن تحرص على ذلك.
بقي أن أقول لك: دور الأدوية ضعيف – كما ذكرت لك – لكن لا بأس أن تتناول أيضا أحد محسنات المزاج البسيطة، عقار (سبرالكس)، والذي يسمى علميا (استالوبرام) سيكون دواء جيدا بالنسبة لك، وتحتاجه بجرعة صغيرة جدا، تبدأ بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرامات يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرامات يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
إن شاء الله تعالى سوف تجده علاجا طيبا وعلاجا جيدا، وسليما وغير إدماني، والدواء يساهم بنسبة خمسة وعشرين بالمائة في عملية العلاج والتشافي، وخمسة وسبعين بالمائة تعتمد على التغيير المنهجي السلوكي فيما يتعلق بنمط الحياة، والذي أشرت إليه مسبقا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.