السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد سنين من العمل اشترى والدي الذي لا يقطن معنا شقة جميلة لنا بحي راق في الطابق الثاني.
بعد مدة انتقل للعيش معنا في نفس العمارة، وبالضبط في الشقة التي فوقنا سيدة متسلطة وساحرة، دائما تفرض نفسها وتختلق المشاكل مع أمي، وتشتكي من صوت القرآن الذي نشغله.
أمي تخاف منها كثيرا، وتخاف أن نتأذى من الأشياء التي ترميها في شرفة منزلنا، أصبح العيش هناك لا يطاق، ولهذا تركنا المنزل ونعيش الآن بمنزل كراء، لكن أمي تفتقد ذاك المنزل كثيرا، وتفكر في الرجوع له، ما العمل؟ وهل العودة تشكل خطرا؟ وكيف علينا التصرف مع سيدة ساحرة ومتسلطة مثلها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nouhails حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام بالأمر الذي يزعج الوالدة، ونسأل الله أن يرزقك برها، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأن يصرف عنكم شر كل ذي شر، وأن يحفظنا جميعا بحفظه، إنه على كل شيء قدير.
ابنتنا الفاضلة: أرجو أن تعلم الوالدة ويعلم الجميع أن الكون هذا ملك لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وأن أهل الأرض لو اجتمعوا على أن يضرونا بشيء لن ينجحوا ولن يستطيعوا ولن يفلحوا إلا بشيء قد كتبه الله علينا، ولذلك أرجو أن تطمئن الوالدة بأن هذه الساحرة والسحرة لو اجتمعوا جميعا – ومن ورائهم الشياطين – لا يملكون لأنفسهم فضلا عن غيرهم نفعا ولا ضرا، فالله قال عن الشيطان الذي يستند إليه الساحر: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا}، وقال عن السحرة: {ولا يفلح الساحر حيث أتى}.
لذلك أرجو أن يكون توكلنا على الله عميقا، وتوحيدنا لله عميقا، وثقتنا في الله عميقة، وظننا بالله أعمق، وذكرنا لله أكثر وأكثر، وهذا فيه الحماية والكفاية من شر كل ذي شر.
لذلك أرجو أن تكون هذه المسألة واضحة، فإن الإنسان ما ينبغي أن يخاف من مثل هذه الأمور، ولكن ينبغي أن نخاف من تقصيرنا وعصياننا لله تبارك وتعالى. فعليه أرجو أن تطمئنوا من هذه الناحية.
أما بالنسبة للعودة للمنزل: فتقدير ذلك الأمر متروك للوالدة وللوالد، وأرجو أن يدرس الأمر دراسة كاملة، وإن كان هناك سبب للبعد فالإنسان يشتري راحته، ولكن ينبغي أن نوقن أن الأمر بيد الله، وأن الضر والنفع لا يحصل إلا بتقدير الله وبإذنه تبارك وتعالى، قال تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}.
لذلك أرجو أن تتشاوروا جميعا كأسرة ثم تقرروا ما فيه المصلحة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا ولكم التوفيق والسداد، والإنسان مطالب أن يحسن إلى جيرانه، وأن يصبر على أذاهم، وأن يحاول أن يسد الأبواب التي يأتي منها الشر، وأن يحاول أن يدفع بالتي هي أحسن، بالهداية وغيرها.
قال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميد}، ويحاول ألا يعطي الناس فرصة، لأن الإنسان يحسن إلى الجميع، لكنه يتعامل بحذر مع من يتوقع منه إرادة الشر أو رغبة في الأذية، مع تأكيدنا مرة أخرى أن الأمر بيد الله تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يحفظنا جميعا، ونوصيكم بالمحافظة على أذكار المساء وأذكار الصباح وتلاوة القرآن، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية.