السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب متزوج، ولي ابنة -حفظها الله-، مشكلتي مع زوجتي الله يسترها أنها بعد إنجابها لابنتي لم تعد كما السابق، قد أصبحت لا تعيرني انتباها رغم أنني أحبها وأفعل أي شيء لسعدتها وسعادة ابنتي، وهي أيضا لا تفعل شيئا يغضبني ودائما ما تسعى لإرضائي، ولكن في الفراش مجرد خشبة لا حياة، أصارحها تفتعل المشاكل وتقول: أنت لا شيء يرضيك، مع أنني دائما أحاول إرضائها، وتخلق مبررات مثلا أنا مريضة، أنت وحش كاسر وتبكي، وكل مبرراتها فشلت، حتى أنني دخلت في وسواس وشك ولم أستطع العمل لتفكيري الدائم كيف أسعدها، وماذا أفعل لها؟ ربما هي في علاقة مع شخص آخر، وفي بعض الأحيان لا أجد حلا غير الطلاق؛ لأنني تعبت حقا من تمثيليتها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
يجب أن تبعد عن عقلك الشكوك والظنون الفاسدة والتي لا مستند لها لا من قريب ولا من بعيد؛ لأن هذه الشكوك منشؤها الشيطان الرجيم يريد أن يهدم عليك بيتك.
بعض النساء يصبن بالبرود العاطفي لسبب أو لآخر، ولذلك يجب التعرف على أسباب برود زوجتك، ويمكنك التوصل لمعرفة السبب عن طريق صديقاتها وخاصة من تثق بهن بحيث تفاتحها بموضوع العلاقات الزوجية وتجعلها تتحدث حول هذا الموضوع على أنه مجرد نقاش، فالنساء يبحن لبعضهن ما يحصل ويدور في هذه المسألة، وعلى من ستناقشها ألا تدخل في الموضوع مباشرة؛ لأنها قد تشعر أنها مرسلة.
لا بد أن تراجع طريقة تعاملك معها، فليس من الجيد أن ترمي بالتبعة عليها، فبعض النساء يحتجن إلى مقدمات قبل العلاقة الحميمية من التدليل والتغزل والثناء بالكلمات التي ترفع من معنوياتها وترغبها، وكذلك تنظفك وتطيبك بالطيب الذي يجذبها، وإخراجها من الأجواء الرتيبة في تلك الليلة كأن تدعوها لتناول العشاء مثلا خارج البيت، أو تأخذها في نزهة وتتجاذب معها أطراف الحديث، وأن تقدم لها هدية ولو رمزية كأن تقدم لها وردة مثلا فهذه الأمور ستغير من تعاملها بإذن الله تعالى.
المرأة تحب أن تشعر بمكانتها لدى زوجها لا أنها فقط للخدمة والمعاشرة، فبعض الأزواج يخطئ في هذا الباب كثيرا ثم يتساءل لماذا بردت زوجته، فانشغال الزوج بالعمل وعدم جلوسه مع زوجته يغير الزوجة؛ لأن الزوج جعل البيت لتناول الطعام والنوم فقط، فيجب أن تراجع نفسك في هذا المجال.
بعض الأزواج وأن جلسوا في البيت فإنه يكون منشغلا بهاتفه والزوجة منشغلة بهاتفها وهذا من أكبر أسباب جفاف المشاعر، فالمرأة تطلع على الكلام العاطفي ولا تجده من زوجها فتتحسر على نفسها، فيأتي الزوج يريدها أن تتفاعل معه أثناء كلامها وأثناء العلاقة الحميمية فلا تستجيب؛ لأن عقلها تشبع بالحسرة، ولولا أنها تخاف الله لامتنعت حين يدعوها زوجها للفراش.
على الزوج أن يتعاهد زوجته بالهدايا بين الحين والآخر، فإن الهدية تفعل فعلها في القلوب وتوطد العلاقة وتزيد المحبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا).
عليك أن تجتهد في تقوية إيمانك وإيمان زوجتك من خلال كثرة العمل الصالح والمشاركة في ذلك، فقوة الإيمان يردع صاحبه عن العناد والمكابرة ويجعله يراقب الله تعالى، وهو كذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة وسل ربك أن يصلح زوجتك وأن يؤلف بين قلبيكما، وأكثر من دعاء ذي النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
زوجتك تحبك بدليل أنها تسعى لإرضائك ولا تفعل ما يغضبك، ومشكلتك هي في أمر التفاعل أثناء العلاقة، وهذا الأمر قد يكون له أسباب كما ذكرت لك سابقا فعلاج الموضوع بهدوء.
تأنى في كل أمورك، واحذر من التعجل في أمر الطلاق، فإن التأني من الله والعجلة من الشيطان كما ورد في الحديث الشريف، والطلاق ليس حلا؛ لأن الحياة لم تصل إلى حد أنه لا يمكن أن يتقبل فلا تضخم الموضوع بارك الله فيك.
عليك أن تنظر إلى صفات زوجتك الإيجابية وما أكثرها، فزوجة لا تغضب زوجها، وتعمل كل ما يرضيه تعد زوجة صالحة فكيف تسمح لنفسك التفريط فيها، ولعلك إن طلقت ندمت ندما شديدا ولات ساعة مندم.
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في قضيتك، ونسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلبيكما ويرزقكما الحياة الطيبة إنه سميع مجيب.