السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري 21 سنة، طالب في الفصل الخامس بالجامعة، أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ طفولتي بسبب التخويف والترهيب والتسلط، وحتي الضرب الذي تعرضت له من قبل البعض، أثر ذلك بشكل واضح على دراستي وحياتي، فغالبا ما أنعزل وأنطوي عن الآخرين، وحتى أن عندي تبول لا إرادي، مع وصولي لسن المراهقة ازداد الأمر سوءا، أصبت باكتئاب حاد وعدم الثقة بالنفس، وعندي ضعف في مهارات التواصل، ولم يكن باستطاعتي زيارة الطبيب ماديا ولا نفسيا.
حاولت البحث عن حلول عبر الإنترنت، فهمت مشكلي واستوعبت الأمر، وحاولت مواجهة مخاوفي بالتدريج، لكن اكتشفت مشكلة أكبر من ذلك، وهي أن لدي رعشة، وبالتالي كلما حاولت التعرض لمواقف اجتماعية، ومحاولة التأقلم أفشل وتظهر الرعشة، وأفقد السيطرة على جسمي وأفكاري، ويصبح همي الذي يشغل تفكيري نظرة الآخرين، بعد الموقف أصاب باكتئاب وإحباط شديد، حتى الآن لم أزر الطبيب، أحاول البحث عن أدوية تساعدني على العلاج السلوكي.
تحياتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
بالفعل الرهاب الاجتماعي معظمه يكون ناتجا من تجارب سلبية سابقة، لكن لا أريدك أن تعيش في الماضي ومشاكل الماضي، الماضي قد انتهى وفي خبر كان، والحاضر هو الأفضل؛ لأنه الأقوى، وقوة الحاضر دائما أفضل من ضعف الماضي وتوجسات ومخاوف المستقبل.
فأرجو أن تنظر لنفسك بشيء فيه نوع من التأمل والاستغراق الذهني لتنظر إلى إيجابياتك الآن، لتنظر إلى إنجازاتك الآن، وانطلاقاتك المستقبلية، وما هي أهدافك وما هي طموحاتك، من ستكون أنت بعد خمس أو ست سنوات من الآن؟ قطعا الزواج، تحضير الماجستير، أو حتى الدكتوراه والعمل المتميز.
فأنقل نفسك إلى قوة الآن (الحاضر)، وقوة الآن سوف تنقلك إن شاء الله تعالى لأن تنظر للمستقبل بأمل ورجاء، وقطعا سوف تتناسى الماضي، هذا مهم جدا.
شيء ممتاز أنك تلجأ للعلاج السلوكي التدرجي، لكن أهم شيء أن تصحح مفاهيمك عن نفسك، وأهم شيء: يجب أن تدرك أنك لست بأقل من الآخرين، وفي ذات الوقت لا أحد يراقب مشاعرك أبدا، إن كان يأتيك تلعثم أو ارتجاف أو خفة في الرأس – كما يعتقد البعض – هذا لا يشاهده أحد ولا يعرفه أحد، وهذه المشاعر التي تأتي للإنسان الذي يعاني من المخاوف الاجتماعية وتأتيه مشاعر التغيرات الفسيولوجية هي مشاعر مبالغ فيها وليست حقيقة.
أيها الفاضل الكريم: هنالك أنواع من التفاعل الاجتماعي ذات الجدوى العلاجية العظيمة، مثلا: الصلاة مع الجماعة في المسجد، هذا قطعا فيه نوع من التفاعل الاجتماعي، ويا حبذا لو تنقلت بين الصفوف حتى تصل إلى الصف الأول، وفي الصف الأول نفسه انتقل لتصلي خلف الإمام، وحين تصلي خلف الإمام تصور أنه قد يطرأ طارئ على الإمام في أثناء الصلاة وكنت أنت الشخص الوحيد الذي له الكفاءة والمقدرة لتنوب عنه لإكمال الصلاة، وهذا موقف قد يحدث، حتى وإن كان نادرا.
فهذا نوع من التعرض النفسي في الخيال، لكنه مجد جدا، وفي الواقع الصلاة في المسجد هي تعرض اجتماعي ممتاز.
أيضا أريدك أن تمارس رياضة مثل كرة القدم مع أصدقائك وزملائك، هذا مهم جدا، يا حبذا لو انضممت لجمعية ثقافية أو اجتماعية أو جمعية لتحفيظ القرآن، أيضا هذا نوع من التعرض الرائع، ولاحظ: كل الأشياء التي نذكرها لك كوسائل علاجية سلوكية فيها أيضا فوائد دنيوية عظيمة وفوائد أخروية كذلك.
أبشرك بأن الأدوية سوف تفيدك أيضا، لكن الأشياء السلوكية هذه والتطبيقات هذه مهمة جدا، لأن الأدوية قد تفيد كثيرا، لكن بعد أن تتوقف عنها إذا لم تكن قد دربت نفسك سلوكيا ربما تحدث لك انتكاسة.
هناك دواء يسمى (زيروكسات CR) ابدأ في تناوله بجرعة 12,5 مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم اجعل الجرعة خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم اجعلها 12,5 مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12,5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12,5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله، دواء رائع، ودواء فاعل، وممتاز جدا لعلاج الرهبة الاجتماعية، كما أنه محسن للمزاج بصورة واضحة.
هنالك أيضا دواء داعم بسيط لعلاج الرجفة، الدواء ينتمي لمجموعة من الأدوية تعرف بـ (مثبطات البيتا)، هذا الدواء يسمى (إندرال)، ويسمى علميا (بروبرالانول)، أريدك أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.