عندما أغضب أشعر بعدة أعراض جسدية، فهل هو مرض نفسي؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي عند الغضب تتسارع عندي دقات القلب، وأشعر بضيق في التنفس، وسرعة الغضب، وكذلك عند الاستحمام الشيء ذاته، مع إحساس بشد في الرأس.

قمت بجميع الفحوص الطبية، ويقولون لا شيء عندي.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

بالفعل الغضب مشكلة، عبر عنه القرآن الكريم كشخص تملك موسى عليه السلام، كأنه كائن حي مسلط على موسى عليه السلام يدفعه ويحركه، حيث قال الله تعالى: {ولما سكت عن موسى الغضب}، لذلك أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم- وهو خير من أوصى- أوصانا بكتم الغيظ وترك الغضب، حيث جاءه رجل فقال: مرني ولا تكثر علي لعلي أعقله، أو قال: أوصني، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((لا تغضب)) فأعاد عليه، فقال: ((لا تغضب))، وقد ورد أن الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل.

الإنسان لابد أن يغضب، لكن كيف يدير الغضب؟ هذا هو الشيء الأساسي، ومن تجاربي وعملي في مجال الطب النفسي؛ وجدت أن من أفضل وسائل علاج الغضب أو إدارة الغضب أن ما أرشدنا إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو من أفضل العلاجات، بل هو أفضلها.

فيا أخي الكريم: ما ورد في السنة في علاج الغضب تجده في كتب كثيرة، ويمكنك أن تطلع على ما كتبه الإمام النووي في كتابه (الأذكار)، وأخلص لك في نقاط:

• أول شيء حين يأتي للإنسان الغضب وفي بداياته – وهذه مهمة جدا – وقبل أن يستشري، وقبل أن تكون هنالك انفعالات شديدة، يجب أن يغير الإنسان مكانه ويغير هيئته، فإن كان حينها جالسا فليقم، وإن كان واقفا فليجلس، أو فاضطجع، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: ((إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)). قيل: إنما أمر بالقعود والاضطجاع، لئلا يحصل من الغاضب في حال غضبه ما يندم عليه، فإن المضطجع أبعد في الحركة والبطش من القاعد، وأبعد القاعد من القائم.

• كذلك إذا غضب الإنسان عليه أن يسكت، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((وإذا غضب أحدكم فليسكت)).

• كذلك على الإنسان أن يتمالك نفسه عند الغضب، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).

• كذلك إذا غضب الإنسان عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان، حيث قال صلى الله عليه وسلم في الذي اشتد غضبه: ((إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)).

• كذلك إذا غضب الإنسان عليه أن يتوضأ، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الغضب من الشيطان، والشيطان خلق من النار، والنار تطفأ بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ)).

• كذلك التفل والبصق في جهة اليسار ثلاثا قياسا على الذي يقوم مفزوعا من حلم مفزع.

أخي الكريم: هذا العلاج النبوي قمة في صرف الانتباه عن الغضب، وأنا دائما أقول أنه قد أتاني من كان غضوبا وشديد الانفعال وطبق هذا العلاج النبوي، طبقه مرة واحدة وشفي تماما من سوء التعامل مع الغضب، وأصبح يتعامل مع الغضب معاملة جيدة وممتازة، لا تؤثر عليه ولا على الآخرين.

أحد الإخوة أفادني أنه بعد أن طبق هذا الإرشاد النبوي العظيم أصبح بعد ذلك مجرد أن يتذكر هذه الآليات العلاجية النبوية البديعة، مجرد أن يتذكرها ودون أن يطبقها يجهض عنده الغضب تماما ويختفي.

كذلك أمر آخر في العلاج وهو: أن تعبر عن نفسك وألا تحتقن، لأن الكتمان والاحتقان النفسي يولد الغضب، فعبر عن ذاتك في حدود المعقول أول بأول، وطبعا في حدود الذوق والأدب، هذا أمر مهم جدا، هذا نسميه بـ (التفريغ النفسي) أو (التنفيس النفسي)، النفس لها محابس، فلابد أن نفتحها.

أمر آخر: دائما عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، هذا مهم جدا، أنت إذا غضبت في وجه أحد الناس سوف يغضب وسوف ينفعل، وأنت كذلك إذا غضب أحدهم أمامك لن تقبل منه ذلك، فلا تقبل للناس ما لا تقبله لنفسك.

كذلك التواصل الاجتماعي مهم جدا، الشخص المتواصل اجتماعيا ولديه علاقات طيبة ويقوم بالواجب الاجتماعي تجده قليل الغضب، أو يستطيع أن يتعامل مع الغضب بصورة ممتازة.

أما بالنسبة لتسارع القلب وضيق التنفس: هذا أيضا دليل على وجود القلق النفسي الداخلي، وأعتقد أنك من خلال رياضة المشي تستطيع أن تتخلص من ذلك تماما، فاحرص على رياضة المشي، لأنها تحرق الطاقات النفسية السيئة والسلبية.

وبالنسبة كذلك عند الاستحمام نفس الشيء يحدث لك، وهي شدة في عضلات الرأس: هذا نوع من الانشداد الناتج من القلق. فحوصاتك الحمد لله كلها طيبة وجيدة.

أنا سأصف لك أحد الأدوية الجيدة والبسيطة، والتي إن شاء الله تساعدك في امتصاص هذا الغضب والتوتر، ليس لديك أي اكتئاب نفسي، إذا لا تحتاج لمضادات الاكتئاب، وأفضل دواء نصفه لك عقار يسمى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد) أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما صباحا لمدة شهر، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء. هو دواء سليم وفاعل، وغير إدماني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات