أعاني من التشتت والوسواس القهري، فكيف أتخلص من ذلك؟

0 37

السؤال

السلام عليكم

لدي مشكلة، وهي عدم القدرة على الاستيعاب، فمثلا عندما يتحدث إلي شخص حتى بصوت عال لا أفهمه وأطلب منه أن يعيد كلامه، عندما أقرأ شيئا لا أستطيع فهمه من المرة الأولى فأقوم بقراءته أكثر من مرة حتى أفهمه، عندما يتكلم شخص لا أفهم نصف الكلام الذي يقوله ولا أستوعبه، كما أنني أشعر بأن مستواي الدراسي سيتراجع، كما أنه ليس لدي القدرة على التواصل مع الآخرين فأنا لا أعرف ماذا أتكلم معهم، ولست طليق اللسان، و أيضا أشعر بعدم الارتياح عند النظر إلى شخص في عينيه، ربما لأنني مررت بتجارب عندما نظرت إلى أشخاص في أعينهم وجعلتهم متضايقين، ويشعرون بعدم الارتياح، كما أنه ليست لدي رغبة في التعرف إلى الأشخاص، وتكوين علاقات صداقة معهم، فعندما أفكر في تكوين علاقات صداقة والتواصل مع الناس أشعر بضيق، ولا أرغب في ذلك، لا أعرف إن كان ذلك طبيعيا أم لا؟

كما أعاني من وسواس قهري، كوسواس سب الدين، وينتابني أيضا الضحك في الصلاة، فعندما أصلي أتذكر بعض المواقف فينتابني الضحك، وعندما يخطئ الإمام أتبسم فأشعر بالإحراج، وأبدأ في انتقاد نفسي.

كما أني أعاني من رهاب اجتماعي؛ فتجدني أتجنب التواصل مع الأشخاص؛ وذلك خوفا من القيام بأشياء محرجة فينفرون مني ويبتعدون عني، وأحيانا أقوم بأشياء سخيفة في المنزل مع أخي الصغير وأمي، أشعر بأني لست ناضجا، وهذا لا يناسب عمري، وأني شخص ناقص ولست كجميع الشباب في مثل عمري، ربما هذه الأشياء حصلت لي بسبب التنمر والصدمات التي حدثت لي، أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لك استشارات سابقة أجاب عنها الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي حول التنمر وخوفك من الفضيحة أيضا، وتفكر في الانتحار. المهم: أتمنى أن تكون قد أخذت بما أرشدك الشيخ أحمد الفرجابي.

بالنسبة لما ذكرته الآن: أنت تتحدث عن نفسك بأنك مفتقد للكفاءة النفسية، بأنك تعاني من قلق المخاوف، وخاصة المخاوف الاجتماعية، ولديك وسواس قهري، ولا تثق في قدراتك.

أنا أعتقد أن هذا الشعور شعور سلبي، مشكلتك هي هذه المشاعر السلبية، والشعور السلبي يجب على الإنسان أن يغيره، يجب أن تقيم نفسك تقييما صحيحا، نعم لا تعظم نفسك، لكن لا تحقرها، أنت لست أقل من الآخرين في أي شيء، يجب أن تنطلق من هذا المبدأ أنك لست أقل من الناس، وأن الله تعالى قد أعطاك الفكر، وأعطاك القوة، وخلقك في أحسن تقويم، فلماذا تحس بأنك أقل وناقص عن الآخرين؟

الأمر كله يقوم على المفاهيم الخاطئة التي يجب أن تغير، وأنت في مرحلة التكوين النفسي والعاطفي والوجداني والفسيولوجي، فيجب أن تنطلق في الحياة، يجب، يجب أن تبدأ في تحديد أهدافك، تجتهد في دراستك، تنظم وقتك، تكون بارا بوالديك، تبني صداقات ممتازة مع الصالحين من الشباب، تحرص على الصلاة في وقتها ... هذه هي الحياة، وهذه هي الأسس التي تجعلك تبني شخصيتك وتبني نفسك بصورة جيدة.

أنا أنصحك بالنوم الليلي المبكر، لأن النوم الليلي المبكر يؤدي إلى راحة جسدية ونفسية، ويحدث ترميما كاملا لخلايا الدماغ، وتستيقظ مبكرا، وتصلي الفجر، وبعد ذلك تستحم وتقوم بتمارين إحمائية بسيطة، تشرب كوبا من الشاي أو القهوة، وتبدأ تدرس لمدة ساعة على الأقل، هذا وقت التركيز، وقت ممتاز جدا، وبعد ذلك حين تذهب إلى مرفقك الدراسي سوف تشعر أن كل شيء أصبح متيسرا أمامك؛ لأنك قد بدأت اليوم بصورة صحيحة، وأنك قد استفدت من البكور، والبكور فيه بركة وخير كثير، وقد قال أو دعا رسول الله صلى الله عليه: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها))، واتضح الآن أن المواد الإيجابية الدماغية تفرز في فترة الصباح.

واحرص على وردك القرآني اليومي، ولا تهجر تلاوته، واقرأ ما تيسر لك، كما قال الله تعالى: {فاقرءوا ما تيسر من القرآن}، {ورتل القرآن ترتيبا}، و{واذكر ربك إذا نسيت}.

ركز على أذكار الصباح وأذكار المساء، وأذكار النوم وأذكار الاستيقاظ، وأذكار الدخول إلى البيت والخروج منه، وجميع أذكار اليوم والليلة، وكن بارا بوالديك وصل رحمك وتواصل معهم ولو هاتفيا، واسأل عنهم وتفقد أحوالهم، وحاول أن تكون في حاجتهم، وعاونهم في ما تستطيع معاونتهم، وحقر الفكر السلبي الوسواسي، وأوصيك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: ((احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)).

إن طبقت هذه الإرشادات أعتقد أنك سوف تصل لقناعات كبيرة أن طاقاتك قد انطلقت في الاتجاه الصحيح.

هذا هو الذي أنصحك به، ولا أراك في حاجة لعلاج دوائي، وموضوع صدمات الماضي والتنمر وما حدث فيما سبق: هذا أمر قد انتهى، يجب أن تعيش قوة الحاضر، ولا تعش في الماضي أبدا، الماضي في خبر كان، قد انقضى وانتهى، وما كان من تقصير فاستغفر الله منه، وما كان من توفيق وخير فاسأل الله تعالى القبول، واسأله أن يزيدك توفيقا وحرصا على الخير.

أنت الآن الحمد لله رجل، لديك كيانك، لديك مقدراتك، حباك الله تعالى بالعقل السليم والجسد السليم، ويجب أن تكون صاحب توجهات سليمة.

هذا ما أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات