السؤال
السلام عليكم
كنت أعاني من الوسواس قبل عامين، وشفيت منه، والآن توفيت خالتي منذ فترة، فأصابني وسواس الخوف من الموت بسبب بعض الأحلام.
الآن تطورت الحالة، فصورة خالتي لا تفارق خيالي، أصبحت أخاف من كل شيء، أوسوس من أي تصرف، حتى الكوابيس لا تفارقني لدرجة أحلام اليقظة، وكلها عن الموت، أصبت بالاكتئاب، ذهبت لأخصائي نفساني، ولم أتناول الدواء، من فضلك ساعدني يا دكتور.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Norane حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونسأل الله تعالى الرحمة لخالتك وأن ينزلها الله منزلا مباركا في الفردوس الأعلى، وأن يرحم موتانا وموتاكم وموتى المسلمين.
أيتها الفاضلة الكريمة: مفاهيم الناس عن الموت حقيقة فيها الكثير من الخطأ، مع أن الموت يشاهد يوميا وفي كل لحظة، لكن لا زال الناس يتوجسون من حقيقته، أنا أعرف -إن شاء الله- أنك قوية الإيمان، فقط الذي وددت أن أذكر به أن أمر الموت أمر محسوم، والإنسان إذا انقضى أجله وأخذ نصيبه من الدنيا يأتيه الموت، والمسلم حين يموت نحسب أن ما عند الله خير له.
التعامل مع الأحزان بصورة عقلانية ومنطقية وشرعية هو الذي يخفف هذه الأحزان، وكون الإنسان يحزن هذا أمر مشروع، الرسول -صلى الله عليه وسلم- حزن على ابنه إبراهيم، وحزن قبل ذلك على عمه حمزة بن عبد المطلب، وحزن على فراق زوجته خديجة، ويحزن القلب، وتدمع العين، لكن في النهاية لا نقول إلا ما يرضي الله تعالى.
أريدك أن تتجاوزي هذا الذي أنت فيه من الشعور بالكرب والخوف من الموت والتوجسات والوساوس، بأن تراجعي نفسك على الأسس التي ذكرتها لك، وهناك خطوات عملية يجب أن تقومي، وهي أن تسألي الله تعالى الرحمة والمغفرة لخالتك ولموتاك ولجميع موتى المسلمين، وهذه الخالة كوالدة احرصي على أن تصلي من كانت تصلهم وتبرهم، تصدقي لها حتى ولو بالقليل. هذا هو المطلوب منك، وهذا هو الذي سوف يكون مواساة حقيقية بالنسبة لك.
أما أن يعيش الإنسان فقط مع الوسوسة والخوف والفكر المغلوط؛ هذا خطأ، ديننا جعل لنا حلولا عظيمة ومنطقية في كل شيء، فأرجو أن تتعاملي مع الأمر بهذه الكيفية.
بالنسبة للكوابيس والأحلام وأحلام اليقظة: طبعا هذا دليل على القلق، دليل على التوتر، دليل على الانفعالات النفسية السلبية، وهذه -إن شاء الله تعالى- تتخلصين منها من خلال إعادة برمجة تفكيرك وأفكارك على الأسس التي ذكرتها لك.
أريدك أيضا أن تمارسي رياضة، أي رياضة، كرياضة المشي، أو أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة سوف تكون مفيدة جدا لك.
أرجو أيضا أن تطبقي بعض التمارين الاسترخائية: تمارين التنفس التدرجي، تمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها، هذه كلها تمارين جيدة ومفيدة ونافعة بالنسبة لك. توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية القيام بهذه التمارين، فأرجو أن تلتزمي بها، وما دمت قد ذهبت إلى أخصائي نفسي؛ فالأخصائي النفسي أيضا يمكن أن يدربك على هذه التمارين.
أنا لا أعتقد أن حالتك تتطلب أدوية، وإن كان لديك شيء من الاستعداد والقابلية لهذه الوساوس، لأنك قد ذكرت أنك تخلصت منها قبل سنتين، وما دمت قد تخلصت منها فيما مضى تخلصي منها بنفس الأسلوب والمناهج التي ذكرناها، وإن أطبقت عليك ووجدت صعوبة في التخلص منها يمكنك أن تتناولي الدواء، فالأدوية جيدة وسليمة، ولا تحتاجين للدواء لأكثر من مدة ثلاثة أشهر.
أرجو أن تديري وقتك بصورة ممتازة، أرجو أن تتواصلي اجتماعيا، واحرصي على صلواتك في وقتها، وحافظي على الأذكار - خاصة أذكار الصباح والمساء - وعليك بالدعاء وذكر الله كثيرا في كل الأوقات؛ لأن ذلك يجلب لك الطأنينة والسكينة، وهذا هو كل المطلوب في حالتك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.