السؤال
السلام عليكم.
أعاني دائما من عكس اتجاهات الطرق، حتى وإن ذهبت إلى نفس المكان 6 أو 7 مرات، عند الذهاب مرة أخرى لنفس المكان فأنا بين أمرين، إما أن أنسى الطريق تماما، وإما أن أعكس الاتجاهات، كأن أتذكر أني دخلت يمينا بدل اليسار، أو أن المحل كذا على الجهة المقابلة، وهو في الجهة المجاورة لي.
كما أعاني من نسيان الأرقام وعكسها، كأن أتذكر 29 بدل 26، وأحيانا أعكس الأحداث، فبدل أن يكون فلان هو من ذهب وفلان الآخر لم يذهب، فأنا أتذكر العكس.
وأنا صغيرة كنت أعاني فقط من نسيان الطرق وعكسها، وأيضا عكس الأحداث، لكني كنت أتذكر الأرقام جيدا، وكنت مشهورة بذلك، الآن أنا محبطة للغاية، وهذا يسبب لي الإحراج مع من حولي، قررت أن لا أعتمد على نفسي في تذكر الأشياء مرة أخرى، أريد فقط أن أعرف هل هذا مرض؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ayaauf933 حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.
هنالك ظواهر تتعلق بذاكرة الإنسان ومقدرته على تسجيل المعلومات والاستفادة منها ثم إخراجها، والذاكرة لها عدة مركبات حقيقة: هناك الذاكرة البصرية، والذاكرة السمعية، والذاكرة الجغرافية، وذاكرة المعلومات، وهذه كلها لها نظمها الدقيقة والمعقدة جدا من حيث المسارات النفسية والفسيولوجية والعصبية.
في بعض الأحيان تجد أن الإنسان أصلا مقدراته ضعيفة في شيء معين وممتازة في شيء آخر، مثلا: بعض الناس لا يتذكرون الأسماء جيدا، لكن تجدهم ممتازين في معرفة الأماكن والأرقام، وأشياء من هذا القبيل.
الآن هذه الظاهرة اشتدت لديك، والسبب في ذلك ربما يكون وجود علة نفسية بسيطة مثل القلق المقنع، القلق والتوترات النفسية الداخلية – وكذلك الاكتئاب النفسي البسيط حتى وإن لم تظهر واضحة الأعراض – قد تظهر في شكل ظواهر مثل هذه الظاهرة التي تعانين منها. هذا أحد الأسباب التي يجب أن نبحث فيها.
وعلى ضوء ذلك أرجو – أيتها الفاضلة الكريمة – أن تتكرمي وتذهب وتقابلي طبيبا نفسيا ليقوم أولا بتقييم حالتك بدقة متناهية، هنالك اختبارات معينة للتذكر، لتسجيل المعلومة، لاستقبال المعلومة، وهذه الاختبارات سوف تفيد في تحديد العلة التي تعانين منها بصورة علمية وعلى وجه الدقة، وبعد ذلك توضع لك الخطة العلاجية.
لكن أبشرك أن الإنسان إذا كان يدرك أنه ينسى أو لا يتذكر فهذا في حد ذاته دليل على أن الحالة حالة بسيطة، لأن الذي لا يدرك لا يدرك أنه لا يدرك، هذه حقيقة مقولة صحيحة جدا. فإذا اضطرابات الذاكرة أو التذكر العضوية الشديدة لا يتذكر صاحبها أو لا يعرف أنه لديه مشكلة، لكن بما أنك مدركة لهذا الأمر فأنا أراه بسيطا جدا.
أيتها الفاضلة الكريمة: في بعض الأحيان مجرد الإجهاد النفسي والجسدي قد يؤدي إلى مثل هذه الظواهر بجانب علة القلق التي حدثتك عنها. فحاولي ألا تجهدي نفسك، حاولي أن تنامي النوم الليلي المبكر، حاولي أن تمارسي بعض التمارين الرياضية، تمارين استرخائية، نظمي غذاءك، واحرصي على تلاوة القرآن بتدبر وتجويد وتمعن، لا شك أنها تحسن التركيز، {واذكر ربك إذا نسيت}.
أيضا: تمارين الاسترخاء مهمة جدا في حياتنا، الناس حقيقة لا تهتم بها كثيرا، وإن كان الآن الوضع تحسن جدا، وأصبح الكثير من الناس يمارسون تمارين الاسترخاء، فأرجو أن تتدربي على هذه التمارين. توجد برامج كثيرة جدا على اليوتيوب توضح كيفية هذه التمارين، وأنا متأكد أنك حين تذهبين إلى الطبيب النفسي سوف يضع لك تمارين الاسترخاء كأحد المحاور العلاجية الأساسية لحالتك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.