السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة مراهقة عمري 17 سنة، منذ فترة 3 أشهر أصبت بنوبة ربو قوية فشعرت أنني أموت، فوضعت القرآن حتى ذهبت إلى المشفى، وبعد ذلك أصبحت أخاف من الموت.
أشعر أن عمري قصير، وأنني سأموت قريبا، أخاف من المصير بعد الموت، رغم أنني أصلي، وبدأت بحفظ القرآن، أحيانا أحاول أن أهدأ نفسي، وأقول: إن الله غفور رحيم، ولكنني أعود وأفكر في الموت، ولا يمكنني السيطرة، أبكي كل الوقت من الخوف.
أنا لست محجبة، ولست قادرة على لبس الحجاب لأسباب شخصية، فأخاف أن أموت وأنا لست محجبة، ويكون الله غير راض عني، ولا يدخلني في رحمته.
حاولت أن أستمع للكثير من المشايخ، ولكن لم ينفع، ومنذ فترة كنت أصلي صلاة العصر، وأثناء الصلاة أتاني شعور غير عادي لأول مرة، شعرت أن ملك الموت يقف ورائي، وينتظرني لأنهي صلاتي ليأخذ روحي، وعندما انتهيت اختفى ذلك الشعور.
طول اليوم، وفي الليل، وأنا نائمة، لا أعرف كيف أفسر ذلك؟ ولكن كأنني نائمة، وفوقي ملك الموت، كان غاضبا، وبنفس الوقت أرى نفسي أصلي صلاة العصر، وبعد ذلك استيقظت خائفة جدا.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سريا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتي الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
كوني على يقين أن كل أمور هذه الحياة تسير وفق ما قضاه الله وقدره فأنت مقدر لك أن تصابي بهذا المرض وهو مرض ليس مخوف فليس هو كالسرطان أو الفشل الكلوي مثلا فتلك أمراض مخوفة.
شدة الخوف قد تزيد من الحالة المرضية والرضى بقضاء الله والطمأنينة تريح الصدر كما أن اجتناب الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الربو أو زيادته مطلوبة منك وهذه الأمور سينصحك بها الطبيب المختص فعليك أن تقومي باجتنابها فالعمل بالأسباب مطلوب شرعا وعقلا.
أنت عندك نوع من الرهاب وهذا الرهاب من أمر لا بد منه لكل أحد للمريض والسليم فالموت نهاية كل حي وكل ذلك بتقدير الله تعالى.
لقد خلقنا الله لغاية واحدة في هذه الحياة وهي طاعته وعبادته كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
من جملة ما تعبد الله به المرأة مسألة الحجاب فلا تقدي مسائلك الخاصة على أمر الله تعالى وعليك أن تلتزمي بذلك وهذا هو الأصل والأسباب التي تجبر المرأة على عدم تغطية وجهها لا بد من دراستها ومن ثم الحكم بموجبها هل هي أسباب وجيهة أم غير وجيهة.
على المؤمن أن يحسن العمل وأن يكون متفائلا في حياته كما أرشدنا نبينا عليه الصلاة والسلام وأن يحسن الظن بالله تعالى ففي الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي ، إن ظن خيرا فله ، وإن ظن شرا فله).
عليك أن تتركي هذا الخوف الموهوم فالموت من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه، ولا تفتحي المجال للوساوس الشيطانية، فأنت بالإضافة إلى وجود هذا الرهاب عندك فعندك كذلك وسواس مثل -ما ذكرت- أنك تشعرين أن ملك الموت واقفا وراءك، فلما انتهيت من الصلاة ذهب ذلك الشعور، فالشعور بأنه واقف خلفك إنما هو من وساوس الشيطان الرجيم، فأوصيك أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم كلما أتتك هذه الوساوس حتى لو كنت في الصلاة انفثي عن يسارك ثلاث مرات من دون ريق واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم.
اقطعي الخواطر التي ترد إلى عقلك ولا تسترسلي أو تتحاوري معها فإن ذلك من أسباب تعميق الوساوس الشيطانية في العقل.
عليك أن تنظري فيمن حولك من المصابين في الربو، كذلك في الأمراض الخطرة كالسرطان مثلا وكيف أنهم لا يفكرون بما تفكرين به، فعليك أن تتناسي هذا الموضوع تماما وأن تحتقري هذه الفكرة الوسواسية الرهابية.
نوصيك بتقوية إيمانك بالله تعالى من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما يقول ربنا سبحانه وتعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي ربك أن يصرف عنك هذه الوساوس، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
حافظي على أذكار اليوم والليلة وأكثري من تلاوة القرآن الكريم فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
كثرة الذكر تطرد الشيطان ووساوسه كما قال سيدنا ابن عباس -رضي الله عنهما-: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجدين.