بعد الإنجاب افتقدت للطاقة وللدافعية، فما مشكلتي؟

0 31

السؤال

السلام عليكم.

كنت مهندسة أعمل بشركة خاصة، تزوجت وتركت العمل بطلب من زوجي، وحملت فورا وكنت سعيدة بالحمل، رزقت بطفلة أحبها جدا، والآن عمرها سنتان، ومنذ سنة وحالتي النفسية في تدهور.

ابنتي ترهقني كما حال جميع الأطفال، ولكني لم أعد أتحملها كالسابق تتعبني بالنوم كثيرا؛ فأصبحت أمل من المسؤولية، وساءت بسبب ذلك علاقتي الجنسية بزوجي، كما أن غلاء المعيشة والديون أرهقتني وأرهقته، أعاني من صراع شديد بين رغبتي الشديدة بالانتاج والعمل، وحبي لابنتي وبيتي، لم أستطع العودة للعمل؛ لأني أريد إنجاب أطفال آخرين، ولكن هذا الصراع مع الضغوطات والمسؤوليات ولد عندي حالة كآبة أحسها بتزايد.

أشعر بالحزن دائما، أنام لفترات طويلة، عدم وجود شغف، أو حب لشيء أو أحد، عدم وجود طاقة لعمل شيء، أصبحت إنسانة ملولة لا أستطيع الضحك.

أحيانا أنقم على ابنتي؛ لأنها سبب ذلك، ولكني سريعا ما أبعد الفكرة عني، حاولت إيجاد عمل جزئي، لكني لم أستطع إعطاءه الطاقة اللازمة لكثرة المسؤوليات فلم أنجزه كما يجب؛ مما زاد حالتي سوءا وأحسست بالفشل، أعطي نفسي أحيانا رسائل إيجابية، وأتواصل مع من حولي، فتتحسن حالتي جزئيا، ثم تعود لتسوء مع أول مشكلة أو ضغوطات.

خوفي الأكبر أن تزداد حالتي سوءا بوجود طفل آخر، لو سمحت ما تشخيص حالتي؟ وهل أنا بحاجة لاستشارة من دكتور نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ أم الحسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك بنتنا الفاضلة، وشكرا على التواصل مع الموقع، ونحيي حسن العرض للاستشارة، وأرجو أن تستفيدي من إجابة الدكتور محمد المختص، فقد وصلت إلى الطبيب النفسي الذي ستجدين منه الفائدة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يقر أعيننا جميعا بصلاح الأبناء والبنات.

أحب أن أقول: ما خسرت من أنجبت طفلة وسعدت في بداية حياتها واختارت هذا الطريق، ونحب أن نؤكد لك أن هذه الأمور ينبغي أيضا أن يكون هناك توافق بينك وبين الزوج، بأن تضعوا تخطيطا وبرمجة للحياة، والإنسان ينبغي أن يتعرف على نعم الله تبارك وتعالى عليه ليؤدي شكرها، ودائما نحن بحاجة إلى أن نستخدم المعيار والميزان النبوي: (انظروا إلى من أسفل منكم) يعني في أمور الدنيا، (ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم)، أما في أمور الآخرة فالإنسان ينظر إلى من هم أعلى منه ليتأسى بهم ويسير على دربهم وخطاهم.

وأعتقد أنك كمهندسة وكإنسانة متعلمة تستطيعين أن تعيدي برمجة الحياة، وإعادة جدولة الأهميات في حياتك، ومعروف أن الأزواج من حقهم أن يتشاوروا في مسألة تأخير الإنجاب أو تنظيم النسل، وطبعا تحديد النسل مرفوض، لكن تنظيم النسل لا إشكال فيه بما يراعي أيضا مصلحة الأسرة والتخطيط لمستقبلها، ومصلحة حتى هؤلاء الأطفال الذين نسعد بهم ونسعد بوجودهم.

وأنا أحب أن أؤكد أن ابتسامة الطفلة قادرة على أن تنسي الإنسان كثيرا من الأتعاب وكثيرا من الآلام.

ننصحك بما يلي:

أولا: كثرة الدعاء لنفسك ولطفلتك ولزوجك.
ثانيا: التفكير بطريقة إيجابية.
ثالثا: وضع جدول وأهداف للحياة تشتركين فيها مع الزوج.
رابعا: أرجو ألا تقفي طويلا أمام المواقف السالبة.

الأمر المهم هو حسن التوكل على الله تبارك وتعالى، والاستعانة به، وعدم التأثر بالظروف العالمية المحيطة بالبشرية، والتي جعلت فرص العمل فيها نوع من التعقيد، وكذلك فرص الحياة، ولكن نحن ولله الحمد كمؤمنين نتذكر كلام النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، إذا مس بالسراء عم سرورها، وإن مس بالضراء عقبها الأجر، فمن على وجه الأرض أسعد من مسلم ومسلمة يرضى بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، ويبدأ يكيف نفسه حسب الظروف التي تمر على الإنسان.

وعلينا أن نتذكر كلام النبي صلى الله عليه وسلم: (من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، فالإنسان عندما يعرف النعم يؤدي شكرها فإنه ينال بشكره لربه المزيد.

وأرجو أيضا ألا تؤثر هذه الضغوط على الطفلة؛ فلا ذنب لأطفالنا في ضغوطات الحياة التي تواجهنا، والإنسان عليه أن يواجه هذه الضغوط بمزيد من اليقين، وبمزيد من التوكل، والمحافظة على الأذكار، وكثرة الاستغفار، وبكثرة الصلاة على النبي المختار، وبالدعاء، وشغل النفس بالمفيد، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يتولانا وإياك برحمته.
++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي المستشار التربوي والشرعي، وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
++++++++++++++++++
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

رسالتك واضحة جدا، حيث إنها صيغت بصورة ممتازة جدا، والذي تعانين منه من الواضح أنها أعراض اكتئابية بسيطة، (كثرة النوم وافتقاد الطاقات النفسية وكذلك الجسدية وضعف الدافعية والتملل) هذه كلها علامات من علامات الاكتئاب النفسي البسيط.

طبعا فترة النفاس نحن نعتبرها سنة واحدة بعد الوالدة من الناحية النفسية، وهذا يجعلني أقول أنك قد خرجت من دائرة اكتئاب ما بعد النفاس؛ لأن الحالة قد بدأت تقريبا قبل سنة من الآن، ربما يكون أصلا لديك شيء من الاستعداد والقابلية لعسر المزاج، وبعد ذلك – كما تفضلت – تركت العمل وتفرغت للحياة الأسرية، وهذا بعد فترة أشعرك بأنك في حاجة إلى العمل، وفي ذات الوقت أتت الطفلة – حفظها الله – وطبعا متطلباتها كثيرة في هذه المرحلة، ويعرف دائما أن الطفل الأول قد يشكل عبئا تربويا على الوالدين خاصة الأم، وذلك نسبة لافتقاد الخبرة والمهارة في التنشئة مهما كانت الأم حاذقة، ومهما كانت جيدة وذات خلفية تعليمية عالية، لكن هناك شيء مفقود وهو الخبرة، الخبرة مهمة في كل شيء.

عموما: حالتك -إن شاء الله- حالة بسيطة، وقد أحسنت في أنك قد تواصلت معنا؛ لأن الحالة يمكن أن تعالج، حالة الضجر هذه دليل قطعا على وجود مزاج اكتئابي، ولكنه بسيط إن شاء الله تعالى.

أريدك أن تستمري في إرسال الرسائل الإيجابية لنفسك، واجتهدي في التواصل الاجتماعي؛ لأنه مهم جدا، بل الحرص على الواجبات الاجتماعية أيضا يجب أن يكون أحد أهدافك الأساسية في هذه المرحلة، وحسن إدارة الوقت مهمة جدا.

تجنبي النوم النهاري بقدر المستطاع، وحاولي أن تنامي ليلا، هذا أيضا بقدر المستطاع؛ وقطعا الطفلة غالبا تستيقظ في أثناء الليل، لكن هذا كله يمكن أن يدبر وينسق مع زوجك.

أيضا أتمنى أن تمارسي بعض التمارين الرياضية خاصة رياضة المشي، وأريدك أيضا أن تقومي بإجراء فحوصات طبية عامة: تأكدي من مستوى الهيموجلوبين لديك؛ لأن فقر الدم أحيانا يؤدي إلى افتقاد في الطاقات النفسية الجسدية، وربما يدخل الإنسان في حالة اكتئابية، تأكدي أيضا من مستوى وظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12)، هذه مؤشرات مهمة جدا، في بعض الأحيان وجود خلل فيها له علاقة بالناحية المزاجية عند الإنسان.

أنت تحتاجين لعلاج بسيط، علاج دوائي أيضا، وإن ذهبت إلى طبيب نفسي فهذا أمر جيد، وإن لم تستطيعي أن تذهبي إلى طبيب فعقار (بروزاك) والذي يسمى (فلوكستين) هو الدواء الأفضل في حالتك؛ لأنه يحسن الطاقات النفسية وكذلك الطاقات الجسدية، وطبعا يعالج الاكتئاب بدرجة ممتازة جدا.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بعشرين مليجراما (كبسولة واحدة) يوميا لمدة أسبوعين، ثم تجعلي الجرعة أربعين مليجراما يوميا – أي كبسولتين – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضيها إلى كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقفي عن تناول الدواء. الدواء دواء ممتاز، وسليم جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات