السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نفسيتي في اكتئاب، وسببه فيروس كورونا، فمنذ ثلاثة أشهر كانت حالتي شديدة، أحسست بآلام شديدة، وأحسست أني سأموت، ودخلت المستشفى وكان الأكسجين قد وصل إلى نسبة 70% والحرارة 40%، وتم توصيل أنبوب الأكسجين لي، وتكثيف العلاج لمدة 8 أيام، وبعد التحسن تم استكمال العلاج بالمنزل لمدة عشرة أيام، ثم عدت إلى العمل، وقمت بفحص دوري، فإذا بطبيب الأشعة التلفزيونية يخبرني أنه يوجد تغير في نسيج الكلى، وأنت صغير، فاهتم بالموضوع.
من ساعتها أصابني توتر وهم شديد، وذهبت لعمل تحاليل وظائف الكلى، وكانت النتيجة في آخر الحيز المسموح، وطمأنوني أن الأمور حتى الآن طبيعية، فارتحت قليلا ثم عاودني الخوف والاضطراب والقلق عند إجراء أي فحص طبي أنه سيكون هناك مشكلة عندي، ومن بعدها أيضا أصابني نوع من الاكتئاب، وأصبحت أفكر بطريقة مختلفة، وأخاف مما سيحدث في المستقبل لي ولأبنائي، مما زاد همي وزاد توتري، حتى إني أشعر باهتزاز ورعشة جسمي من الداخل، وصداع من الرقبة حتى مؤخرة الرأس.
ذهبت للطبيب وكتب لي علاجا لمدة ثلاثة أشهر، عبارة عن قرص ميلجا صباحا، وقرص30 Mirtimash قبل النوم بساعتين، وتحسنت حالتي لأيام، وإذ بي تأتيني بعض الأفكار تشككني بأمور الإيمان، وبعدها بأيام تذكرني بذنوب قديمة تبت منها أنه لم تقبل توبتك منها، حيث أنها تتعلق بالعباد وأنك ستعذب، ولكني أذكر نفسي أني تبت منها، وأنهم لم يعرفوا بها، ولم يتأذوا بها، وأني إذا أخبرتهم ربما يكون الأمر أسوء، وأستغفر لهم، كما قال بعض العلماء، والآن أنا في حيرة من أمري، ماذا أفعل حتى أطمئن؟
حفظكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Gamal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد، وأقول لك: الحمد لله تعالى الذي أنجاك من هذه الجائحة (الكورونا).
أخي الكريم: يجب أن تحمد الله تعالى وتشكره كثيرا، فأنت تعرف فظاعة هذه الجائحة، هذا طاعون ولا شك في ذلك، كم من الناس التحقوا بالرفيق الأعلى، كم من الناس تعطلوا، كم من الناس أصابهم الخوف والوسوسة والقلق وأمراض نفسية كثيرة بسببها، فالحمد لله أنت أحوالك تحسنت، وأمورك طيبة.
أنا أقول لك: إن آثار الكورونا قد تبقى لمدة ستة أشهر، هذا الكلام معروف، فأنت الآن يجب أن تكون إيجابيا وتساعد نفسك بممارسة الرياضة، خاصة رياضة المشي، التغذية السليمة، وتكثر من الاستغفار، وتحمد الله تعالى على هذه النعمة العظيمة التي أنعم بها عليك، فيا أخي: انقل نفسك نقلة إيجابية حقيقة.
طبعا واضح أنه لديك شيء من قلق المخاوف، لديك شيء من الوسوسة، لديك شيء من عسر المزاج، لا أقول إنه اكتئاب أبدا.
تابع – يا أخي – مع الطبيب، وأنا متأكد أن آثار هذا الداء وهذا المرض ستنتهي تماما، لأني أعرف بعض الإخوة الأطباء الذين دخلوا العناية المركزة لفترات، وحصلت لهم مشاكل كثيرة في الرئة والكلى والقلب – وخلافه – لكن -الحمد لله تعالى بفضله ومنته- تحسنت أحوالهم جدا، ويوما بعد يوم يحسون أنهم أفضل، ومؤشرات الفحوصات فعلا تشير إلى ذلك. هذه نصيحتي لك – أخي الكريم - .
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أنك تحتاج فعلا لعلاج مضاد لقلق المخاوف، وكذلك محسنا للمزاج. عقار (سيرترالين Sertraline) والذي يسمى تجاريا (لوسترال lustral) وكذلك يسمى (موادبكس Moodapex) سيكون هو الأفضل بالنسبة لك.
الـ (ميرتيماش Mirtimash) وهو الـ (ميرتازبين Mirtazapine) عقار جيد، لكنه لا يزيل الوسوسة والخوف والتوترات، يحسن النوم، ويحسن المزاج، أنا أعتقد أنك يمكن أن تظل عليه بجرعة نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم اجعل الجرعة ربع حبة (7,5) مليجرام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله.
أما الـ (سيرترالين) فهو دواء رائع جدا، ابدأ في تناوله صباحا بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميا لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم اجعلها نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
أعتقد أن هذا هو الدواء الأفضل والأسلم بالنسبة لك، ويمكن أن تستشير طبيبك في هذا السياق، وأرجو – أخي الكريم – أن تغير فكرك، وأن تجعله إيجابيا، هذا ممكن، أفكارنا ومشاعرنا وأفعالنا تحت إرادتنا.
الحمد لله والشكر لله على نعمة الصحة والعافية، وأسأل الله تعالى أن يرفع عنك كل مكروه، وأن يطيل عمرك ويصلح أعمالنا وأعمالكم جميعا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.