السؤال
السلام عليكم
أنا شاب بعمر 20 سنة، قبل إكمالي مرحلة الثانوية انتقلت لمنزل جديد في منطقة أخرى، ولم أجد أصدقاء جددا، وأصدقائي القدامى تركوني، ولم أدخل الجامعة إلى الآن، سجنت نفسي في البيت لمدة سنة ولم أخرج، ولم يسأل عني أحد وكأنني ميت.
بعد سنة خرجت من المنزل، حاولت أن أنسى الماضي وأبدأ حياة جديدة، تعرفت على الكثيرين، لكن لا أحد منهم يستمر معي أكثر من أسبوعين، ثم يرفض مرافقتي أو التحدث معي، ولا أعرف السبب!
منذ أسبوع تعرفت على شخص واستمرت صداقتنا لمدة شهر، ثم وبلا سبب تركني، فتحدثت معه، فقال: (أنت لا تلزمني)، رجوته وبقينا شهرا أصدقاء وبدون سبب تركني، وتحدثت معه فقال لي: أنت لا تلزمني ورجوته أن يبقى معي، فرفض.
علما بأني أراه يوميا، وأنظر إليه، وأحاول تجاهله، وأرجو أن لا أراه، وأرجو أن أنساه، لا أعرف ماذا أفعل؟ لا أجد شخصا أتحدث معه أو أضحك معه، وأنا -والله- إنسان صالح، أصلي وأصوم، ولست سيئا.
ظلام الليل يلاحقني حتى في النهار، حزين والدموع في عيني في كل الأوقات، أبكي دائما في البيت، وأبكي عندما أخرج من البيت، وتأتيني فرصة لا يراني فيها أحد.
حاولت التقرب من إخوتي، ولكنهم يكرهونني، وكلما تحدثت معهم كان ردهم صراخا، ونظراتهم غريبة، يشتموني بسبب وبلا سبب، ولا أعرف ماذا أفعل؟
لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي، وتعرضت منذ 4 سنوات إلى تحرش جنسي، وهذا الأمر يحزنني جدا، وأحس أني لست رجلا، ليس لدي صديق منذ 4 سنوات، أبكي كلما رأيت الأصدقاء مع بعضهم يمزحون ويضحكون، وقلبي يعتصر ألما لوحدتي.
سجلت في نادي رياضي أملا في التعرف على أشخاص وكسب الصداقات، لكني لم أجد صديقا، فكل المشتركين لهم أصدقاء، وحاولت التقرب منهم، لكنهم رفضوني، فتركت النادي.
هاتفي لم يرن منذ 4 سنوات إلا من أمي، وأعاني من القلق والخوف من كل شيء، وبدأت أخاف من الناس ونظراتهم، وأفكر كثيرا في كل شيء، وخصوصا مستقبلي، وأيضا لا أستطيع أن آخذ أي قرار.
أشعر بتأنيب الضمير إن فعلت خيرا أو شرا، ولا أستطيع النوم لأيام، وأفكر فيما فعلته، أرجوكم، الحزن والخوف يكاد يقتلني، سأموت حسرة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي العزيز: من طريقة سرد مشكلتك، يبدو أنك واع بشكل كبير على كل ما يسبب لك الضيق والقلق، وهذا بحد ذاته يمثل أكثر من نصف الحل، فأنت لديك استبصار كبير لكل مجريات الأحداث وأسباب المشاكل التي واجهتك، فما عليك سوى الانتقال إلى مرحلة الحل.
فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية التي سوف تساعدك -بمشيئة الله-:
- حدد الأشخاص والظروف التي تحدث فيها المشاكل، وعليك أن تحددها حسب أولويتها وأهميتها، بمعنى: علاقتك مع أهلك وطريقة تعاملهم معك أهم من الأشخاص الذين خارج البيت في المرحلة الأولى، لذا عليك البدء بتحسين العلاقة مع أهل البيت، اعرف السلبيات في طريقة تعاملك وفي طريقة تعاملهم أيضا، وابدأ بالتغير والتعايش مع طبيعة قوانين البيت.
- حدد السلبيات في شخصيتك، واعمل على التخلص منها، بعض الأحيان الإنسان لا يرى أخطاءه، ويعمل على إزاحة وإسقاط السلبيات في شخصيته أو سلوكه على الآخرين، ويقول: هم الذين يقومون بكذا وكذا، هم يكرهونني، هم سيئون.
- الناس لا تقلل من شأن أحد أو تسخر منه إلا إذا كانت تصرفاته مدعاة للسخرية، لذا عليك إعادة النظر في طريقتك في التعامل مع الآخرين.
- بالنسبة لتقبل الناس لك أو عدم تقبلهم، يعتمد على عدة عوامل، اقرأها واعمل على تحليلها بك وبهم، وهذه العوامل هي: الأخلاق، الشكل العام، الهندام، طريقة الكلام والموضوعات التي تطرح، الأصدقاء الذين تتفاعل معهم، مستوى التحكم بالغضب، وغيرها من العوامل التي تفرضها طبيعة المكان الذي يتواجد فيه الشخص.
- أنزل الناس منازلهم، بمعنى: لا تعط أحدا أكبر من قدره، فلا تضع نفسك مواضع السوء، وتنزلها منازل متدنية.
- لا تنعزل عن الآخرين، وإذا كانت مجموعة من الأشخاص قد رفضوا التعامل معك، فهذا لا يعني أن العالم خاليا من أشخاص يتقبلونك؛ لذا: ابحث عن الصحبة الحسنة الطيبة، الذين يعاملونك بأخلاق الدين، وتواصل معهم في نشاطاتهم فهذا يجعلك أكثر انفتاحا، ويكسبك مهارات التعامل مع الآخرين.
- إثبات الشخصية يكون بالرد على الآخرين في الوقت والمكان المناسبين، وعدم السكوت وتجرع الإهانة أو القبول بالتنمر عليك.
- استخدم طريقة التجاهل: والتي تكمن في عدم الاهتمام لكل كبيرة وصغيرة، أو ما يخصك وما لا يخصك، بل ركز على أهداف محددة وتجاهل الفرعيات، ولكن لا تتجاهل من يوجه لك الإهانة، بامكانك تجاهل مواقف عابرة، وكلام عابر، لكي لا تبقى تشعر بالتحسس المفرط.
- تفاعل اجتماعيا مع الناس على اختلاف تفكيرهم، وليس بالضرورة أن تتبنى هذا الفكر أو ذاك إذا جلست مع مجموعة لا تشبهك، ولكن هذا التفاعل يجعلك أكثر اطلاعا وخبرة في معظم نواحي الحياة، ويوسع من مداركك وتصبح أكثر صلابة في مواجهة المشكلات.
- ابحث في ذاتك عن نقاط قوتك ولا تبحث فقط عن نقاط ضعفك، وحاول استغلال نقاط القوة وتوسعة مجالاتها، فهذا سيجعلك شخصا اجتماعيا وأكثر تفاعلا وكفاءة.
- اصغ جيدا لمن يتكلم معك، ولا تقاطعه، وتوصيل الفكرة المناسبة يجب أن يتم في الوقت المناسب وإلا ضاعت قيمة الفكرة، وأثناء إصغائك لحديث شخص ما، عليك أن تبدي اهتماما لما يقوله، واحرص على التواصل بصريا معه، وقم بتلخيص النقاط الجوهرية في دماغك لكي تتمكن من الرد عليه بطريقة مباشرة تحاكي صلب الموضوع، وهذا يجنبك الدخول في دائرة التشويش أو نسيان ما قاله ذلك الشخص.
- الإطلاع على ثقافات متنوعة، ومتابعة مجريات الأحداث في العالم.
- عندما تتكلم، نظم أفكارك الرئيسية التي يجب أن تتحدث عنها، ولا تخرج من موضوع إلى موضوع آخر إلا بعدما تشعر أن الموضوع الأول قد انتهى فعلا.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.