السؤال
السلام عليكم.
مرحبا بي في صفحتكم المميزة الهادفة الموقرة.
كانت حياتي سعيدة، تزوجت من رجل مادي وطلقت منه، فرحت أن معاملتي انتهت، 21 سنة مرت كلها سعادة بين أحضان أمي، إخواني، ابني، كأن شيئا لم يكن، بعدت عن الناس اهتماما بالقراءة، وهواية ركوب الخيل، والرياضة، وكل ما كنت أحلم به في صغري في حدود المعقول، حققت أحلامي البسيطة، وبعدها دخلت الإنترنت ووجدته عالما آخر.
المهم انغمست وتغلغلت في مشاكل الناس، أعيش معهم أفراحهم وأتراحهم، ولكن كوني في نضرة المجتمع العربي مطلقة كأنها هدف وفريسة سهلة، ولكن لم يهمني الأمر؛ لأني أتناقش دون أن أتعب نفسي وأشرح لغيري ليحترمني، وتم طلبي للزواج وأنا في هذا السن.
أمي سرقها مني موت على حين غفلة؛ فلم أتمالك أعصابي، ولم أصدق أنني فقدت جنتي على الأرض، وتغيرت حياتي إلى الإحباط واليأس، أقرأ القرآن يوميا لكي أهدأ، وأسبح، رجعت للمراسلة المحترمة، ولكني لا أشعر بطعم الحياة، ولم أعد أهتم، أصبحت مرتبكة كثيرا، كنت أتمنى السفر ولكن من عادات العائلة ممنوع السفر لأني امرأة إلا مع الأهل، والأهل لا يسافرون كثيرا ولكن نادرا مع نساء العائلة.
أحب التعرف على الناس الإيجابيين، بدأت أقرأ كيف أخرج من قوقعتي ولكن أفشل في بعض الأحيان، وأدخل الفكرة في رأسي وأقول غدا أفضل، أتوقع الإيجابية، سيحدث هذا، ولكن الأمل طفيف، أعيش أترقبه لست مستعجلة، لكن عصبيتي زادت، وتوقفت حياتي، وابتسامتي ماتت داخلي، أعرف أن الفراق من سنة الحياة، ولكن كيف أتقبل الواقع وأستعيد شخصيتي وكل شيء توقف أمامي؟ الكل لم يعد يهتم بي سوى ابني أو بعض كلمات من الأب أو الإخوة، وأحيانا لا أحد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مليكة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الثناء على موقعك، ونؤكد أن واجبنا هو خدمة أبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا، ونسأل الله أن يعيننا وإياكم على الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم السعادة والآمال، وأن يرحم الوالدة وأموات المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.
أرجو أن تعلمي أن المؤمنة ينبغي أن ترضى بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، وأن تدرك أن هذه هي طبيعة الحياة التي يجتمع فيها الناس ثم يفترقون ثم يجتمعون ثم يفترقون، وهذا الموت كتبه الله على سائر الناس حتى على رسوله الكريم الذي قال له: {إنك ميت وإنهم ميتون}.
ومن السنن التي تخفف علينا مصيبة الموت أن نتذكر مصابنا بالنبي عليه صلاة الله وسلامه، وعليك أن تدركي أن الوالدة الآن بحاجة إلى دعائك والاستغفار لها، وأن الأعمال الصالحة التي تقومين بها هي امتداد لعملها الصالح بعد موتها، فاجتهدي في الدعاء لها، واعلمي أن هذه الحياة والإنسان يستطيع أن يتأقلم معها ويتكيف إذا بدأ حياته بالرجوع إلى الله تبارك وتعالى، والمواظبة على الصلوات، والحرص على ذكر رب الأرض والسموات.
أشغلي نفسك بالمفيد، والاهتمام بالأشياء الإيجابية في حياتك، والحمد لله هي كثيرة في حياتك، وأنت -ولله الحمد- تفكرين وتتطلعين إلى المستقبل.
فإذا تذكرت الوالدة فاعلمي أن حاجتها في الدعاء لها، واعلمي أن هذه سنة الحياة، واقتربي من الوالد ومن إخوانك، واحرصي على توجيه هذا الابن التوجيه الصحيح، وكوني دائما مع الإيجابيات والصالحات من المسلمات، واعلمي أن الإنسان حيث يضع نفسه، فاجتهدي دائما في أن تستفيدي من وقتك في الخير وفيما يقربك إلى الله، ومرحبا بك في موقعك، تقرئين الاستشارات، وتقرئين البحوث، وتنظرين في الفتاوى، وتجتهدين في إسعاد الآخرين بما تعلمت من المعلومات الشرعية والمهارات الحياتية المفيدة، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.
واعلمي أن الحياة لا تخلو من الجراح والأفراح أيضا، ولكن المؤمن ولله الحمد يربح في كل الأحوال، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء فصبر فكان خيرا له)، فاصبري على ما حدث من أمر الوالدة، وأكثري لها من الدعاء، ونسأل الله أن يرحمها ويرحم أمواتنا وأموات المسلمين.
ونكرر لك الشكر على هذا السؤال، ونؤكد أن حسن العرض للسؤال وفكرة السؤال تدل على أنك ستتجاوزين هذه الصعاب بتوفيق من الله، ونسأل الله لنا ولك الهداية والثبات.