السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أسمع أصوات تهمس باسمي وبكلام غريب في أذني اليسرى منذ أسبوعين، وبعد مواظبتي على قراءة سورة البقرة كل يوم أصبح يشتد الصوت كأنه كان خافتا فأصبح أكثر وضوحا، وعندما حاولت أمي أن ترقيني بسورة البقرة وعند التركيز على الآية "واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان "، وإعادتها صرت أحرك رأسي بالنفي بشكل غريب، وأتحرك حركات لا إرادية كأنني سأطير من مكاني، ومن شدة استغرابي بدأت أضحك بهستريا على الحركات الغريبة التي أقوم بها، ولم تستطع أمي إكمال الرقية بسبب شعورها باختناق وألم في حلقها، وبعدها صرت أداوم على قراءة الرقية وحدي، والتركيز على آيات السحر، وأحسست بالتقيؤ، ولم يخرج مني سوى بعض الرغاوي البيضاء، وأشم رائحة احتراق عند الرقية، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تخرج مني هذه الرغاوي، فمنذ سنتين أصبت بوعكة صحية، وكنت أرقي نفسي وأتقيأ الرغاوي بشكل مستمر حتى بدون قراءة.
هل أنا فعلا مصابة بسحر؟ وما هو نوع هذا السحر؟ وهل أمي كذلك مصابة به؟ فأنا وهي نتشاجر كثيرا بدون توقف لدرجة أننا لا نكلم بعضنا لأكثر من يوم، لأسباب تافهة لا تذكر، وهناك أعراض أخرى عندي فأنا لم أكن أرغب بالخروج من المنزل مطلقا، وأكره التواجد وسط الناس، وتتزايد ضربات دقات قلبي عندما يزورنا أحدهم، وأسرع في الاختباء بدون سبب حتى أنني أستغرب من تصرفاتي، أرجو الرد، فما أعاني منه استمر لأكثر من سبع سنوات.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
هذه الأصوات التي تجدينها قد تكون تخيلات، وقد تكون وساوس شيطانية، ولا ينبغي ربط كل ما يحصل للإنسان بالسحر إلا بعد التيقن من ذلك، فالأصل العدم حتى يحصل اليقين والتكهن والتخرص في هذه المسائل لا يجوز لأن ذلك أمر غيبي.
الحالات النفسية لها دور في بعض الحركات والأفعال، فبعض الناس لو ذكر له شيء مستقذر عنده يصاب بالغثيان ومن ثم يتقيأ، وهذا أمر طبيعي، وكذلك ما أحسست من الحركة قد يكون العامل نفسيا كونك تسمعين وتقرئين ما يحصل للممسوسين، فالعقل متشبع بذلك فتحدث تلك الحركات، فلا نتعجل في القول بأنك مصابة بالسحر.
نوصيك بالمحافظة على ما افترض الله عليك، وأهم ذلك الصلاة فأديها في أول وقتها، وليكن لك ورد من القرآن الكريم فاقرئي بعد كل صلاة ورقتين وبهذا ستختمين بعد صلاة العشاء جزءا كاملا -بإذن الله تعالى-، وبهذا تنالين الطمأنينة كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
حافظي على أذكار اليوم والليلة في كل الظروف ففي ذلك حرز من شر كل ذي شر، وارقي نفسك بنفسك صباحا ومساء بما تيسر من القرآن الكريم والأدعية المأثورة، فالرقية نافعة مما نزل ومما لم ينزل، ولا بأس أن تبحثوا عن راق أمين وثقة ليستكشف حالتك، ويكون ذلك بحضور أحد محارمك، فإن تبين أنك مصابة فابدئي بالرقية واستمري حتى تشفين -بإذن الله تعالى-.
أوصيك ألا تعيري تلك الأصوات أي اهتمام، واحذري أن تبيني للشيطان ضعفك من خلال الإصغاء لها أو التحاور معها، بل يجب أن تحتقريها وأن تقطعيها فور ورودها، وتستعيذي بالله من الشيطان الرجيم وتنهضي من المكان الذي أتتك وأنت فيه، وتشغلي نفسك بأي عمل يلهيك عنها.
من أفضل ما يصرف الوساوس كثرة الذكر كما قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس).
القيء الذي خرج منك بذلك الشكل لا يمكن تفسيره على أنه من السحر إلا بعد التيقن من أنك مصابة، لأن ذلك قد يكون له علاقة بإفرازات المعدة والأخلاط التي فيها.
كره التواجد بين الناس قد يكون له علاقة بموضوع التربية في البيت، فبعض الناس يربي أبناءه على عدم مخالطة الناس، ولذلك تتربى هذه الصفة معه حتى تصبح سلوكا، هذا إن كانت هذه الصفة حادثة ولم تكن من قبل شكايتك، وعلاج هذا السلوك يكون في التعود بالمخالطة مع الأقارب أولا، والأفضل أن تذهبي أنت إليهم لأنه لا يمكن أن تذهبي ثم لا تخالطيهم، فإن اعتدت على ذلك فليأتوا لزيارتك، وقد تكون هنالك عقدة نفسية وعلاجها يكون بمعرفة الأسباب التي تشعرين بها حين يأتون أو تجلسي معهم، والعلاج السلوكي أفضل من العلاج بالعقاقير.
ما حدث لأمك قد يكون له علاقة بالحالة النفسية، وهي الخوف مما رأت، ولا يمكن الجزم بأنها مسحورة، فبعض الناس إن رأى الممسوس يضطرب أثناء الرقية، يصيب بدوار وربما يتقيأ أو يشعر باختناق بسبب ارتفاع ضغط الدم بسبب الخوف.
تشاجرك مع والدتك قد يكون له علاقة بالتصرفات والتفكير والصفات التي تحملها كل منكما، ولا يمكن حمل ذلك على أنه من علامات السحر إلا في حال تبين الإصابة فيكون ذلك من جملة الآثار.
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في هذه المسألة أو غيرها، ونسأل الله تعالى أن يشفيكم ويعافيكم.