السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 30 سنة، عزباء، طبيبة، ومن عائلة ميسورة، و-الحمد لله- ملتزمة بأداء الفروض، مشكلتي في تأخر الزواج، حيث تقدم لي عدد من الخطاب، لكني لم أتقبلهم إما من ناحية الشكل أو الوضع الاجتماعي، أو الشهادة، أو الطريقة التقليدية للزواج.
وإذا وافقت وقابلت الشخص، لا أتقبله، وأشعر بالنفور، علما أني أرغب في الزواج وتكوين أسرة، وليس لدي مشكلة في تقبل الرجال، حيث هناك من تقدم لي وصار القبول مني، لكن الرفض كان من الطرف الآخر، وهذه أصبحت مشكلة كبيرة بالنسبة لي ولأهلي، أرشدوني، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك -عزيزتي-.
مشكلتك تكمن في تأخر النصيب، رغم أنك قد أنهيت دراسة الطب وملتزمة وصاحبة أخلاق، وابنة عائلة مرموقة وميسورة الحال.
إن الزواج –غاليتي- أمر شرعه الله، وحث الإسلام عليه لعمارة الأرض وعفة النفس عن الحرام، وكم هو جميل أن ترين نفسك ملكة في بيتك، فالزواج سنة من سنن الله تعالى في الكون، والله تعالى جعل ذلك لجميع خلقه، وخص الإنسان فيه بالتكريم {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
غاليتي: تختلف أولويات كل فتاة عند اختيار الشريك من مجتمع لآخر، ومنها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بالإضافة إلى التوافق الفكري، فكل فتاة ترغب في الارتباط برجل تكمل معه حياتها، ويكون على قدر توقعاتها وأحلامها، ولكنها تنصدم مع الواقع عندما يتقدم لها الخطاب الذين لا يتوافقون مع متطلباتها، وتمر بها الأيام والسنة تلو الأخرى، وتدخل في نفق مظلم، وتعيش في قلق وتوتر وخوف من أن تقضي بقية عمرها بدون زواج، والسبب يكون أنه لا يوجد شخص كامل الأوصاف.
لذلك: على كل فتاة أن تحدد الأولويات التي تحتاجها من شريك حياتها من أجل بناء أسرة سليمة، فليس عيبا أو انتقاصا لها إذا تنازلت عن بعض الشروط لحساب أمور أكثر أهمية من أجل تسهيل أمر الزواج، وليس مطلوبا التشابه والتطابق بين الشريكين، وإنما التكامل بينهما هو المهم من أجل إشباع كل منهما لحاجات الآخر.
إن لتأخر الزواج حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، والدنيا ابتلاءات، وما يحدث لك من تأخر الزواج أو انسحاب الخطاب عنك ابتلاء من الله، وقد يكون لتقصير بعمل ما، أو قد يكون بذنب والله أعلم، أو لمصلحة ما، فلا تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
ولقد قال عمر -رضي الله عنه-: "لو كشف الحجاب ما تمنى المسلم إلا ما حصل له"، فلا تيأسي وتوكلي على الله في اتخاذ الأسباب، وتأكدي أن الرحمن وزع بين الناس نعمه، فانظري إلى ما أنعم الله عليك واشكريه ليفرج كربك ويرزقك الزوج الصالح.
ولا مانع من التداوي عند راق شرعي، ممن يحسنون الرقية على قواعدها وضوابطها وموثوق بهم، والأفضل أن تحاولي أنت رقية نفسك وقراءة سورة البقرة يوميا، وأكثري من الدعاء والاستغفار، وكرري قول الباري: {وارزقنا وأنت خير الرازقين}، وادعو بدعاء سيدنا زكريا: {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين}، وادعي وأنت واثقة من أن الله عز وجل سوف يرزقك بالزوج الصالح، ويفرح قلبك وقلب أخواتك عما قريب.
فكل فتاة لها طريقة تفكير، ولها أولويات تريدها في شريك حياتها؛ فهل أنت فتاة مترددة في حياتك اليومية؟ هل تقررين في أمر ما ثم تندمين؟ إذا كنت شخصية مترددة؛ فعليك أن تدربي نفسك على طريقة تفكير إيجابية، ثم تحمل مسؤولية قرارك، فالإنسان لا يمكن أن يمتلك كل ما تشتهيه النفس، وكما يقال: القناعة كنز لا يفنى. وهل تقومين بصلاة الاستخارة قبل الموافقة أو رفض الخاطب ؟
عليك أن تشغلي نفسك في كيفية التأهيل إلى الحياة الزوجية من الناحية النفسية والشرعية، والصحية والاجتماعية؛ لتدخلي إلى القفص الذهبي وأنت ملكة ومتمكنة من الحياة الزوجية، وكيف ذلك؟ تابعي معي هذه النصائح المفيدة، متمنية منك الأخذ والعمل بها؛ لتكوني زوجة مميزة وناجحة وقوية، وتذكري ما قاله لنا رسولنا الأكرم في حديثه: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، وإليك النصائح:-
- المشاركة في دورة لتأهيل المقبلين على الزواج؛ فهذه الدورة تزودك بالمفاهيم المهمة عن ثقافة الزواج؛ لتؤسسي بيتا زوجيا ناجحا وفقا للمعايير النفسية والشرعية والاجتماعية.
- اقرئي الكتب التي تساعدك على معرفة الذات؛ لتعززي ثقتك بنفسك؛ فكلما زادت معرفتك؛ كلما زادت ثقتك بنفسك.
- الرضى عن نفسك يحسن من معاملتك مع الآخرين، وتستمتعين أكثر بحياتك، وتذكري أن الرضى يساعدك في تقوية شخصيتك ورفع منسوب الثقة في النفس التي تعتبر من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم.
- ركزي على ما حباك الله من أمور مميزة في شخصيتك، مثل: العلم، والأخلاق، والدين، والنسب،، وتمتعي واستمتعي في هذه الأيام؛ لأنها سوف تبقى من الذكريات الجميلة التي نشتاق إليها.
- لا تلومي نفسك ولا تمارسي جلد الذات، فعليك أن تتعلمي كيف تتخذين قرارا، فحياتنا كلها عبارة عن قرار يتخذ، إن كان على صعيد العمل أو العلاقات الاجتماعية، أو قبول أو رفض خاطب.
- الحرص على إصلاح العلاقة مع الله، فإن الإنسان إذا أصلح علاقته مع الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، وما صلحت البيوت بمثل طاعتنا لصاحب العظمة والجبروت.
- وأخيرا أقول لك: انظري إلى نفسك نظرة كلها فخر واعتزاز وتقدير واحترام لما وصلت إليه.
وأسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، وأن ييسر أمرك، ويسعد قلبك قريبا -إن شاء الله تعالى-، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك.