السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 20 سنة، مقيمة مع أهلي في ألمانيا منذ 3 سنوات، تمت خطبتي على ابن خالة أمي خلال هذه السنوات، لا أشعر بالراحة، أتهرب دائما من موعد الزواج، وأحيانا أبكي بدون سبب، أيضا خلال تلك السنوات تخلى عني أصدقائي وأصبحت وحيدة لا أصدقاء ولا إخوة، وأشعر بألم الغربة ينهش قلبي من الداخل.
أنا لا أملك إخوة أو أخوات، أهلي لم ينجبوا غيري، إضافة إلى ذلك لا يوجد لدينا أقارب هنا في ألمانيا، وأرى أمي تتعذب كل يوم من الغربة، حتى أنها أصبحت لا تستطيع النوم في الليل ويصيبها أرق، لقد تحدد موعد الزفاف في الشهر الثاني، وأنا أشعر بعدم الراحة على الإطلاق، أشعر بألم في قلبي على الرغم من أن خطيبي على خلق وطيب، لكن أشعر أنه لا يفهمني، وأيضا لا أريد الابتعاد عن أهلي.
عندما أتزوج يجب أن أنتقل إلى مدينة خطيبي وهي تبعد عن المدينة التي أعيش فيها أربع ساعات بالسيارة، وأمي أصبحت تتعذب أكثر، ستبقى بمفردها لا أقارب لا أصدقاء، حتى أنا سأبتعد عنها!
أفكر بفسخ خطوبتي والعودة إلى بلدي مع أهلي، أعلم أن أمي لن ترتاح إلا إذا عدنا إلى البلد وأنا أيضا؛ فشعور الغربة قاتل، لكن أخاف من غضب الله، فهل الله سيعاقبني لأنني سأترك خطيبي بعد 3 سنوات؟ وهل خطيبي سيسامحني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Amal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على السؤال قبل اتخاذ القرار، نسأل الله أن يعينك على إكمال هذا المشوار، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
لك تحية على حرصك على بر الوالدة والشفقة عليها، ولكن أرجو أن تعلمي وتعلم الوالدة أن هذه هي الفطرة، وأن الحياة تمضي بالناس في هذا الاتجاه، وأن الأسر تتجمع لتفترق، وتفترق لتتجمع، وأن زواجك فيه مصلحة لك وللوالدة، فغدا سيكون للوالدة بنات بدل البنت الواحدة، وسيكون لها أحفاد، سيكون لها أطفال تسعد بهم.
ونحن نقدر المشاعر عندك وعند الوالدة، مشاعر الفراق صعبة، لكن عندما يكون الفراق لتأسيس أسرة جديدة، لبناء بيت، لإكمال نصف الدين؛ فإن التضحيات يجب أن تكون واضحة.
وأريد أن أؤكد أنك تستطيعين أن ترتبي مع هذا الخاطب أن تكون معكم، خاصة وهو ابن خالة لقربه، وأمك خالته، فهو ليس من الأبعدين، وهذا من فوائد الزواج من إنسان له صلة قرابة، فيمكنكم أن ترتبوا وضع الوالدة، إما أن تعودوا إلى الوطن، أو أما أن تكون الوالدة إلى جواركم، يعني: ترتبوا الأمر الترتيب المناسب لكم ولها.
واعلمي أن الوالدة رغم انزعاجها ورغم توترها ورغم أنها تكون واحدة إلا أنها في قرارة نفسها على قناعة أن الخير لك في أن تتزوجي، وأن مصلحتك في أن تكملوا هذا المشوار، خاصة بعد أن ذكرت أن الشاب طيب وإنسان -ولله الحمد- مثله لا يرد، وبالتالي نحن لا ننصح أبدا برفض الزواج، أو التفكير في فسخ هذه العلاقة، وإنما نوصي بإكمال المشوار، ولا شك أن الأمر سيكون حرجا حتى من الناحية الشرعية بعد طول الانتظار وبعد الأمد الذي عقده هذا الشاب.
عليه: نحن نوصيك بإكمال المشوار، وأمورك أنت والوالدة كلها سيرتبها الله تبارك وتعالى، فالأمر بيد الله، له الأمر من قبل ومن بعد، سبحانه وتعالى، فاستعيني بالله، وتناقشي مع هذا الرجل المتقدم لك حول مستقبل الوالدة، وحول وجودكم في ألمانيا أو عودتكم إلى البلد الأصلي، يعني: رتبوا هذه الأوضاع، هذه أمور يأتي الوقت الآخر لترتيبها، والوالدة لن يضيعها الله تبارك وتعالى، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينكم على الخير، وأن تصلوا إلى الحلول المناسبة.
لكن لا نؤيد فكرة فسخ الخطوبة أبدا للسبب المذكور، وأرجو أن تحافظي على مثل هذا الشاب؛ فمثله نادر، وقد جاء لداركم من الباب، وهو إنسان طيب – كما أشرت – فلا تفرطي في هذه العلاقة التي نؤكد أن فيها مصلحة لك وله وللوالدة وللأسرة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.