أشعر بالحزن الدائم دون سبب، أفيدوني بنصحكم.

0 29

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة مرحة تضحك كثيرا رغم هذا أنا كئيبة، مرحة في المدرسة وكئيبة في البيت، دعوني أشرح حالتي وأعرفكم أكثر على نفسي لتشخيصها.

عمري 14 سنة ونصف، أنا طالبة أدرس، أحب العلوم والنباتات والطبيعة، ألواني المفضلة هي:

الأسود: لأنه لون الليل والهدوء.

الأخضر: لأنه لون الجمال والطبيعة.

الأبيض: لأنه لون الصفاء والنقاء.

أحب الملابس الفضفاضة والمريحة (أحاول أن أعرفكم على نفسي)، أصلي كل صلاة بوقتها، وأدعو الله أن يفرج همي وكربي.

بدأت كئابتي قبل عام ونصف في سنة 2019، لقد كنت أضحك كثيرا من غير سبب، سعيدة جدا ومتفائلة وإيجابية كثيرا، رغم هذا كان يوجد داخلي حزن بسيط بسبب حادثة مررت بها لا يمكنني قولها، لقد نسيت هذه الحادثة، وقلت شيء ذهب وأصبح من الماضي.

تحسنت كثيرا، وبطبعي أنا مرحة كثيرا، بعد أشهر قليلة رجعت الكآبة دون سبب، فبعض حزني بسبب وأغلبه من غير سبب.

أنا وأمي في أغلب الأوقات لا نتفاهم، لقد حاولت أن أتفاهم معها دون جدوى، وحاولت أن أتكلم معها ولكن دون جدوى.

أعلم أنني يوما من الأيام سوف أكون الفتاة التي تفخر بها أمها وعائلتها جميعا، عندما أذهب للدراسة وأنا أريد ذلك ومتحمسة لا أستطيع، أحاول كثيرا وفي نهاية المطاف أدرس في وقت متأخر والجميع نائم، أشعر باكتمال روحي وايجابيتها عندما أجد نفسي وحدي، أنا حزينة من غير سبب دائما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لذيذة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك -أيتها الأميرة صاحبة الابتسامة الجميلة-.
سعدت جدا بطريقة طرحك للاستشارة وطريقة التعبير عن نفسك، وماذا تحبين من الالوان وكل لون (الأسود والأخضر والأبيض) ماذا يعني بالنسبة لك، وربطه بالحياة والتفائل والحب والسعادة، وهذا الطرح إن دل على شيء دل على أنك فتاة مفعمة بالحياة، صاحبة تفكير إيجابي، ومتفائلة إلى أقصى الحدود، وطموحة جدا رغم تكرار كلمة أنا (حزينة).

وأنا أعتقد أنك بحاجة إلى فهم وتوضيح المرحلة العمرية التي تمرين فيها وهي عمر المراهقة، وعليه سأقدم لك الشرح:

تمر المراهقة بتغيرات هرمونية تصاحب مرحلة البلوغ، والتي تبدأ عادة بين عمر 10 أعوام إلى 14 عاما، وأغلب هذه التغيرات تكون في الهرمونات الجنسية، والتي تتزايد بسرعة عند الإناث والذكور؛ وهي واحدة من الأسباب الأساسية والمباشرة لتغير المزاج عند المراهقين.

ونجدر أيضا مزاجه متعكر دائما ويشعر فجأة بالحزن الشديد أو الفرح الشديد، يرفض الانقياد لأوامر والديه، يميل للعزلة ويبدو فاقدا للاهتمام بأي شيء حوله، وفجأة تبدو عليه السعادة والنشاط.

وبسبب هذه التغيرات يحدث للمراهق اضطراب في المشاعر، ويشعر بالتشوش وعدم الراحة، وهذا يفسر لماذا يتصرف بطريقة غير عقلانية خصوصا مع الوالدين وأفراد العائلة.

التغيرات الهرمونية يتبعها تغيرات في شكل الجسم، مما يشكل ضغطا كبيرا وعدم شعور بالراحة، ويعتمد المراهق في عالمه على السرعة والمنافسة، وهذا يضعه في ضغط مستمر بشأن تحصيله الدراسي أو حتى نجاحه في هوايته، أو رياضته المفضلة، وهذا الضغط الشديد ينتهي لإصابته بالحزن الشديد، أو التقلبات المزاجية أو الاكتئاب، عندما يشعر أنه فاقد السيطرة في هذا العالم المتسارع.

لذا من الضروري جدا أخذ قسط كاف من الراحة والنوم لفترة تتراوح ما بين 8 إلى 9 ساعات، فقلة النوم والسهر يساعد في زيادة التقلبات المزاجية لدى المراهق.

وبعد قراءة هذه المعلومات أرجو أن تساعدك على فهم نفسك، فالمعرفة علاج وحل.

وأما بالنسبة لعلاقتك بوالدتك، والمشاكل التي تحصل بينكما؛ فاعلمي -بنيتي- أن أغلب البيوت العربية تعاني من هذه المشاكل بسبب القرب الزائد في العلاقات، والمكوث مطولا في المكان ذاته، المهم هو الطريقة والآلية التي نعالج بها هذه المشاكل، هل بروح التسامح والصبر أم نسعى لتضخيم المشاكل، وهل العلاقة يسودها الاحترام المتبادل بين الأسرة، أم المناخ والأجواء تشبه ميدان معركة، وننتظر إعلان الفائز؟

وصحيح أننا لا نجد العلاقة بين الأم وابنتها دائما على ما يرام، وكثيرا ما نجد من الخلافات التي لا تخلو منها البيوت، وبالمقابل يجب علينا أن لا ننسى أن هذه الأم هي التي حملت وربت، وأرضعت وسهرت من أجلنا؛ لذلك علينا ان نتذكر أن الحياة قصيرة، وأصحابها راحلون.

عليك أن تعذري أمك؛ لا تجعلي وساوس الشيطان تحرمك من حنان أمك وتبعدك عنها؛ فهي أكثر البشر خوفا عليك وحبا لك، لذا علينا أن نتحلى بالروح الرياضية، وألا نضخم الأمور أو نوقف حياتنا عند حدث أو شجار مع الوالدة، أو سوء فهم تصرفات الآخرين.

الحل الوحيد أن تجدي لنفسك منهجا جديدا بالتعامل، وعليك أن تخففي الشكوى والتذمر، وأن تحافظي على ابتسامتك الجميلة، راضية بما قسم الله لك، وأن تشعري بنعمة أن لك أسرة، وتذكري أن هناك الكثيرين ممن حرموا هذه النعمة.

ونظرتك التي وصفتها وقلت إنها أصبحت كئيبة؛ بإمكانك أن تسعي إلى تغييرها لتصبح وردية ومفعمة بالحياة مثل ألون النباتات التي تعشقينها، فنحن خلقنا لنعيش الحياة ونتمتع بما أنعم الله علينا من نعم ضمن الحدود الشرعية، فنحن لدينا الكثير من الأجواء الإيجابية في عالمنا العربي والإسلامي، فقط انظري حولك.

وأنصحك أن تبادري بالتقرب من والدتك، ومساعدتها في الأعمال المنزلية.

أنت في عمر الزهور، اهتمي بنفسك وكل ما يخص زينة الأنثى، وتزيني في المنزل واحبي نفسك ولا تعطي الأمور أكثر من حجمها، وركزي في مستقبلك، وليكن هدفك في الحياة التميز والارتقاء والحصول على شهادة الدكتوراه.

أنصحك بالانتماء إلى أحدى الجمعيات الخيرية المعنية بالحفاظ على البيئة في فلسطين الحبيبة، شاركي بالأنشطة التطوعية المختصة بالحفاظ على البيئة، ويمكن تنظيم نشاطات متنوعة مثل النزهة والرحلات والزيارات والمشاهدات، والعمل في حديقة الخضروات أو في الحقول والمهام المتعلقة بحماية الطبيعة والنباتات والحيوانات وغيرها من الأمور.

ارفعي من قدر نفسك، واعلمي أن محبتك لله أولا ثم لنفسك ثم الآخرين سوف تجعل منك فتاة قوية تمتاز بعلو الهمة، مقبلة على الحياة بروح الثقة بالله وبشغف، وليكن هذا شعارك في الحياة؛ وهذا سوف ينعكس إيجابيا على طريقة تفكيرك.

اهتمي بنفسك ولا تهمليها، ولا تسترسلي بالأفكار السلبية، والتي تنعكس على صحتك ونفسيتك؛ حتى لا تصابي باكتئاب مزمن، فأنت تمرين في فترة المراهقة، وبحاجة إلى تعديل طريقة ونمط حياتك في التعامل والدتك وجميع أفراد أسرتك قبل أن تخسري روحك العاشقة للحياة.

من أعظم أبواب السعادة دعاء الوالدين فاغتنميه ببرهما ليكون دعائهما لك حصنا حصينا من كل مكروه، وخاصة دعاء الأم.

أشغلي نفسك بالتقرب إلى الله -عز وجل-، وأكثري من الاستغفار والدعاء أن يرفع الله عنا البلاء والظلم، وأن يحفظ الله لنا أقصانا وقدسنا إلى يوم الدين.

هل تعلمين أن النباتات تمتاز بأنها تصنع غذاءها بنفسها، فهي ليست بحاجة إلى أن تأخذ غذاءها من الكائنات الحية الأخرى، كما تفعل باقي الكائنات؟ فسبحان الخالق يا بنيتي.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات