السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا امرأة مؤمنة، أحافظ على صلاتي، وأقوم بحفظ بعض السور من القرأن الكريم والأحاديث النبوية، متلزمة بقراءة الأذكار وبعض الأدعية.
بعد ولادتي الأولى: أصبحت أخاف من الموت، وأفكر كثيرا فيه، حتى أصبح كل تفكيري بالموت، وأني سأترك الدنيا.
لكن بعون الله تغلبت على الأمر نوعا ما بقرءاة الأذكار والرقية الشرعية؛ لاسيما أن هذه الأفكار رجعت تراودني كثيرا، ومعها أصبحت أفكر بذات الله والرسول صلى الله عليه وسلم.
أنا خائفة كثيرا، وأحاول أن أشغل نفسي عندما تروداني هذه الأفكار، وأنا أقرأ آمنت بالله ورسوله، وأعوذ بالله مقلب القلوب، فضميري يؤنبني أن الله غاضب علي بسبب هذه الأفكار التي تراودني، وأحتاج للمساعدة؛ فأنا أم لطفل لا يتجاوز السنة، لكن هذه الأفكار ستقتلني إن لم أتغلب عليها.
أحاول كثيرا، أن أوقف الأفكار، وقرءاة الأذكار والمعوذات، لكن عندما أسمع حديثا أو أية من آيات الله تروداني هذه الأفكار، أرجو المساعدة؛ فأنا لا أحتمل هذا الحال، وقد لجأت إليكم من بعد الله، فأنا لا أستطيع أنا أخبر أحدا، لكن بفضل الله برغم من كل هذه الأفكار أحافظ على صلاتي، وأقرأ القرآن والأذكار والأدعية، وقلبي رافض لهذه الأفكار، لكن عقلي لا يستطيع التوقف.
ساعدوني ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rowa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الفاضلة- وردا على استشارتك أقول:
اعلمي -أختنا الفاضلة- أن هذه وساوس شيطانية يريد من خلالها إفساد حياتك والشيطان الرجيم هو من ألد أعداء الإنسان، ومع هذا فهو ضعيف جدا، لذلك لا يقوى على مواجهة الإنسان من أجل هذا لجأ إلى الكيد عن طريق الوسوسة يقول تعالى: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا).
ما منا من أحد إلا ويوسوس له الشيطان حتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوسوس لهم في أمور كثرة في الصلاة بل وفي ذات الله سبحانه ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول: من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته).
تعامل الناس مع الوساوس على نوعين الأول: يحتقرها ولا يعيرها أي اهتمام ويقطعها أول ما تأتيه ولا يتحاور معها أبدا، وهذا الصنف لا تضره تلك الوساوس وينصرف عنه الشيطان ويخنس.
والنوع الثاني: يتقبلها ويتحاور معها فهذا الصنف هو الذي يفترسه الشيطان الرجيم فلا تكوني من هذا الصنف بل كوني من الصنف الأول.
كلنا سنموت، ولين يخلد أحد في هذه الدنيا، فحين يأتي أجل كل إنسان يموت، ولكن الشيطان يريد أن يفسد حياتك من خلال هذه الخواطر، ويسبب لك الحزن والخوف والهلع، من أجل أن تتخلصي من هذه الوساوس عليك أن تحتقريها ولا تسترسلي أو تتحاوري معها، وعليك أن تقطعيها فور ورودها مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أرشدنا نبينا عليه الصلاة والسلام.
حافظي على الصلاة في أوقاتها، وأكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيعينك على طرد الشيطان الرجيم لأن الشيطان الرجيم يجثم على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن غفل وسوس يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).
احذري من البحث في النت عن هذا الموضوع أو النظر في اليوتيوب؛ لأنه إن حصل ذلك فاعلمي أن الشيطان هو الذي يوسوس لك بذلك، لأنه لا يريد أن تخرجي من هذا الموضوع، ويبقيك في دوامة لا نهاية لها.
من حولك من الناس يعيشون حياتهم بشكل اعتيادي ولا تأتيهم هذه الأفكار الشيطانية؛ كونهم يحتقرون تلك الوساوس ويقطعونها فور ورودها، صحيح أنهم يتذكرون الموت ولكن ليس كهذه الوساوس التي تفسد الحياة.
لا يعلم أحد متى يأتي الموت للإنسان إلا الله تعالى قال ربنا في القرآن الكريم: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) فلا تلتفتي لوساوس الشيطان الرجيم ولا يخوفنك بوساوسه.
من رحمة الله بعباده أنه أخفى الموت عن عباده حتى لا يقنطهم، ولو أنه أعلم كل إنسان بوقت موته لأصيب كل واحد بالهلع والخوف، ولتعطلت حركة الحياة، فسبحان الحكيم الخبير.
من أسباب طرد الشيطان الرجيم الأذان؛ فكلما أتتك هذه الأفكار أذني، ومنها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، مع النفث عن اليسار ثلاثا.
انهضي من المكان الذي تأتيك فيه هذه الأفكار، واشغلي نفسك بأي عمل يلهيك عن هذه الأفكار.
احذري من الخلوة؛ فإن الشيطان يختلي بك ويكثر من وساوسه، فعيشي مع أفراد أسرتك.
أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، وحافظي على أذكار اليوم والليلة؛ فذلك سيعينك على الانتصار على الشيطان الرجيم ووساوسه.
شغلي تلاوة سورة البقرة في البيت عبر الهاتف أو غيره؛ فإن الشيطان لا يدخل البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
احرصي على أذكار الخروج من البيت والدخول فيه، وأذكار الطعام، وأذكار دخول الخلاء، وأذكار النوم، ففي ذلك وقاية من الشيطان الرجيم.
من جملة وساوس الشيطان أنه يوسوس لك أن الله غاضب عليك من أجل هذه الوساوس، وهذا تخرص وكذب، فالله تعالى لا يؤاخذ العبد على الوساوس؛ لأنه خارجة عن إرادته.
قولك أنك تقومين بعد التفكير وتقرئين الأذكار والمعوذات فتصبحين طبيعية هذا لأنك أتيت بالعلاج الناجع من هذه الوساوس فعليك أن تستمري عليها وأن تعزمي على الانتصار على هذه الوساوس.
إذا سمعت حديثا عن الدين أو آية قرآنية فأتتك هذه الوساوس فاحتقريها واقطعيها فورا، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وقل أعوذ برب الناس.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يصرف عنك الشيطان ووساوسه إنه على كل شيء قدير.