السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أني كلما أصلي قيام الليل أشعر بأنني سأموت في الحال، وعيني تذهب يمينا ويسارا أثناء الصلاة لرؤية إن كان هناك ملاك يريد أخذ روحي، أنا أعلم جيدا أن الموت في الصلاة من حسن الخاتمة، ولكن المزعج أن هذا يفسد علي خشوعي في القيام، وأحيانا لا أصلي لكي لا أشعر بهذا، أنا محافظ على صلواتي، ولا أخاف من الموت، حتى من القتل وغيره.
أعرف أن الدنيا زائلة بكل الأحوال، وأن موتي في موعد محدد ولن يتقدم، أظن أن خوفي جاء بسبب كوابيس متعددة، أرى وأشعر بسحب روحي، وفي كثير من الأحلام يأتيني شعور حقيقي داخل الروح، علما أنني أحاول أن أقرأ الأذكار قدر الإمكان، مع سماعي للقرآن الكريم وتدبر معانيه يوميا تقريبا، ولا أحب سماع الأغاني، ولكن هذا الشعور المزعج لا زال موجودا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يرزقك الطمأنينة، وأن يصلح الأحوال، وأن يختم لنا ولكم بصالح الأعمال.
لا شك أن من يصلي لله تبارك وتعالى في الليل على خير كثير، فشرف المؤمن قيامه بالليل، نسأل الله أن يعينك على هذا الخير، وأن يعينك على طرد هذه الوساوس، فتعوذ بالله من شيطان يريد أن يحرمك من لذة الصلاة، يريد أن يحرمك من حلاوة الخشوع، واعلم أن استمرارك في الصلاة ومداومتك على الذكر مما يغيظ هذا العدو، فعامل هذا العدو بنقيض قصده، ولا تحاول ترك الصلاة والسجود لله تبارك وتعالى، ولا مانع من أن تعرض نفسك على راق شرعي يقيم الرقية على قواعدها الشرعية.
ونحب أن نؤكد لك أن مثل هذه الوساوس والأشياء المزعجة حتى الكوابيس التي تأتيك في النوم والأحلام؛ كل ذلك للشيطان له علاقة به، ولذلك نتمنى أن تنتصر في هذه المعركة، وأنت منتصر بتوكلك على الله، باستعانتك بالله، بمحافظتك على قراءة الأذكار والرقية الشرعية على نفسك، بإصرارك على الاستمرار في هذا الطريق، الذي هو طريق الخضوع والسجود والركوع لله تبارك وتعالى.
وإذا جاء الإنسان الأجل وهو في صلاته فأنعم به من ختام، كان يتمناه سلف الأمة، كما كان مصعب بن الزبير يقول: (اللهم إني أسألك الميتة الحسنة) فكانوا يقولون له: ما هي الميتة الحسنة؟ قال: (أن أموت وأنا ساجد لله تبارك وتعالى)، فمضى إلى الله على الهيئة التي طلبها. فنسأل الله أن يعينك على الخير، وأرجو ألا تقف طويلا، ولا تنزعج طويلا من هذه الوساوس، بل اعلم أن استمرارك في الصلاة والذكر هو أحسن الوسائل لطردها، كما أن المحافظة على أذكار المساء والصباح كما قال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : (نافعة فيما نزل، ومانعة لما لم ينزل).
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-،
وتليها إجابة: د. محمد عبدالعليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
------------------------------------------------------
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل: كما أفادك الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي – حفظه الله – هذا كله نوع من الوساوس وليس أكثر من ذلك، وأعتقد أنه حدث لك ما نسميه بالرباط النمطي، أي أنك كلما أردت قيام الليل تأتيك هذه الفكرة، لأنها أصبحت نمطية، وأصبحت مصاحبة لقيام الليل، فأرجو أن تكسر هذا الرابط، حقر هذه الفكرة، -وكما قال الشيخ الدكتور أحمد- احرص على قيام الليل بالكيفية التي تؤديها، ولا تفكر أبدا في الفكرة الوسواسية، حقرها تماما، لأن الموت يمكن أن يأتي للإنسان في أي لحظة وعلى أي وضع، وإن كان – كما أوضح الشيخ – هي أمنية عظيمة للمسلم أن يموت وهو في صلاته وفي سجوده.
أنا أعتقد أن الوسوسة بهذه الكيفية مخيفة للإنسان، ويجب أن تحقر هذه الفكرة تماما.
وأنا أنصحك حقيقة بأن تركز على الأنشطة الحياتية في أثناء النهار، أن تنظم وقتك بصورة جيدة، أن تحاول أن تنام النوم الليلي المبكر، هذا مهم جدا حتى تتمكن من قيام الليل بصورة صحيحة، والرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك، قطعا الرياضة مهمة جدا.
تطبيق بعض التمارين الاسترخائية، تجنب تناول طعام العشاء في وقت متأخر، وألا يكون الطعام دسما، تواصل اجتماعيا، رفه عن نفسك بما هو طيب وجميل، شارك أسرتك النشاطات التي تفيد الأسرة.
فإذا اجعل حياتك مفعمة بالأنشطة في أثناء النهار، ونم نوما مبكرا، ولا تكن نمطيا في الربط ما بين الموت وقيام الليل.
هذا هو الذي أنصحك به، وإن اشتد عليك الأمر حقيقة في هذه الحالة نعتبر ذلك شيئا من قلق المخاوف الوسواسي، وفي هذه الحالة العلاج الدوائي أيضا سيكون له دورا وسوف يفيدك كثيرا، لكن لا أراك في هذه المرحلة محتاج لأي علاج دوائي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.