فقدت التحفيز وتركت الدراسة وأصبحت مهملا عند التحاقي بالجامعة.

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور/ محمد عبد العليم، وجميع أسرة إسلام ويب حفظكم الله تعالى جميعا.
أنا شاب عشريني في الجامعة، مشكلتي نفسية وتحفيزية بشكل كبير، فأنا فاقد للتحفيز في حياتي، وبدأت الآن لا أبالي بتحصيلي العلمي، ولا بدرجاتي، ولا بمستقبلي، ولا بحياتي، بل أقضي كل أوقاتي في اللعب واللهو دون مبالاة بالعواقب.

هذا الموضوع حصل لي منذ دخولي الجامعة، وغياب رقابة أبي عني، أما في الإعدادية والثانوية فكنت في أعلى المراتب لدرجة أنني نلت المركز الأول على مستوى المحافظة في الثانوية العامة، ولكن هذا العزم اختفى فجأة عند دخولي الجامعة، وزادت معها مشاهدتي للأفلام الإباحية والعادة السرية، ولا أذاكر دروسي، وأقضي جل أوقاتي في التسويف والتأجيل، والأحلام والأماني.

زاد من معاناتي وتضييع وقتي رغبة قهرية في النوم والنعاس الشديد، فأنا أنام ما يقارب 15 ساعة في اليوم ولا أشعر بالاكتفاء، بل أظل خاملا طول اليوم، تناولت كل أنواع الأدوية؛ لأنني أريد التحسن، تناولت (بروزاك، ودوجماتيل، وفافرين) ولم أجد فائدة تذكر إلا مع دواء (سينميت) ولكنه كان يصيبني بألم شديد في البطن ودوخة فتوقفت عنه.

أصدقائي يظهرون لي الود ولكن يريدون لي الشر سرا، ولكن لا أحد منهم من المهملين أو يشجعني على اللعب واللهو، أبي مؤمل بي الكثير ولكن أنا أشعر أنني سأخيب ظنه ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.
أيها الفاضل الكريم: أنت كنت متميزا؛ لأنك كنت تقود نفسك وتوجه ذاتك لما هو طيب وجميل، ولكن بعد انغماسك في مشاهدة الأفلام الإباحية الخلاعية وممارسة العادة السرية تركت الأمر للشيطان ليقودك، وتركت نفسك الأمارة بالسوء تستجيب لهذا الشيطان، وتعرف أن الشيطان يسعى دائما لأن يجعل حياة المسلم أحزان وكرب وفشل، وقد وعد بأن يضل عباد الله تعالى.

الأمر في غاية البساطة، لا يمكن أن تجمع بين الخير والشر أبدا، لا يمكن أن تجمع بين الحلال والحرام، لا يمكن أن تجمع بين الجميل والقبيح في بوتقة إنسانية معنوية معرفية واحدة، هكذا يقول علماء السلوك من غير المسلمين.

فيا أيها الفاضل الكريم: عليك أن تنقذ نفسك، عليك أن تستيقظ، عليك أن تحرر نفسك، وأنت بفضل الله تعالى حباك بالمقدرات، حباك بالإمكانات، حباك بالمهارات، ووهب لك هذه المقدرات العظيمة التي جعلتك تكون من المتفوقين حين كنت تسير على الطريق الصحيح.

أيها الفاضل الكريم: هذا إنذار لك، ويجب أن تنتبه لنفسك، هذا أمر مهم جدا، أنا من وجهة نظري أن الأمر ليس متعلقا بالدراسة وبالنجاح والفشل فقط، الأمر متعلق بنظام حياة، الأمر متعلق بالتزام بالأخلاق وبالدين، أن تخرج نفسك من هذا الذي أنت فيه، فأرجو أن تفكر بجدية، وأن تتأمل وأن تتدبر، وأن تخرج نفسك من هذه المشاهدات القبيحة اللعينة، ألم تعلم بأن الله يرى، ألم تعلم أن الله يعلم في السموات وما في الأرض، ألم تعلم بأن الله على كل شيء قدير، وأن يمهل ولا يهمل.

إذا عليك أن تتوب، إذا عليك بشروط التوبة المعروفة: الإقلاع عن الذنب، والندم التام على ما مضى، وألا تعود إليه أبدا، ويجب أن تدرك أيضا أن رحمة الله سبقت غضبه، وأن رحمته واسعة، وأنه يحب توبة العبد إذا تاب، وأنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وأنه يغفر الذنوب جميعا.

وعليك أن تكثر من الاستغفار، ابدأ من الآن، وبعد ذلك أريدك أن تتعلم - بعد أن تحرر نفسك من هذه المشاهدات القبيحة – تتعلم كيف تدير وقتك، حيث إن إدارة الوقت فن، والذين أداروا أوقاتهم هم الذين نجحوا، وعليك أن تستشعر أهمية العلم، وأنا أريد أن أذكرك أن الإنسان يمكن أن يجني أشياء كثيرة جدا في هذه الدنيا: الأموال، العمارات، كل شيء يمكن أن يجنيه الإنسان، لكن هذا كله يمكن أن يفقد، يمكن أن يضيع، لكن العلم والدين لا أحد يستطيع أن يأخذهما منك أبدا، (شهاداتك، مؤهلاتك، ودينك وعلمك) لا أحد يستطيع أبدا أن يقلل من شأنها أو ينزعها أو يخذها منك، لكن الإيمان زيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعصية، والعلم يزيد وينقص، يزيد بالتعلم، وينقص بالجهل.

فيا أيها الفاضل الكريم: التفت لنفسك، انظر لنفسك بعد أربع أو خمس سنوات من الآن أين أنت؟ تكون قد تخرجت، أكملت الماجستير، تزوجت، في محيط العمل، تحضر للدكتوراه ... هكذا الحياة، هذه ليست أمنيات، هذه أمور واقعية مرحلية منطقية، مراحل في حياة كل إنسان يريد النجاح، يريد الاستقرار، يريد الطمأنينة، والله تعالى أمرنا بإعمار هذه الدنيا، وأعطانا كل الإمكانات لذلك، وأمرنا بالسعي والكد فيها، وأكد أنه {لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} يعني أعطانا إمكانية التغيير ونسب إلينا إرادة التغيير، وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقال: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، وقال: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها}.

هذا يجب أن يكون طريقك – أيها الفاضل الكريم – وأنا أوصيك بوصية الله تعالى ووصية نبيه صلى الله عليه وسلم، أن تسعى في بر والديك، بر الوالدين هو منجاة عظيمة من مثل هذه المشاهدات القبيحة ومنجاة من مثل هذه الكبائر والذنوب.

أريدك أن تكون مع الشباب الصالحين، أن تمارس الرياضة، وخير وسيلة هي أن تنام مبكرا، هذا جزء من إدارة الوقت، تستيقظ مبكرا، تصلي صلاة الفجر، وتبدأ الدراسة لمدة ساعة قبل أن تذهب إلى الجامعة. الذي ينجز في الصباح هذا أكبر تحفيز للنفس، وسوف يشعر أن بقية اليوم أصبح سهلا وسلسا وجميلا.

الصلاة يجب أن تكون مع الجماعة، ووردك القرآني، أن ترفه عن نفسك، أن تكون مع أصدقائك، أن تصل رحمك، أن تحسن إلى جارك، أن تقول للناس حسنى، أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ... وهذه هي الحياة.

لا تحتاج لعلاج دوائي، ولا أرى داع لذلك، فقط عليك بالتوجيهات الإرشادية هذه، واتبع ما يوحى إليك من ربك ولا تكن مع الغافلين، واسلك طريق الصالحين، وكن مع الذاكرين، والتزم دينك، وحافظ على صلاتك، {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات