السؤال
السلام عليكم.
بعد خسارة وخيانة من أصدقائي، في بداية مرحلة المراهقة، شعرت أن الناس لا يفهمونني ولا يحبونني، كوني شخصا يجد صعوبة بالتعبير عن مشاعره، وأظهر خارجيا مظهر اللامبالHة، ولا مهتمة، مهما قدمت بأفعالي يتم انتقاد جفاZي الكلامي، وكأني لم أقم بشيء.
كانوا يكرهونني، وبعدها تأثرت بكلامهم وأسلوبهم، وتصرفاتهم، فارتديت قناع تغيير شخصيتي 180°, وظننت أني سأحب كما أحب يوميا، لكن كنت مخطئة.
لقد اهتممت وبادرت كثيرا، واهتممت بمشاعرهم ونصحت، لكن النهاية دائما واحدة، ولم يتم إعطائي ما أعطيت، ولا كما اهتممت، فقط مصلحيون حولي.
حسنا الأن أنا حقا لا أهتم والمشكلة تكمن بكوني لم أعد أحمل أي مشاعر لأي أحد، سوى عدد قليل من الأشخاص.
بدأت أتهرب من التجمعات، وبدأت أقلل الكلام والتواصل مع الناس، ومع أن وضعي كان هكذا من البداية لكن الآن أكثر، أصبحت لا أسأل على أحد، فقط أتلقى الرسائل، ومهما كان شخص ما يراسلني لا أرسل، ويتم معاتبتي كثيرا، لكن أجيب بأنني لا أريد أن أسأل على أحد، فلو أردت الاستمرار فهذا قرارك وحدك، ولا دخل لي.
صادقة بمشاعري، وأقول: إني لا أحب أحدا فيتم إجباري على الحب؟! أليست هذه حرية شخصية؟ الأمر مزعج!
أشعر بتبلد مشاعر ولم أعد أريد الحديث أو التواصل مع أحد إلا في مسائل الدراسة، والعمل إلخ.
عدا ذلك أجدها بدون فائدة، لقد تعبت وكرهت البشر ونفاقهم، حتى لو قابلت شخصا جيدا فلا أستطيع أن أدخله لدائرتي الصغيرة، لا أقبل أي أحد، ابتعدت عن كل أحد، فهل من حل؟ هل تعاملي خاطئ مع هذا الأمر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بدون اسم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك.
أشكرك على طرح المشكلة وهذه خطوة إيجابية لنجد لها الحل بإذن الله تعالى.
غاليتي: يمر كل واحد منا بالعديد من المواقف المختلفة في الحياة وبعضها يكون إيجابيا ويحمل لنا الراحة والفرح وبعضها يجلب لنا الشقاء والتعب، وبعد كل موقف وتجربة شخصية نكتسب خبرة نتعلم منها الكثير لنكون أكثر صلابة وقوة في التعامل مع هذه المواقف الحياتية الصعبة.
لا أحد ينكر أهمية الصداقة في حياتنا، فلا أحد يستطيع أن يعيش في (جزيرة منعزلة )، وكل فتاة بحاجة إلى صديقة التي تستند عليها في أوقات المحن وتشاركها أوقات الفرح والحزن.
من الطبيعي أن نجد صديقة تعاني من (الحسد والغيرة وحب التسلط .....الخ)، والحقيقة هنا هي أنك أنت من تملك الحل والمفتاح الذي تستطعين بواسطته، إما أن تمكن هذه الصديقة من تحقيق هدفها، وإما أن تفشل محاولتها، لذا عليك أن تغير من طريقة تفكيرك وسلوكياتك حتى لا تصبح مصيدة سهلة لأي صديقة لك.
الأهم من ذلك أن تتعلمي من هذه التجارب كيف تضعين حدا لسيطرة الآخرين عليك دون اللجوء إلى العزلة أو الشعور بتبلد المشاعر،لأن تبلد المشاعر والأحاسيس تعد من المشاكل النفسية.
بناء عليه سوف أقدم لك هذه النصائح القلبية باتباع بعض البرامج العلاجية والأنشطة لأنك تستحقين الأفضل:
الصبر على أذى الناس من علامات قوة الإيمان، لذلك قال الله لنا في كتابه الحكيم:" ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور"،وقال تعالى:" ولئن صبرتم لهو خير للصابرين".
تأملي معي كلام رسولنا الكريم حيث قال لنا: المسلم إذا كان مخالطا للناس ويصبر على آذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم".رواه الترمذي.
توصيفك لنفسك بأنك أصبت بتبلد مشاعر، بصراحة مما استشفيت من بين السطور أنه لديك من المشاعر الجميلة الكثيروأنك فتاة مليئة بالشغف وحب الخير للآخرين.
ما حصل معك أعتقد أنها ردود فعل مؤقتة لحادث عارض، وأيا كان السبب فهو الآن من الماضي، وأنت في عمر العطاء والنشاط، والمستقبل المشرق أمامك، وبانتظارك أجمل الأيام والأوقات فأنصحك أن تطوي تلك الصفحة.
أنصحك منذ هذه اللحظة أن تكتبي على ورقة كل المواقف التي سببت لك المضايقة من الآخرين، وارميها في البحر، النهر، سلة المهملات... ويجب أن يكون لك أثر إيجابي بين عائلتك؛ بر الوالدين، التقرب من إخواتك من خلال الكلمة الطيبة؛ وهذا سينعكس ايجابا على تقديرك لذاتك ويعزز ثقتك بنفسك.
ركزي على الجوانب الإيجابية لديك، واكتبيها على ورقة، وعلقيها في مكان خاص بك، واقرئيها باستمرار، وطوري مهاراتك الثقافية من خلال القراءة والمطالعة على كل ما هو جديد في العالم، على صعيد الحياة الصحية وكل ما يتعلق (بجائحة كورونا)،والاجتماعية والنفسية، والاقتصادية؛ فالطالب الجامعي لا بد أن يصقل شخصيته ويثقفها في شتى المواضيع والمجالات.
حددي هدفك، واكتبي على ورقة أين ترين نفسك خلال خمس سنوات؟! وماذا تحبين أن تصبحي في المستقبل؟ واكتبي كل الخواطر التي تدور في ذهنك؛ لأن الكتابة تساعد الذهن على التخلص من مشاعر البؤس والضيق.
أشغلي نفسك في وقت فراغك بما يعود عليك من منفعة، مثل: قراءة الكتب العلمية والدينية، وخاصة الكتب التي تتعلق بحقوق وواجبات كونك ابنة وصديقة وأخت، ولا تنسي المحافظة على لياقتك الجسدية من خلال ممارسة الرياضة إذ أنها تساعد في تنشيط الدماغ، وزيادة ضخ الأوكسجين مما يجعلك تشعرين بالنشاط والحيوية وحب الحياة.
أهمية التنزه في الطبيعة: فالتأمل والتفكر بخالق السموات والأرض والبحر والجبال بالإضافة إلى الهواء النظيف، والمناظر الرائعة تشعر النفس بالارتياح، ويمكنك تنظيم نزهات إلى الطبيعة مع الأهل.
تجنب العزلة الاجتماعية أو الجلوس وحيدة في غرفتك فهذه الأمور تساعد كثيرا في زيادة المشاعر السلبية،مما يجعلك تشعرين بالاكتئاب والحزن وبتبلد المشاعر.
من أجمل ما يكون هو: ابدئي يومك بقراءة القرآن؛ فله أثر على تهدئة النفس، والشعور بالطمأنينة، ولا تنسي أذكار الصباح والمساء، وادعي لك ولأهلك بعد كل صلاة، وأكثري من الاستغفار فهي من أحب الأعمال إلى الله.
مع تمنياتي لك بحياة هادئة سعيدة تغمرها الصداقة الصادقة والتفوق الدراسي ايتها الابنة الجميلة.