رغبة الزوجة في الانفصال عن زوجها بعد زواج دام خمساً وعشرين سنة بحجة عدم إحساسها بزوجها

1 691

السؤال

أنا امرأة متزوجة، عمري 45 سنة، أعمل كمهندسة بمصر، وأنا متزوجة منذ 25 سنة، ولم تتسن لي رؤية أمي، وقد تربيت في منزل أبي مع جدتي وزوجة أبي وهي التي دفعته إلى التخلص مني بتزويجي إلى ابن عمي وكان عمري وقتها 18 سنة، وكنت أعتبر ابن عمي هذا كأخ لي، ولم يكن أمامي بد من أن أقبل رغبة أبي وهو الذي اهتم بتربيتي منذ صغري، ولكن كان هذا الزواج ضد رغبتي لأنني لم أكن مهيأة نفسيا لأن أكون أما أو أن أقوم بالأعباء الزوجية المنزلية، ولكني على العموم وافقت على رغبة أبي في تزويجي من ابن عمي الذي كان يريد زواجي بأي وسيلة.

ولقد كان جل اهتمامي قبل الزواج أن أتعلم لأصير مهندسة مسلمة، وأحمد الله أن وفقني لتحقيق ذلك ولكن لا زلت غير راضية على هذا الزواج القسري الذي حملت عليه ضد رغبتي، ولكني مع ذلك كنت حريصة على القيام بواجباتي تجاه زوجي وعلى صلة الرحم مع أقربائي بمن فيهم أبي وجدتي التي أيدت فكرة زواجي لإنهاء معاناتي من فقد والدتي التي لم أرها قط، ولإنهاء التوتر بيني وبين زوجة أبي.

والآن عندي أربعة أبناء تعلموا تعليما جيدا تخرج أحدهم هذا العام من كلية الطب وسيبدأ عمله كطبيب، وحياتي مليئة بنعم الله علي؛ ولكن يكاد صبري ينفد في حياتي مع زوجي فلم أعد أطيق العيش معه رغم كونه لطيفا جدا معي؛ لأنني أعتبره كأخ لي وليس كزوج رغم إنجابي أربعة أولاد منه، وأنا أريد الطلاق ولكني مترددة خشية النتائج المترتبة على شيء هو أبغض الحلال عند الله، ولكن بعد 25 سنة من الصبر أشعر بأنني لم أعد أطيق الحياة مع هذا الرجل تحت سقف واحد، ولكن أخشى أن أغضب الله بطلبي للطلاق، وأولادي يعلمون بالأمر ويتفهمون موقفي وملابسات زواجي من أبيهم، ولا يعترضون على طلبي الطلاق من أبيهم.

والآن أريد رأيكم في هذا الأمر مع رجائي أن تتفهموا أحاسيسي وما أشعر به في داخلي بالفعل، وآمل أن تردوا علي بسرعة.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ Fatima حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله بركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يرزقك حسن الخاتمة وأن يعوضك خيرا.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فكم أنا سعيد لما أكرمك الله من توفيق وصدق وعزيمة وإرادة جبارة حققت بها حلمك، وأصبحت مهندسة كبيرة رغم ما لديك من أعباء جسام ومهام عظام، وهذا أمر يستحق الفخر فعلا من أي مسلم يحب الإسلام وأهله، فرغم هذا الزواج القسري ورغم التوتر وعدم الانسجام ثم الحمل والتربية وفقك الله توفيقا يستحق منك كل شكر وثناء له آناء الليل وأطراف النهار، وها أن الآن أصبحت كذلك أما ناجحة انعكس نجاحك على أولادك حتى أضحى لديك من فضلك طبيب وغيره، وهذا كله ينم على أنك شخصية عظيمة عرفت البذل والتضحية والتحدي وقهرت الصعاب بفضل الله وتوفيقه.

أمام هذه الإنجازات أراني حائرا فعلا في طلبك الأخير ألا وهو الطلاق، لأن من قدرت على مواجهة هذه التحديات وأعطت كل هذا العطاء الرائع لا يستبعد وليس بصعب عليها أن تنتصر للمرة الأخيرة في قهر هذه النفس وإشعارها بأن هذه الإنجازات الرائعة تحتاج إلى من يحافظ عليها ويرعاها ويواصل ريها وسقياها بدمه وعرقه حتى تكتمل المنظومة وتصل القافلة إلى بر الأمان، وهذا هو الذي يفرض نفسه بعد هذه الفترة الطويلة من الزمن، نعم أنا معك هذا حق من حقوقك، ولكنك تأخرت في المطالبة به طيلة هذه الفترة حتى أصبح الآن طلبا غريبا رغم أنه من حقك شرعا ولا ينكره عليك أحد، فالشرع معك في أن من حقك أن توقفي هذه المسيرة مادامت ليست في صالحك، ومن حقك أن تطلبي الطلاق في أي فترة مادمت متضررة، ولكن الواقع الآن يجب وضعه في الحسبان نظرا لما سيترتب عليه من آثار قد لا تكون في حسبانك.

نعم، إن أولادك يقدرون مشاعرك وليس لديهم مانع، ورغم ذلك فمما لاشك فيه أن هذا سينعكس عليهم سلبا حيث ستكون أمهم في بيت ووالدهم في بيت آخر، وقد ترغب أمهم في الاقتران بشخص غير أبيهم، أو يرغب والدهم في ذلك، فيا ترى ماذا سيكون شعورهم حينذاك!؟ ولو تقدم خطيب لإحدى بناتك وعلم أن أمها مطلقة فهل سيكون هذا شيئا عاديا؟ أعتقد وأنت معي أنه لن يكون مقبولا وسيضعف من موقف ابنتك أمام خطيبها حتى أولادك الذكور، هذه بعض الآثار الواضحة التي يمكن رؤيتها الآن، فهل يسرك ذلك؟ لا أعتقد، إذن لو كان لي من نصيحة فأقول لك: دعينا نواصل المرحلة حتى نهايتها بما هي عليه ونضع الأولاد وتماسك الأسرة في اعتبارنا ونضحي من أجل أن تظل صورتنا جميعا حسنة أمام الجميع وتظلي أنت الأم المثالية التي ضحت بسعادتها من أجل أسرتها وأولادها، ولنحاول أن نجتهد في التأقلم مع هذا الواقع الذي عشناه زمنا طويلا ونضرع إلى الله أن يعوضنا خيرا في الدنيا والآخرة، وحاولي مقاومة هذه الرغبة، وأعتقد أنك قادرة على ذلك واصرفي عن نفسك فكرة الطلاق وأعطي لنفسك رسائل إيجابية بأنه لا حل إلا مواصلة المسيرة وأنك ستواصلين الرحلة ولو بين الألغام حتى يأتي الله بالفرج من عنده.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد!



مواد ذات صلة

الاستشارات