هل أتخلى عن أحلامي في الدراسة والعمل وأتزوج؟

0 36

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة جامعية، لدي أحلام وأهداف أرغب في تحقيقها، ولطالما حلمت بالدراسة في الجامعة والتخرج والعمل وتحقيق ما كنت أطمح له، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان إذ في السنة التي كنت سأتخرج فيها من الثانوية تقدم أحدهم لخطبتي، وهذا كان أكبر كوابيسي، فمن عاداتنا أن من تتزوج تتوقف عن الدراسة والعمل وتبقى حبيسة المنزل تقوم بما على المرأة فعله.

رفضت في البداية بحجة إكمال دراستي، لكن والدي أصرا على أن أقبل به، وكل شخص أعرفه نصحني بأن أقبل به إذ لن أجد شخصا مثله إذا ما رفضته، وحتما سأندم على رفضي له في المستقبل، لكن مخاوفي كانت هل هو مثلما يقول الناس عنه أنه ذو دين وأخلاق؟ وهل أثق بحكم الناس عنه؟ لأني لا أثق بالناس عادة، وهل سأكون سعيدة إذا تزوجت وتخليت عن كل ما أحلم به؟ وهل سأندم إذا ما رفضته؟ وإذا قبلت به هل سأندم بعد ذلك؟ علما أني صليت صلاة الاستخارة مرات عديدة، ولا أعلم ما الذي علي فعله.

وهناك أمر آخر فكلما رأيت صورته، أو ذكرني أحدهم به أجهش في البكاء بدون سبب، أنا حقا حائرة ما الذي علي فعله؟ أرجوكم انصحوني.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا ومرحبا بك، ونشكر لك تواصلك معنا ووعيك في استشارتنا في أمورك الخاصة.

مشكلتك تكمن في رغبتك في إكمال الدراسة الجامعية وتحقيق طموحك وأحلامك، وفي الوقت نفسه تقدم إليك الخاطب المناسب ذو الخلق والدين، ووالداك ليس لديهما مانع، والآن أنت محتارة ما بين الدراسة والزواج، وخاصة أن العادات والتقاليد تشترط عليك ترك الدراسة بعد الزواج، وبناء عليه سوف أجيبك، وأتمنى أن تصغي لي جيدا لما فيه مصلحتك، والله ولي التوفيق.

بنيتي: كي نحسم الأمر ونقرر القرار الصائب، علينا أن نفكر جيدا، حتى لا تكون نتيجة هذا القرار مؤلمة علينا، ولذلك نقول لك: الدراسة أمر مهم، وشهادة الجامعة مهمة جدا، وأنت تملكين القدرة وتملكين المستوى التعليمي، والحق يقال إن الزواج المبكر فطرة البشر التي فطرنا الرحمن عليها، ونحن محتاجون أن نشبع حاجاتنا العاطفية والجسدية، وأنت في مرحلة حساسة من حياتك، وتقفين أمام قرار صعب، وأريدك أن تعلمي أن من فضل الله على أمة سيد البشر أن جعل للجميع حقوقا وواجبات، فالمرأة في الدين الإسلامي جعل الله لها حقوقا لا يجوز لأحد أن يمسها، ومن أهمها الزواج، لذلك جعل الأمر متروكا إليها؛ فهي صاحبة القرار، لها أن توافق ولها أن ترفض، وليس للأولياء أن يجبروها عليه أو يمنعوها إذا وجد صاحب الخلق والدين.

وأنظري إلى من واصلن الدراسة الجامعية بعد الزواج والإنجاب، ولدينا الكثير من النماذج التي حققت نجاحات مبهرة ومميزة بعد الزواج، وقد سئل الإمام ابن حنبل -رحمه الله-: إلى متى سوف تستمر في طلب العلم وقد أصبحت إماما للمسلمين وعالما كبيرا؟ انظري ماذا قال: فقال له (مع المحبرة إلى المقبرة) ويعني بذلك أنه سيستمر في طلب العلم إلى أن يموت ويدخل القبر، فليكن لك بهذا الإمام قدوة حسنة.

انظري لها نظرة تفاؤل وأمل ورضى بما أنعم الله عليك من نعم، مثل: العلم، والأخلاق، والدين، والنسب، واعلمي أنك لست كبيرة لدرجة أن تخافي أو تجعلي همك الأكبر هو الزواج، فعليك أن تتعلمي كيف تتخذين قرارا، فحياتنا كلها عبارة عن قرار يتخذ، إن كان على صعيد العمل أو العلاقات الاجتماعية، أو قبول أو رفض خاطب.

وبعد السؤال والتحري عنه تبقى أمور لا يعلمها إلا الباري عز وجل؛ وخصوصا أن قرار الزواج هو قرار مصيري نلجأ إلى الاستخارة بعد الاستشارة، وإذا شعرت بالارتياح للمعلومات التي حصلت عليها، فلا مانع من الرؤية الشرعية، واكتبي على ورقة كل الأمور التي تودين معرفتها منه، وبطريقة ذكية اطرحي عليه الأسئلة، وليس بأسلوب التحقيق، إنما بأسلوب التعرف على شخصيته.

وإذا وجدت أن هذا الخاطب كفء ومناسب لبناء حياة زوجية يسودها الاحترام والتفاهم والتكامل، وافقي عليه بعد التوكل على رب العباد وحسن الظن به، ففي الحديث القدسي يقول الرحمن لنا: [أنا عند ظن عبدي بي، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر]، لذلك انظري إلى نفسك بثقة وقوة، وأحسني الظن بالمستقبل، لأن الله لا يرضى لنا الشقاء.

أما بالنسبة إلى قولك " كلما رأيت صورته أو ذكرني أحدهم به أجهش في البكاء بدون سبب أقول لك: إن كان صاحب خلق ودين سوف يقدرك ويحترمك، بشرط أن تتبعي ما نصحتك به، وعلى الله التوفيق والاتكال.

ولا تنسي أن تصلي صلاة الاستخارة والدعاء قبل الرؤية الشرعية، وهي صلاة ركعتين من غير الفريضة، ويفضل في الثلث الأخير من الليل، وبعد التسليم ادعي بالقول: [اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر "وتسميه بالاسم زواجي من فلان" خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فأقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به.

وبعد الرؤية الشرعية فإن لم ينشرح قلبك فلا مشكلة في الاعتذار، وأنصحك أن تجلسي مع أهلك وتخبريهم بصراحة وبكل أدب واحترام خلال شرح ما تعانيه من عدم قبولك أو ارتياحك للخاطب، وهذا من حقك، فهذه حياتك، والزواج ليس فيه مجاملات أو رضى الأهل على حساب حياة الأبناء.

حافظي على الصلاة، وأكثري من التقرب إلى الله من خلال الالتزام بشرعه من حجاب وصوم وزكاة وما شابه، ولا تنسي أن التوفيق من بر الوالدين ورضاهما، فاحسني من معاملتك معهما.

وفقك الله لما يحب ويرضى، ونور دربك بالمحبة والعطاء والخير، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك.

مواد ذات صلة

الاستشارات