السؤال
السلام عليكم.
لقد انتابني شعور بالفزع والخوف الشديد عند استيقاظي اليوم صباحا، ففي لحظة استيقاظي سمعت صوت أمي وهي تتلو القرآن بجانبي، وعند فتح عيني لم أجدها في غرفتي أصلا وكانت نائمة، فاستنتجت أنها كانت هلوسة سمعية، علما أنها كانت بالفعل تتلو القرآن بجانبي قبل أن أنام في الليل.
أنا الآن خائف جدا من خسارة عقلي أو إصابتي بمرض من أمراض الجنون مثل الفصام أو غيره، علما أنني مصاب بالقلق المرضي منذ 3 أشهر والذي جاء بعد إصابة أبي بالكورونا، وبدأ القلق ونوبات الهلع ينتابني عند خوفي من الإصابة بها كعدوى من أبي.
فسؤالي هنا: هل تطور قلقي إلى فصام فبدأت أسمع الهلاوس؟ علما أنني لا أتعرض لأي نوع من الهلاوس طيلة اليوم، ومشكلتي الأخرى هي أنني لا أصدق أنني سليم عقليا أو بوضع صحي عقلي ليس خطير اطمئن وبعدها يرجع لي الشك بأنني سأمرض أو أنني مريض فعلا.
لماذا يحدث هذا معي؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك كثيرا على ثقتك في الشبكة الإسلامية، وقد أحسنت بأن تواصلت معنا، لأن حالتك بالفعل هي حالة تخيف صاحبها، وإن كانت هي بسيطة جدا جدا بمعايير الطب النفسي، وهي لا تحدث كثيرا.
هذا الذي حدث بالفعل هو نوع من الهلاوس، نسميها بـ (الهلاوس الكاذبة) أو (ما يشبه الهلاوس)، وهي قد تحدث أكثر في بدايات النوم لبعض الأشخاص، لكن في بعض الحالات أيضا تحدث عند الاستيقاظ كما حدث لشخصك الكريم.
وهذه الحالات متعلقة بالقلق النفسي، بمعنى أن الإنسان قد يكون أصلا لديه ميول للقلق النفسي، وإن كان القلق هو طاقة نفسية حميدة جدا، لأن القلق هو الذي يدفعنا ويساعدنا على النجاح، وهو الذي يساعدنا على الإنتاج، وهو الذي يساعدنا على أن نكون من أصحاب الهمم العالية، لكن القلق إذا زاد واحتقن أيضا قد يكون له آثار سلبية مثل ما حدث لك.
فيا أيها الفاضل الكريم: الظاهرة هذه معروفة في الطب النفسي، والأمر كله متعلق بشيء من القلق النفسي، وربما يكون لديك أيضا إجهاد نفسي أو إجهاد جسدي، لذا خط العلاج الأول هو الاطمئنان، وأنا أؤكد لك أن هذه الحالة لا علاقة لها بالفصام ولا أي مرض ذهاني، ولا أي مرض عقلي، وكل المطلوب منك هو أن تحاول أن توظف قلقك بصورة إيجابية، وأهم شيء هو: أن تمارس الرياضة، هذه مهمة جدا لإحراق الطاقات القلقية السلبية وتوجيهها في المسارات النفسية الصحيحة.
وأنا أنصحك أيضا بأن تحاول تتجنب السهر، وتنام النوم الليلي المبكر، هذا فيه خير كثير جدا للإنسان.
سيكون من الضروري جدا أن تمارس بعض تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس التدرجي، تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، هذه مفيدة جدا خاصة إذا استصحبها الإنسان بنوع من التأمل والإيحاء، أو نسميه بـ (الاستغراق الذهني الإيجابي)، الإنسان يتأمل ويتدبر فيما هو جميل دائما في الحياة.
أخي الكريم: أذكار النوم يجب أن تكون ملازمة لك، عظيمة جدا ومفيدة جدا.
أرجع مرة أخرى لتمارين الاسترخاء، إذا لم تجد أخصائي نفسي يدربك عليها فيمكن أن تستعين بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، توجد برامج ممتازة جدا توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
أيها الفاضل الكريم: بقي أن أقول لك: يجب أن تستفيد من الوقت، يجب أن تكون حريصا جدا على أن تتجنب الفراغ، وأنت ليس لديك عمل، أسأل الله تعالى أن يرزقك بالأعمال الطيبة في الدنيا والآخرة، وابحث عن عمل، لأن العمل فيه تأهيل للإنسان، العمل يطور الصحة النفسية، العمل يطور المهارات، العمل يساعد على حسن إدارة الوقت، وهو باب من أبواب الرزق، فيجب أن تبحث عن عمل، وأنا أعرف الظروف الصعبة التي يواجهها أهلنا في فلسطين المحتلة، نسأل الله تعالى أن يرفع عنهم كل ابتلاء.
فلا تيأس، اجتهد، ابحث عن عمل، أي نوع من العمل، هذا مهم جدا، حتى ولو مارست عملا خيريا وتطوعيا، إلى أن تجد عملا وظيفيا، هذا أيضا أمر طيب جدا.
تجنب تناول محتويات الكافيين (الشاي والقهوة) في فترة المساء، هذه أيضا مهمة.
أنا سأصف لك دواء بسيطا جدا، إن شاء الله يفيدك كثيرا. الدواء يسمى تجاريا (موتيفال)، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة حبة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة شهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء. سوف يساعدك كثيرا لإذابة القلق، وتحويله من طاقة نفسية سلبية إلى طاقة نفسية إيجابية.
أشكرك مرة أخرى على ثقتك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.