السؤال
السلام عليكم.
أعاني من وسواس يشككني أنني وقعت في الكفر، فأنطق الشهادتين أكثر من مرة، ولا أستطيع التوقف ويزداد سوءا، فهل من علاج؟
السلام عليكم.
أعاني من وسواس يشككني أنني وقعت في الكفر، فأنطق الشهادتين أكثر من مرة، ولا أستطيع التوقف ويزداد سوءا، فهل من علاج؟
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الوساوس أصلها شكوك، يكون الإنسان مدركا لطبيعتها السخيفة، ويحاول ردها، وقد يجد صعوبة في ذلك.
الوساوس الدينية كثيرة، وإن شاء الله تدل على أن الإنسان بخير من ناحية العقيدة، وقد أصابت حتى بعض الصحابة الكرام، فقد اشتكى أناس منهم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها، وطمأنهم صلى الله عليه وسلم أنها من صميم الإيمان وقال: (ذاك محض الإيمان) أو قال: (صريح الإيمان).
فهناك من ذكر من صحابته في شكواه قائلا: (والله لزوال السموات والأرض خير لي من أن أتحدث عما يأتيني في نفسي، أو قال: (يا رسول الله إني أحدث نفسي بشيء من أمر الرب عز وجل) أو قال: (إني أجد في صدري الشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به) أو كما قال، وقال بعضهم: (إنا نجد في أنفسنا ما نتعاظم أن نتكلم به) فطمأنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كبر الله ثلاثا وحمد الله تعالى أن رد كيد الشيطان إلى الوسوسة فقال: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)، ونصح من بلغه ذلك أن: (يستعذ بالله ولينته)، بمعنى ألا يحاور الوسواس، ولا يناقش الوسواس، ولا يسترسل في الوسواس، وهذا الذي ينصح به الآن علماء السلوك.
وقد سأل رجل ابن عباس فقال: الشيء أخفيه في صدري؟ قال: ما هو؟ قال: والله لا أتكلم به، فقال ابن عباس: (أشيء من شك؟)، وضحك ابن عباس، ثم قال: ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل الله: {فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك}، وقال: إذا وجدت في نفسك شيئا، فقل: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم}.
إذا حقر هذه الفكرة، لا تناقشها أبدا، ولا تحاورها، والتحقير يكون في بداية الخاطرة، حين تأتيك هذه الخاطرة في بداياتها وقبل أن تصبح فكرة قل لها: (أنت فكرة سخيفة، أنت خاطرة سخيفة، لن أناقشك، أنت حقيرة، أنت تحت قدمي) واصرف تفكيرك لشيء آخر جميل. هذا علاج جيد وعلاج ممتاز، واستعذ بالله كثيرا، وأكثر من الاستغفار، وقل: (آمنت بالله، آمنت بالله) كما نصح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا نوع من الذكر، هذا أيضا إن شاء الله يفرج هذه الكرب ويزيلها تماما، لأن الوسواس يسبب كربة للإنسان.
لكن أطمئنك ابننا الكريم أن هذا النوع من الوساوس في مثل عمرك هو أمر عارض، وقتي إن شاء الله، ولن يدوم، فقط حقره، اصرف نفسك عنه، لا تناقشه، تجاهله، أشغل نفسك بما هو طيب وجميل، مارس رياضة، صل مع الجماعة، كن بارا بوالديك، اجتهد في دراستك، ... هذه كلها برامج حياتية ممتازة تجعلك تدير وقتك بصورة جيدة وناجحة، وهذا يصرف عنك الوسواس.
إذا حدث أن هذه الوساوس – لا قدر الله – لم تزل بعد محاولاتك هذه الفنيات السلوكية التي ذكرتها لك؛ عليك في هذه الحالة أن تذهب إلى طبيب نفسي، وسوف يكتب لك أحد الأدوية الممتازة، وفي مثل عمرك هنالك عقار يسمى تجاريا (فافرين) هو الأفضل، وأنت لن تحتاج له لفترة طويلة ولا لمدة طويلة، طبعا هذا الأمر – أمر الدواء – يجب أن تناقشه مع والديك، لكن في هذه المرحلة لا تستعجل في تناول الدواء، أنا أعتقد أنها وساوس عارضة وخفيفة، وإن شاء الله سوف تزول.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.