يائسة ومكتئبة من حياة لم أحقق فيها العمل ولا الزواج!

0 18

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة طموحة جدا، ولطالما كان لي أهداف كثيرة، فأنا مهندسة، لكن لم أستطع الحصول على وظيفة دائمة، رغم أنني الوحيدة التي درست في المدرسة العليا في البلد.

مؤخرا أصبحت يائسة ومكتئبة ومتشائمة، لأنني لم أحقق شيئا مقارنة بأقراني، أصبحت أرى من حولي ناجحين وأنا أدور في نفس المتاهة، لم أستطع الزواج ولا الحصول على عمل، رغم أنني كنت الأحسن في دراستي وسلوكي، والكل يشهد ذلك.

لقد فقدت نور عيني والدي العزيز، فكرهت الحياة وأردت الموت، وما يمنعني هو خوفي من ربي، حياتي أصبحت بلا معنى، لا أستطيع التفاؤل، فكلما خطوت إلى الأمام تراجعت إلى الوراء، لا أحب مقارنة نفسي بأقراني؛ لأن ذلك يصيبني بالاكتئاب، فهم نجحوا وأنا فشلت، لا أريد أن أصاب بالغيرة، وأحسد الناس؛ لأنني لست من هذا النوع.

حاولت أن أملأ وقت فراغي بالنشاطات الاجتماعية والرياضة والطبخ والمطالعة والحرف اليدوية، لكني لم أفلح رغم التزامي، كرهت ما أنا عليه، وفي الفترة الأخيرة الأحلام أصبحت تؤرقني كثيرا، أرشدوني.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الحالة التي بك -إن شاء الله- هي حالة عابرة وعرضية، لديك عسر في المزاج، هذا أمر واضح جدا، ولا أريد أن أسميه اكتئابا، هو مجرد عدم ارتياح مزاجي، ونسأل الله تعالى لوالدك الرحمة والمغفرة.

الحمد لله أن خوفك من الله هو دائما يؤنسك، هذا أمر ممتاز، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، فكوني مع معية الله دائما، واحرصي على ذكر الله على الدوام، وحافظي على الأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء – وحافظي على ورد من القرآن يوميا، وعليك بالصلاة في وقتها، وكوني بارة بوالديك. والدتك تسانديها، وتقفي بجانبها، ووالدك تدعي له، الدعاء أمره عظيم، ويعتبر هو العبادة.

أيتها الفاضلة الكريمة: الحمد لله تعالى أنت لديك إيجابيات كثيرة، أنت تخرجت، تأهلت، وهذا في حد ذاته إنجاز كبير جدا، لا أحد يستطيع أن يأخذ منك مؤهلاتك أو علمك، وعدم وجود العمل؛ نعم الإنسان حين يتخرج ويكون متحمسا ومتطلعا لأن يدخل في دائرة العمل يحبط حقيقة حينما لا يجد فرصة للعمل، لكن دائما – أختنا العزيزة فاطمة – الإنسان إذا لم يحل مشكلة ما، لا يعني أنه لا توجد حلول، لا، الإنسان يحاول ويحاول، وإذا حاول عدة محاولات ولم يحصل على حل، لا بد أن يكون هنالك حل ما في يوم ما، فدائما عيشي على التفاؤل وعلى الأمل وعلى الرجاء، أملا في الله ورجاء فيما عند الله، وتفاؤلا بما سيأتي في مستقبل الحياة، وظنا بالله ظنا حسنا.

طبعا منهجية الحياة بأن تقومي بنشاطات اجتماعية ورياضية والطبخ والحرف اليدوية؛ هذا أمر عظيم جدا، لا تتوقفي؛ لأن الإنسان السعيد هو الذي يكون لديه نمط حياة نافعا لنفسه ولغيره.

عليك بالتواصل الاجتماعي، ادخلي في برنامج لحفظ القرآن، هذا سوف يكون مشروع حياتك، و-إن شاء الله تعالى- تجدين العمل، وترزقين بالزوج الصالح، وكل ذلك يأتي -بإذن الله تعالى-.

عليك بالصبر، وعليك بالمجاهدة، وعليك بالمحاولات، ويجب ألا تحبطي أو تتشاءمي، لا، اجعلي الأمل والرجاء هو منهجك، وعيشي في قوة الحاضر، الحاضر دائما أقوى من هواجس المستقبل ومن ضعف الماضي، استمتعي بحياتك، رفهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأنا أرى أن الأمور سوف تتحسن كثيرا -إن شاء الله تعالى-.

عليك بالرياضة، الرياضة وجد أنها الآن تنشط المواد الكيميائية الدماغية المتعلقة بالاكتئاب النفسي، مادة الـ (سيروتونين Serotonin) ومادة الـ (نورأدرينالين Noradrenaline)، ومادة الـ (أوكسيتوسين Oxytocin) - أو ما يسمى بهرمون السعادة - ومادة الـ (ميلاتونين Melatonin) هذه المواد كلها يتحسن إفرازها من خلال ممارسة الرياضة.

هناك علماء في الغرب أيضا وجدوا أن الصوم المتقطع يفيد كثيرا في تحسين المزاج، كصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وثلاثة أيام من كل شهر (الأيام البيض)، كأنهم يدعوننا لأن نصوم هذه الأيام، وهم لا يعرفون قيمة ذلك وعظمته في ديننا الحنيف.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، ولا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، توجد أدوية كثيرة جدا محسنة للمزاج، لكن لا أريد أن أدخلك في هذا الأمر، فحالتك حالة بسيطة -إن شاء الله-، وأحس أو أشعر أنه لديك دفاعات نفسية قوية -الحمد لله-، ولديك الدافعية أيضا نحو التحسن، وهذا يكفي تماما ويغني عن تناول أي أدوية.

أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات