أخاف أن أدخل النار بسبب ذنوب ارتكبتها سابقًا.. أفيدوني

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا في الفترة الأخيرة تراودني أفكار بخصوص الحياة ما بعد الموت، وأجد نفسي خائفة جدا من دخول النار؛ لأني قرأت أن الله جل وعلا قد اختار من يدخل الجنة ومن يدخل النار من خلقه كما ذكر في بعض الأحاديث، وأخاف أن أموت على معصية وأدخل النار، خصوصا وأني أعاني من مشكلة إدماني للأغاني والمعازف، وهذا الأمر سبب لي قلقا وخوفا وتوترا شديدا في حياتي، أود أن أعمل الخير ولكنني صغير في العمر لا أخرج من المنزل، وسابقا كنت لا أحافظ على صلاتي -والحمد لله- بفضل ربي تبت عن ذلك الذنب العظيم، ولكنني أخاف أن أدخل النار بسبب ذلك أو بسبب ذنوب ارتكبتها مسبقا وأود التوبة، ولكنني لا أعرف من أين أبدأ لأتوب لله عز وجل ، وأخاف أن خوفي من النار يؤثر علي سلبا بحياتي؛ لأنني أفكر بهذا الموضوع بكثرة، ولا أعرف كيف أتوب لله عن معاصيي وكيف أعمل الخير ..

وعندما أصلي أشعر أحيانا بأن صلاتي طويلة ولا أعلم ما السبب، فيصيبني ذلك بالملل وأشعر بأنني قضيت وقتا طويلا بالصلاة، وأيضا في بعض الأحيان -أسأل الله أن يتوب علي- تفوتني بعض الصلوات بسبب نومي، فيأتي يوم لم آخذ فيه كفايتي من النوم، فأنام بعد صلاة الظهر، وأفوت صلاة العصر ..

أفيدوني، جزاكم الله خيرا .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شوق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة، وردا على استشارتك أقول:
إن الله تعالى خلقنا لغاية واحدة، وهي عبادته سبحانه وتعالى قال عز وجل: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).

قوة الإيمان من خلال أداء ما افترض الله علينا، والابتعاد عما حرم علينا تولد في النفس حاجزا يمنع من الوقوع فيما يغضب الله تعالى؛ فنوصيك بالاجتهاد في تقوية إيمانك وأبشري بالخير.

كوني على يقين أن التوبة النصوح تمحو ما قبلها من الذنوب مهما كانت قال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل لك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) وقال: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ۚ إن الله يغفر الذنوب جميعا ۚ إنه هو الغفور الرحيم) ويقول صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

قد تضعف النفس البشرية، فتقع في الذنب مرة أخرى، وفي هذه الحال يكرر التوبة مرة أخرى، ولا ييأس ولا يقنط من رحمة الله تعالى، ففي الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: (أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك).

من رحمة الله تعالى أنه فتح لعباده باب التوبة ولا ينغلق هذا الباب إلا إن طلعت الشمس من مغربها، أو بلغت روح العبد الحلقوم يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - عز وجل - يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)) ويقول: (إن الله عز وجل يقبل توبة العبد مالم يغرغر).

يجب أن تغلبي جانب الرجاء في الله تعالى، وقد حثتنا الشريعة الإسلامية على ذلك، وجانب الخوف مطلوب، لكن يجب أن يكون جانب الرجاء أعظم، فالخوف الشديد قد يسبب القنوط من رحمة الله تعالى، وإهماله يتسبب في الوقوع في الذنوب بحجة رجاء رحمة الله تعالى، ولهذا فقد نص العلماء أن الخوف والرجاء بالنسبة للمؤمن كالجناحين بالنسبة للطائر، فلا يستطيع أن يطير بدونهما.

نوصيك بكثرة تلاوة القرآن الكريم واستماعه والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، ففي ذلك طمأنينة للقلب وراحة للنفس ووقاية من وساوس الشيطان الرجيم والكفاية من شر كل ذي شر بإذن الله تعالى.

كلما أكثرت من القرب من الله تعالى كلما خفت عليك العبادات، واعلمي أن الشيطان الرجيم يوسوس للإنسان بالتكاسل عن أداء الصلاة وسائر العبادات، ويشعر العبد بأنها ثقيلة، وهي في الحقيقية ليست كذلك، كما قال تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة ۚ وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يغفر لك ذنوبك، ويستر عيوبك، وأن يرزقك الاستقامة على دين الله تعالى، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

أكثري من نوافل الصلاة والصوم، فالحسنات يذهبن السيئات يقو تعالى: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين).

رتبي أوقاتك ترتيبا صحيحا، ولا تعودي نفسك على السهر بالليل؛ فإن النوم في النهار يتسبب في تضييع بعض الصلوات والله المستعان.

لا تجعلي وقت الصلوات تخرج وأفضل ما تقومين به أداء الصلاة في أول وقتها، فإن لم تفعلي ففي وسط وقتها، ومن أدرك ركعة من الصلاة قبل أن يخرج وقتها، فقد أدركها كما أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات