السؤال
السلام عليكم.
شكرا لكم على كل ما تقدمونه أما بعد:
مشكلتي هي أن لدي وسواس الموت منذ مدة، ولكني -بفضل الله- أحاول التغلب عليه.
ذهبت مرتين منذ نحو ٧ أشهر، وعملت فحصا وتخطيط قلب، والحمد لله، كانت سليمة، ولكن تأتيني وساوس أن هذا الطبيب لا يفهم، وأذهب إلى آخر.
صرت أعاني من نغزات وصعوبة في النوم، وأشعر بعدم الارتياح في منطقة الصدر، وأخشى جدا على القلب، ويأتيني وسواس في هذا أيضا.
عندما أحاول الخلود إلى النوم تحدث النغزات وشعور غريب جدا، لا أستطيع وصفه للأسف وهكذا من أسبوع، يوجد العديد من الأعراض التي لا أستطيع وصفها، هل يمكن أن يكون من الحسد أو العين؟ والله أني تعبت من التفكير السلبي وتعبت جدا من هذا الشعور والنغزات المتواصلة خصوصا الجزء اليسار، ولا أستطيع أن أقول للأهل أن يأخذوني لطبيب بسبب كثرة شكواي من كل شيء، فلا أستطيع وصف ما أشعر به، فما الحل؟ وجزيتم خيرا.
أفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
هذا النوع من قلق الوساوس منتشر، الخوف من الموت، الأعراض النفسوجسدية، وبما أن الصدر هو مكان وجود القلب فنجد معظم الأعراض التي تنتج من القلق تكون حول القفص الصدري، (شعور بعدم الارتياح، ضيق في التنفس، نغزات في الصدر) هذا شائع جدا.
إذا الحالة حالة نفسية مائة بالمائة، حالة نفسية بسيطة، هي مجرد ظاهرة وليست مرضا.
أهم شيء ألا تترددي على الأطباء، ولا تكثري من الشكاوى كما تفضلت، أنت صغيرة في السن، وطرق التخلص من هذه الحالة سهل جدا إن شاء الله تعالى، حاولي أن تتجاهلي الأمر، ولا تدخلي في حوار ونقاش مع الوسواس، الوسواس يمكن أن يستدرج الإنسان ويشككه في كل شيء، وهذا حدث لك، حتى إنك أصبحت تأتيك الفكرة في أن الطبيب الذي قام بفحصك قد لا يكون طبيبا متميزا، وبدأت تفكرين في الحسد كنوع من التفسير.
هذه كلها أنواع من الاسترسال الوسواسي، فحقري الفكرة، وخاطبي الفكرة قائلة: (أنت وسواس سخيف، أنا لن أهتم بك، أنا الحمد لله في صحة جيدة وسليمة).
وساوس الخوف من الموت: الإنسان يجب أن يتعلم الخوف المحمود من الموت، الخوف الشرعي، وهو أن يجتهد الإنسان في دنياه، وأن يعمل لآخرته، وأن يتيقن تماما أن الحياة والموت بيد الله تعالى، وأن الموت مصير كل حي، وأن {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}، وأن {لكل أجل كتاب}، وأن {ما توعدون آت}، و{إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}، وأن الخوف من الموت لا يزيد في العمر، ولا ينقصه، {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب}.
هذا هو الخوف الشرعي، الخوف المحمود، الخوف المطلوب، لأنه يجنب الإنسان أن ينغمس في الذنوب والآثام ويأتيه الموت بعد ذلك، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)، قالوا: يا رسول الله، كلنا نكره الموت، قال: (ليس بكراهية الموت، لكن المؤمن إذا حضر موته جاءه البشير من الله بما يرجع إليه، فليس شيء أحب إليه من لقاء الله، فأحب عند ذلك لقاءه).
أما الخوف المرضي فهو نوعية هذا الخوف، الإنسان يخاف الموت في ذاته بدون أي مبررات، فهذا الخوف خوف يحقر، أما الخوف المحمود فهو خوف ممتاز، والخوف المحمود بالعكس يجعلك تجتهد في دنياك، يجعلك تنجز، يجعلك تتعلم، يجعلك تتوظف، يجعلك تعيش الدنيا بكل قوة وبكل أمل وبكل رجاء، وتحرص في العبادات، وتكافح، وتكابد، لأن القناعة هنا هي أن الآجال بيد الله، وأن لا أحد يعرف موته، وهو أمر مكتوب، وأمر قدره الله على جميع خلقه، ويأتي يوم يقول سبحانه: (أنا الملك، أنا الحي القيوم، لمن الملك اليوم؟) فلا أحد يجيب، فيقول: (لله الواحد القهار).
أرجو أن تتوجهي هذا التوجه، وأريدك أن تعيشي حياة صحية ممتازة، تمارسي الرياضة، فهي مفيدة جدا، وتمارسي تمارين للاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرجة، هذه مفيدة جدا، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
اجتهدي في دراستك، اعتمدي دائما على النوم الليلي المبكر، لتستيقظي مبكرا، وتصلي الفجر، وتدرسي بعد ذلك مثلا لمدة ساعة، هذا وقت استيعاب ممتاز جدا.
أنت أيضا تحتاجين لدواء بسيط، شاوري أهلك، ويمكن أيضا أي طبيب يكتبه لك، أو في الصيدليات عامة يصرف هذا الدواء، الدواء يسمى علميا (سيرترالين)، هو مضاد للمخاوف وللوساوس، وكذلك للقلق وللاكتئاب، أنت تحتاجين له بجرعة بسيطة، وهي: حبة واحدة في اليوم، علما بأن الجرعة الكلية للدواء هي أربع حبات في اليوم.
تبدئين بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما، لأن الحبة تحتوي على خمسين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك خذي حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن الدواء. هو دواء سليم، وفاعل، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.