الحياة لم تعد لها قيمة عندي بسبب كثرة التفكير، هل من علاج لحالتي؟

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحة الله وبركاته.

أعاني من تفكير لا ينقطع، حتى أثناء النوم عقلي لا يتوقف عن حديث النفس، والتخيلات والتصورات، لا أستطيع المقاومة، ليس شيئا مسموعا، ولكن مجرد أفكار وكلام، يأتيني هذا الأمر في السنة شهرا أو نصف شهر، أشعر باكتئاب ويذهب.

أتمنى أن أعيش بلا تفكير، وما أنا فيه ليس كثرة تفكير، بل استدامة التفكير، حيث أقوم من النوم على التفكير، وأنام على التفكير، حتى لو حلمت بحلم أنساه بسبب مسارات التفكير التي لا تنقطع، هل سأكون صاحب متلازمة جديدة في علم النفس؟

الحياة لم تعد لها قيمة عندي بسبب هذا المرض الذي عجز الأطباء عن معالجته، أخذت الكثير من الأدوية التي لا حصر لها، وما هي إلا قطع من العلكة، وحتى أكون صريحا: عندما كنت طفلا كانت أفكاري سليمة ومؤقتة، ولما كبرت وتعرضت لأشياء كثيرة بدأ التفكير باستمرار.

قصتي هذه تحتاج لكتاب من مئة ورقة حتى أستطيع إيصال المأساة لدكتور يفهمني، أرى لو توقفت عن التفكير لانتهت مأساتي، وسوف أعود إنسانا طبيعيا، ولكن كثرة التفكير جعلت رأسي يضخ دما كثيرا في العقل؛ مما جعلني أشعر أن رأسي ستوشك على الانفجار والصداع.

ما تشخيص حالتي، أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
رسالتك واضحة جدا، هذا التفكير المتواصل، وهذه الأفكار المتزاحمة التي أفقدتك هدوء النفس، وجعلتك أن تكون في حالة من اليقظة الفكرية المستدامة، في الفكر الذي يكون غالبا غير مجدي وغير مفيد، هي حالة معروفة، ودائما تكون مرتبطة بالمراحل العمرية، نشاهد ذلك فيما بين عمر تقريبا العشرين إلى الثلاثين، يحدث لبعض الناس، وقد ربطها علماء السلوك بالقلق النفسي الداخلي.

خير وسيلة لعلاج مثل هذا النوع من الفكر المهيمن والشاغل هو أن تجلس مع نفسك جلسة نفسية هادئة، وتحاول أن تدرج في سلم الأفكار لديك، أهم الأشياء التي يجب أن تنجزها، التي يجب أن تقوم بها.

الفكر الإنساني مهما كان متزاحما متشابكا مكثفا غير مجديا، دائما يكون في طبقات، فإذا جعلنا الطبقة التي تعلو هي الطبقة المهمة في حياتنا التي يجب أن ننفذها، والتي يجب أن نضع الآليات التي توصلنا إليها؛ هذا يقلل التكاثف والتزاحم الفكري السخيف.

مثلا إذا جعلت من أسبقيات فكرك أن تواصل دراستك مثلا، أن تتزوج إذا لم تكن متزوجا، أن تحفظ شيئا من كتاب الله، أن تنضم لعمل اجتماعي، أنا أعطيك مجرد أمثلة، أرجو إعادة صياغة الفكر، الأفكار لا تتزاحم عند الإنسان إلا أنه لم يحدد أسبقياته الفكرية، أرجو أن أكون قد أوضحت وأوصلتك لما هو مطلوب.

هذا طبعا يحتاج لتدريب، ولتمرين، ولصبر، ولتطبيق، لأن الفكر أصلا يهيمن ويتزاحم لأننا قد أضعفنا جانب الأعمال والإنجازات في حياتنا، فضع فكرة هامة كأسبقية في سلم أفكارك وطبقها، وطبع محتواها والتزم بذلك، هذا علاج وجدناه مفيدا جدا.

وأريدك أن تتمرن أو تتدرب أو تذهب لمعالج متخصص فيما يعرف بالاستغراق الذهني، يسمى باللغة الإنجليزية (Mindfulness) هذا من العلوم النفسية السلوكية المحترمة جدا.

الإنسان دائما يحاول أن يحل مشاكله لكنه قد يفشل، والإنسان يدخل في تجارب، مهما كثرت التجارب هذه وفشلت هذا لا يعني أنه لا يوجد حل للمشكلة، يوجد حل، فقط لم يسترشد الإنسان له، فيجب أن يواصل محاولاته.

الرياضة وتلاوة القرآن بتدبر يجب أن يكونوا جزءا من حياتك، وتطبيق تمارين الاسترخاء يجب أن تكون جزءا من حياتك، والتواصل الاجتماعي قطعا، هذا هو الذي تحتاجه، وتتناول أي دواء مضاد للقلق مثل دواء (زولفت) بجرعة حبة واحدة يوميا، ويضاف عليه حبة واحدة من عقار (دجماتيل) بجرعة خمسين مليجراما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات