السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أسأل الله أن يرزقني وإياكم جنته، وطاعته وحب التقرب إليه.
لا أعلم بماذا أصنفكم، ولا أعلم كيف أصف مسماكم الوظيفي المحترم لكي لا أهضم مستواكم المهني المشرف سواء كنتم دكاترة أم استشاريين، أم أناسا محترفين خبيرين، فلكم احترامي وودي وتقديري لكم.
أنا شاب في أواخر العشرينات من عمري، كنت منذ المرحلة الابتدائية، وحتى المرحلة الثانوية وأنا ولله الحمد، مواظب في الجانب الديني، ومحافظ على صلواتي الخمس في الجماعة، وحتى كنت أضيق في رمضان إذا لم أستطع أن أصلي التراويح أو القيام، كان لدي وازع ديني شديد، وكانت حياتي حلوة أستمتع بطعمها.
من الله علي ولله الحمد، وتخرجت من الثانوية العامة، ثم أكملت تعليمي الجامعي في الولايات المتحدة الأمريكية، وتخرجت ولله الحمد ..
وللأسف أنا ندمت على تلك الأيام التي مضت، حيث قل الوازع الديني لدي مما جعلني أتعاطى الكحوليات كل يوم حتى ولدرجة أنني بالشهور لا أصلي والعياذ بالله...
الحمد لله بعد التخرج قطعت الكحول، وعدت إلى بلدي، ورجعت إلى الصلاة، ولكن ليست بالتي ترضي الله ورسوله، فيوما أصلي ويوما لا.
الآن أنا أريد أن أصلي، ولكن يصاحبني كسل، وإذا معي شخص معي، وقال فلنصلي قمت معه، وذهبنا للصلاة، ولكن إن كنت وحدي لا يأتيني في نفسي نشاط أن أقوم للصلاة إلا إذا أحد أمرني، في بعض الأحيان يصاحبني أمر ووساوس أنني كافر بحكم أنني تركت الصلاة فترة طويلة، وأن أدخل في الإسلام من جديد، هل هذه وساوس، أم هل هذا عين، أم مس؟
محتار في أمري، وأريد أن أتوب إلى الله، وأرضي رسوله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ UNDEFINED حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يزين الإيمان في قلبك ويحببه إليك، ويكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلك من الراشدين، نشكر لك تواصلك معنا وثقتك فينا.
ولا شك – أيها الحبيب – أنك قد وقعت في كبائر الذنوب وعظائم الآثام، ولكن من رحمة الله تعالى بك وإحسانه إليك ولطفه بك أن مد في عمرك إلى هذه اللحظات التي أنت فيها، وأعطاك المهلة والفرصة لكي تتدارك نفسك قبل فوات الأوان وقبل أن يأتي وقت الخسران، وحينها لا ينفع الندم، فاحمد الله تعالى على هذه النعمة واشكره عليها، وهي نعمة الإمهال والتأخير، فإن الله تعالى إذا أمهلك وتركك في الدنيا بعد معصيتك، فهذا فضل منه سبحانه وتعالى، ينبغي أن تبادر إلى شكر هذه النعمة بإيقاع التوبة وإحسانها.
والتوبة – أيها الحبيب – أمرها سهل هين إن شاء الله، إذا وجدت منك العزيمة الصادقة، ولا شك أن فيك خيرا كثيرا، فندمك هذا وتأنيب ضميرك دليل على وجود الخير فيك، ولكن هذا الخير يحتاج إلى إبراز وإخراج واستثمار، فانهض نهضة تنقذ بها نفسك من النار ومن سخط الجبار، وإياك والتسويف والإمهال، فهذه بضاعة الشيطان، وربما يفجأك الموت فتندم حين لا ينفع الندم.
ومما يعينك على المبادرة إلى التوبة أن تتذكر أن هذه الآثام والمعاصي التي فعلتها لها نتائج وعواقب، وأن الله تعالى بالمرصاد، وأنه لم يخلق الخلق عبثا، فقد قال: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون}، وقال: {إن ربك لبالمرصاد}، والآيات كثيرة في أن الإنسان سيجزى بعمله، فتذكرك لهذه المعاني يحرك فيك العزم على التوبة.
والتوبة تجب ما قبلها، بل وتتحول سيئات التائب إلى حسنات، وهذا من رحمة الله تعالى وفضله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، والله تعالى يفرح بتوبة العبد إذا تاب، ليس لأنه محتاج إلى هذا العبد، ولكن ليكرم هذا العبد ويكافئه ويجازيه، فهذا الرب الرحيم الكريم كيف يقبل الإنسان بعد ذلك أن يعصيه ويصر على معصيته والبعد عنه، والخير كل الخير في يديه، والجنة والنار عنده، والدنيا والآخرة بيده.
فنصيحتنا لك - أيها الحبيب - أن تجالس الصالحين وأن تنشئ علاقات معهم، وأن تكثر من قضاء أوقاتك معهم، فإنهم خير من يعينك على هذه التوبة، ودع عنك هذه الوساوس، فإنك إذا تبت إلى الله فإن التوبة تمحو ما قبلها – كما أخبرنا – وترك الصلاة بلا شك ذنب عظيم، وقد رأى كثير من علماء المسلمين أنه كفر ولو كان كسلا، ولكن هناك فريق كبير من العلماء يقول بأنه ليس كفرا، وأنت على كل حال مطالب الآن بأن تصلي، فإذا صليت وتبت إلى الله تعالى عما فات وندمت على ذلك فإن الله تعالى يمحو ما كان من ذنوبك.
استعن بالله ولا تعجز، هذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم، احرص (على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
نسأل الله تعالى أن يتولى عونك.