السؤال
أشعر من صديقي الكثير من الحقد والكره لي، حيث دائما ينظر إلي مالي، ويقول لي: إن الحياة معك سهلة، ولكن معي دائما صعبة، ويذكر دائما أمام الناس أني أملك المال، وهذه فكرة ليست أكثر من أني أدخر ذلك من عملي.
المشكلة اعتقاده عني أني أملك الكثير من المال وأمثل دور الفقير، ودائما يسأل بكم اشتريت الأشياء؟ وأنا أجيبه بنية صالحة، ويقول لي من كثرة المال لديك، أنا لا أملك حتى ثمن الترافيه!
أنا لم أعد مرتاحا في التعامل مع صديقي هذا، وقررت أن لا أقابله كرة أخرى، ويكون التواصل بيننا عن بعد حتى لا يؤذيني بكلامه.
كذلك عندما نذهب إلى أي شيء فيه تنافس مثل الجيم (رفع أثقال) دائما لا يشجعني كما أفعل له، بل يقول: كيف ترفع هذا الوزن وأنت مبتدئ؟ إن الحياة منحتك المال والقوة وكل شيء.
أنا لم أكن مرتاحا، وقررت التواصل معه عن بعد، فماذا أفعل معه؟ أريد أن أفعل الصواب في ديني، وأتمنى النصيحة والمساعدة، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الابن الفاضل- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يؤلف القلوب ويصلح الأحوال.
لا شك أن المشاعر السالبة من صديقك مما يؤذي، ولكنك تؤجر بالصبر عليه، والإنسان ينبغي أن يتعامل مع هذه النوعية من البشر بالإحسان، وبالتغافل، وبالتسامح، وبكتمان النعم، فكل صاحب نعمة محسود، وعليك أن تحافظ على أذكار الصباح وأذكار المساء، وإذا استطعت أن تبتعد عنه ولو بطريقة معقولة، نحن لا نريد أن تقطع الشعرة ولكن من حقك أن تبحث عما يبعدك عنه، ويبقى التواصل من على بعد ووسائل الاتصال الحديثة الموجودة.
كما نرجو ألا تعطي الأمور أكبر من حجمها، فإن مثل هذا الكلام فعلا يضايق الإنسان، لكن المؤمن يوقن أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، واعلم أن الحسد داء يذهب إلى الحاسد فيقتله دون أن يصيب المحسود، (اصبر على مضض الحسود ... فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله إذ المراد).
قال معاوية: (ما رأيت في خصال الشر أعدل من الحسد، لأنه يذهب إلى الحاسد فيقتله دون أن يصيب المحسود)، ومع هذا نحن لا نريد أن تشعره أنه حاسد، وأنك تتضايق، لأن هذا قد يزيد النيران عنده اشتعالا، ولكن تفادي ذلك بشتى الوسائل المشروعة بالنسبة لك، كما قال يعقوب لأبنائه: {لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة}، ثم أرجع الأمر إلى الله، فقال: {وما أغني عنكم من الله من شيء}.
الإنسان يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، فافعل من الأسباب ما تستطيع أن تستر به على أموالك، ما تغطي به على بعض النعم التي عندك، وإذا ذكر ما عندك من النعم فاشكر الوهاب سبحانه وتعالى، وأعلن رضاك بقضاء الله وقدره، وكن مشفقا عليه ولا تقابل حسده بحسد أو بحقد.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يطهر قلوبنا جميعا من الغل والحقد والحسد وسوء الظن، فإن النجاة عند الله لمن أتى الله بقلب سليم.
نسأل الله أن يوفقك وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.