السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أعاني من مرض \"الحصر النفسي\" أو ما يعرف بالإنكليزية ب Anxiety .
جربت أخذ أدوية للمرض العقلي، وهي فعلا تساعدني على تحسن حالتي، لكنها تعيد رغبتي في الجنس ولكن زوجتي في بلد ثان حاليا لأسباب قاهرة, وإن عدم قدرتي على قضاء شهوتي في الحلال كان يقودني أحيانا إلى الاستمناء ولا يكون الاستمناء بدون مشاهدة المحرمات.
لذلك توقفت عن أخذ الأدوية التي تساعدني في حالتي العقلية وذلك مخافة أن أقع في الحرام، فهل توقفي عن أخذ الأدوية (لتبقى شهوتي للنساء منخفضة أكثر ما يمكن) هو عمل سليم؟
مع علمي بأن عدم تناول الأدوية يؤثر على صلاتي في بعض الأحيان فأضطر إلى الجمع رفعا للمشقة وأيضا في معظم الصلوات أنسى عدد الركعات وما إلى ذلك فأبني على غلبة الظن، ولكن تنقضي أحيانا الصلاة ولا أعقل كثيرا من ما كنت أفعل، فلا وجود للتركيز أثناء أدائها دوما، لكنني أؤديها لحرمة وقتها، وأثر مرضي هذا أيضا على التزامي لدروس علم كنت مداوما عليها، وعلى حفظي للقرآن.
هذا بالإضافة لتأثر عملي بشكل كبير ففي بعض الأيام لا أستطيع التركيز في العمل سوى ساعتين رغم أن عقدي مع الشركة بالعمل 8 ساعات، وأيضا علاقاتي الإجتماعية تأثرت بهذا، فهل أبقى بدون أدوية أم آخذها وأستمر بمجاهدة نفسي؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
الحصر النفسي أو القلق النفسي حالة إن شاء الله بسيطة، ليست علة نفسية، وليست مرضا عقليا أبدا، أرجو ألا تعتقد أنك مصاب بمرض عقلي، فصاحب القلق الزائد يكون مستبصرا، يكون مدركا، يكون مرتبطا بالواقع، هذا لا شك فيه. القلق بالفعل قد يؤدي إلى شيء من الضجر، وقد يؤدي إلى شيء من اضطراب التركيز، قد يؤدي إلى شيء من الضيق، وعدم الإحساس الإيجابي، لكنه لا يعتبر مرضا عقليا أبدا.
بالنسبة لموضوع الأدوية النفسية المضادة للقلق: ليس من الضروري – أخي الكريم – أن تكون هذه الأدوية مثبطة للقدرة الجنسية عند الرجل، لا، هنالك أدوية غير مثبطة حقيقة، أدوية بسيطة جدا يتم استعمالها، تقلل القلق والتوتر، وفي ذات الوقت لا تثبط الشهوة تثبيطا حقيقيا.
أنت – أخي الكريم – لا تحتاج لأن تثبط شهوتك، لا، يمكن أن تتحكم بشهوتك بطرق أخرى، أولا: أن تعلي شأن الحلال، وأنت الحمد لله مدرك لذلك – يا أخي – مجرد تعظيم الحلال ومعرفة قيمته، والبعد عن المحرمات في حد ذاته يعتبر أحد الأشياء الطيبة جدا جدا التي تتحكم في شهوة الإنسان.
الأمر الآخر: مارس رياضة، الرياضة مهمة جدا، ومفيدة جدا. وأحسن إدارة وقتك، وإن شاء الله تعالى مع تناول أحد الأدوية المضادة للقلق، أدوية بسيطة جدا، مثل عقار (فلوبنتكسول Flupenthixol) مثلا، بجرعة نصف مليجرام صباحا ومساء، هذا دواء ممتاز للقلق، وفي ذات الوقت ليس له آثار سلبية، هي إن شاء الله سوف تحسن من تركيزك، سوف تحسن من دافعيتك. عقار مثلا مثل (بوسبار buspar) والذي يسمى علميا (بوسبيرون Buspirone) بجرعة خمسة مليجرام صباحا ومساء لمدة أسبوع، ثم عشرة مليجرام صباحا ومساء، هذا دواء فعال، ممتاز، لا يؤدي إلى تثبيط جنسي، وفي ذات الوقت يعالج القلق بصورة ممتازة جدا.
أنا أعتقد أنك تقصد تناول مضادات الاكتئاب من المجموعة التي تعرف باسم (SSRIS)، هذه نعم، هذه هي مضادة للاكتئاب، وتعالج القلق أيضا، في بعض الأحيان قد تخفض الرغبة الجنسية، لكن هذه أيضا إذا استعملها الإنسان بجرعة بسيطة لا تؤدي إلى ضرر كبير في الرغبة الجنسية، مثلا عقار (فافرين Faverin) والذي يعرف علميا (فلوفوكسامين Fluvoxamine) بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم مائة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، ثم تجعلها خمسين مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر مثلا، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عنه، هذا دواء ممتاز جدا لعلاج القلق، وليس مثبطا حقيقيا للجانب الجنسي.
أخي الكريم: البدائل كثيرة جدا، وحقيقة يهمنا جدا أن تحرص على صلاتك، وعلى أن يكون تركيزك حسنا، وتحرص على الورد القرآني، على الأذكار، على التواصل الاجتماعي، ولا نريدك أصلا أن تكون قلقا أو مشغولا بصورة سلبية، لا، نريدك أن تكون إيجابيا، وفي ذات الوقت لا نؤثر على شهوتك من حيث تناول الأدوية.
حين تتناول أحد هذه الأدوية سوف يرفع من دافعيتك نحو العلاقات الاجتماعية الإيجابية، نحو التركيز، نحو المثابرة، وحتى نحو العبادة، لأنك أصلا حسن النية، وأنا أعتقد أنه لديك العزم ولديك القصد، ولكن حصل لك شيئا من الإحباط البسيط الذي قل من طاقاتك نسبة للمشكلة التي تحدثت عنها، فيمكن – أخي الكريم – أن تتناول أي من الأدوية التي ذكرتها لك، وفي ذات الوقت تمارس الرياضة، تحسن إدارة الوقت، تكون إيجابيا، تتواصل اجتماعيا.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.