السؤال
السلام عليكم.
عام 2015 حدثت لي نوبة هلع، وكنت سائق السيارة، وقد تم إدخالي إلى المستشفى، ووجدوا ضغطي مرتفعا، ثم سرعان ما نزل الضغط، لم أكن أعرف ما هي، من بعدها أصابتني حالة خوف من السير وحيدا، ولم أتمكن من القيادة بمفردي، ودائما أريد العزله في المنزل، ولا أريد الخروج، وأصبحت خائفا من تحمل المسؤولية، وأتمنى الموت.
ذهبت إلى أكثر من دكتور، وكلهم كانوا يؤكدون لي أنه سليم، ولكني أشعر بشيء بداخلي بأني لست أنا، وكنت أشعر دائما بشد في رقبتي، وضغط في إذني، وعدم اتزان، اقترح الأصدقاء الذهاب إلى دكتور مخ وأعصاب، وطب نفسي، وبعد التشخيص وصف لي بوسبار وسوليان ولوسترال، واستمررت عليه لمدة عام ونصف، أو عامين، أو أكثر، وتحسنت، وقد قمت بوقف الدواء تدريجيا، وبعد حوالي 9 أشهر مررت بحالة نفسية، وضغوطات في الحياة، كنت أجلس مع والدي وفجأة شعرت بأن العالم يلف من حولي، وكان ضغطي منخفضا جدا، وذهبت إلى المستشفى، وعلقوا لي محلول، ولكن عاد لي الشعور بالخوف والقلق مرة أخرى، ومن وقتها وأنا غير مضبوط.
رجعت للدكتور ووصف لي ابليفاي ولوسترال وأدوية أخرى كثيرة، لكني لا أشعر بتحسن، وشخصني أني أعاني من اضطراب القلق، ودكتور آخر شخصني بأن عندي اكتئابا.
الحقيقة أني لا أشعر بأني أعيش حياتي جيدا، وأصبحت لا أجد للحياة معنى، ولا يوجد هدف لدي، ولا أشعر بكل نعم الله علي، وسأذكر لحضرتك الأدوية التي تناولتها هي سوليان وبوسبار ولوسترال، ثم ابليفاي ولوسترال وايزليزبين، ثم برستيك، ولم أستفد منه، ثم بدل الاابفاي سيردوليكت 4 مجم نصف حبة، وأخيرا مع تغير الدكتور، وصف لي لوسترال ولاميكتال وسيردليكت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmedosama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
كما تفضلت أن الذي أصابك كان هو نوبة هلع، والحمد لله تعالى بعد أن تعالجت بصورة معقولة جدا منها، وبعد التوقف من الأدوية بدأت الأعراض تصيبك مرة أخرى، والذي يظهر لي أنه أصلا لديك قابلية للقلق، لذا عاودتك هذه الأعراض مرة أخرى، وهذه – أخي الكريم – ظاهرة أكثر مما هي مرض نفسي حقيقي.
أنا أعتقد أنك تحتاج لتكثيف العلاج السلوكي الاجتماعي، والعلاج السلوكي الاجتماعي علاج بسيط جدا، أهمه أن تمارس الرياضة، وأن تتجنب السهر، وأن تنام مبكرا من الليل، وأن تبدأ يومك مبكرا في الصباح، بعد صلاة الفجر الإنسان يمكن أن ينجز أشياء كثيرة جدا، هذا الوقت فيه خير كثير جدا، وتفرز المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية – أو ما يسمى بالموصلات العصبية – تفرز في فترة البكور وفي فترة الصباح الباكر.
طبعا الرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك، هذا الآن متفق عليه تماما بين علماء السلوك والنفس، الرياضة لمدة ساعة على الأقل يوميا سوف تغير حياتك تماما، سوف ينتهي القلق والتوتر، كل الطاقات النفسية السلبية سوف تتحول إلى طاقات إيجابية.
من المهم أن تكون مبدعا في عملك، وأن تحب عملك، وأن تطور نفسك، وعلاقاتك الاجتماعية، احرص دائما على الواجبات الاجتماعية، كن في المقدمة، صلة الأرحام، الخروج مع الأصدقاء، تلبية الدعوات، زيارة المرضى، ... هذه – أخي الكريم – مهمة جدا لتطوير الإنسان نفسيا واجتماعيا وسلوكيا.
القراءة، الاطلاع، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، ممارسة بعض التمارين الاسترخائية مثل تمارين التنفس المتدرج، وتمارين شد العضلات ثم استرخائها، أشياء كثيرة جدا يمكن للإنسان أن يقوم بها، والحمد لله مجتمعاتنا مجتمعات رحمة ومجتمعات متآزرة، والإنسان يمكن أن يجد لنفسه حيزا إيجابيا جدا في وسط أسرته وفي مجتمعه، وهذا نحن نعتبره علاجا تأهيليا سلوكيا أصيلا.
فيا أخي الكريم: اجعل هذا منهجك، هذه نصيحتي لك.
أما بالنسبة للأدوية فهي تساهم، الدواء يساهم بحوالي خمسة وعشرين إلى ثلاثين بالمائة من التأثير العلاجي، وبقية النسبة – أي سبعين إلى خمسة وستين بالمائة – هي قائمة على المبادئ التي حدثتك عنها باختصار.
عقار (لوسترال) دواء ممتاز جدا لعلاج نوبات الخوف والهلع والوساوس، وأنا حقيقة لا أحب كثرة الأدوية أبدا، أعطي دواء واحدا أو اثنين بالأكثر، وتكون الجرعة جرعة جيدة ومتوازنة، مع احترامي الشديد جدا للطبيب الذي يعالج، وقطعا الأطباء الذين يشرفون على علاجك هم في موقف أفضل مني؛ لأنهم قد قاموا بفحصك، فيجب أن يكون الاعتماد على رأيهم أكثر من رأيي، وهذا الكلام ليس تواضعا مني، لكنها حقيقة.
ولكن لا بد أيضا أن أرشدك لما هو فيه خير لك، أنا أرى أن عقار (لوسترال) إذا تناولته بصورة منتظمة ووصلت إلى جرعة مائة وخمسين مليجراما سيكون فيه خير كثير لك، ويمكن أن تتناول معه الـ (إبليفاي) خمسة مليجرام، أو يمكن أن تستبدل الإبليفاي بعقار (ديانكسيت) حبة واحدة يوميا.
هذا – يا أخي الكريم – هو الذي أراه، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك كثيرا على الثقة في إسلام ويب.