ألا يحق لنا العمل والزواج لنرتاح نفسيا وماديا واجتماعيا؟!

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

نشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع المفيد الذي استفدت منه الكثير، ولذلك فكرت أن أطرح سؤالي الشائك لعلي أجد له حلا أو تطمئن نفسي.

هل يحق للأب أن يحرم أبناءه من العمل والاعتماد على أنفسهم وحتى الزواج؟ وذلك بسبب أن فتاة من بناته تزوجت وفرضت عليه أن تتزوج وهو كاره للأمر، حيث أراد أن تشتغل وتساعده في المصاريف لأنه صرف عليها الكثير، وحرم غيرها من أولاده، ووفر لها جميع الظروف الممكنة، وعند زواجها انتقم من أولاده المتبقين بسبب فعلتها، وعطل حياتهم بسبب خطئها، ويرفض مساعدتهم لإمكانية العمل، فحيث تقيم تحتاج إلى خبرة للعمل وغير ذلك المال لمصاريف التنقل وكذا الملابس، وهو رافض للمساعدة رغم أنهم أبناؤه، ومن حقهم أن يساعدهم كما ساعد أختهم التي تزوجت، فما الحل مع أب أناني يحمل معاصي وأخطاء الآخرين ولا يرحمهم، ويرفض أن يسهل حتى زواج بناته الأخريات، حيث يقول إنه لن يوفر احتياجات المنزل حتى لا يأتيه أحد، ولا يريد أحدا؟!

فكما فرضت عليه ابنته نسباء جددا وصهرا، خائف من أن نشتغل أيضا ونحضر إليه عرسانا، وأن نستقل بحياتنا، أليست تلك سنة الحياة؟ ألا يحق لنا العمل والزواج لنرتاح نفسيا وماديا واجتماعيا؟

كما أن أبي لا يحب الناس، ومنغلق على نفسه، وحتى أهله بينهم وبينه مشاكل.

أشعر بأن حياتي ضائعة، فلقد شارف عمري على الثلاثين بدون عمل أو زواج، وحتى الظروف المعيشية والنفسية سيئة بسبب تفكيره ومنطقه، فلقد وضع جميع الوسائل لمنعنا من أن نذهب بعيدا عنه، حيث قال لي مرة: أنتم تأكلون ما دمت حيا، عندما أموت افعلوا في أنفسكم ما تريدون!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك مع موقعنا، ونسأل الله تعالى أن ييسر أمورك كلها ويقدر لك الخير.

نحن نتفهم – أيتها البنت العزيزة – المعاناة التي تعشونها بسبب تصرفات والدكم هذا، وتصرفه هذا لا يحل له بلا شك ولا ريب، والله تعالى إنما جعل له الولاية ليكون عونا لأبنائه وبناته، لا لظلمهم ومنعهم مما شرع الله تعالى لهم.

ومسألة النفقة لا تجب عليه لأبنائه وبناته إلا في حال فقرهم وضعفهم، فالذكور يجب عليه أن ينفق عليهم قبل البلوغ، أما بعد البلوغ فله أن يمتنع عن الإنفاق عليهم لينطلقوا ويكسبوا رزقهم بجهدهم وتعبهم، ما داموا قادرين على ذلك، وينبغي له أن يهيئهم للقيام بهذه الأعمال، بحدود قدرته، ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها.

وأما الأنثى فإن عليه أن ينفق عليها ما دامت فقيرة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، فإذا كان يقدر على الإنفاق عليها وجب عليه أن ينفق عليها.

وأما الزواج فليس له الحق في أن يمنع بناته من التزوج، ولا أولاده الذكور أيضا، والواجب عليه أنه إذا تقدم لابنته من يريد الزواج بها من الأكفاء يزوجها، وينبغي له أن يأخذ بالأسباب الموصلة إلى ذلك، فهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لو كان أسامة جارية لحليته وكسوته حتى أنفقه) يعني: حتى يتزوج. فهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، إعانة البنت على الزواج بما يرغب فيها الآخرين في تزوجها، وليس العكس.

وإذا كان الأمر هكذا فليس للوالد عليكم طاعة في منعكم من كسب رزقكم إذا كان يمتنع من الإنفاق، وليس له أن يمنعكن من الزواج، فإذا تقدم لكن من يصلح للزواج وامتنع هو عن تزويجكن فمن حق الواحدة منكن أن ترفع أمرها للمحكمة الشرعية – للقاضي الشرعي – يأمر والدها بالتزويج، فإن لم يفعل زوجها القاضي.

هذه أحكام شرعية، لكن كيفية الوصول إلى هذه المقاصد؛ هذا يحتاج إلى نظر في واقعكم خاصة، فنصيحتنا لك بعد الإكثار من دعاء الله تعالى أن يهدي والدك، نصيحتنا بعد الدعاء أن تستعيني بالعقلاء من أهلك (أقاربك) كأعمامك، أو أخوالك، ونحوهم، ولا سيما من كانت له كلمة مسموعة عند أبيك ليذكره بحقوقكن، لعل الله تعالى أن يرده عن مساره هذا.

كوني مع الله – أيتها البنت الكريمة – يكن معك، واعلمي أنه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. نصيحتنا لك أن تقوي علاقتك بالله، بالإكثار من ذكره، وطاعته، والتزام حدوده، ولا شك ولا ريب أنه سيجعل لك مخرجا ويدخل الأنس والسعادة إلى قلبك، فإنه سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء.

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك وييسر أمرك كله.

مواد ذات صلة

الاستشارات