لا أريد أمي التي تخلت عني منذ الصغر في حياتي.

0 28

السؤال

السلام عليكم

والداي مطلقان، عشت في منزل جدي لأمي منذ الصغر، لم تكن لدي علاقة بأمي، تخلت عني، وعندما عشت معها عاملتني كخادمة -ضرب وإهانات بدون سبب وتعذيب-، رجعت لبيت جدي، توالت الأيام فأصبحت أمي تحرضني على الفساد، وتطلب مني محادثة الرجال على الشات، كنت أرفض وتسخط علي، كما كانت تريد قتلي تعتقد أني خطفت منها حبيبها، وأنا كنت مخطوبة ولم تصدقني.

قررت أن أقطع علاقتي بها، لا أحتمل طلباتها، وصلت إلى الشعوذة، طلبت منها أن ترضى علي، لكنها تبرأت مني، وطلبت مني أن أنساها، وقالت: جدتك هي أمك.

لقد تزوجت، وسمعت أنها تحاول معرفة مكاني، وأنا لا أريد أن تعرف مكاني، أخشى أن تخرب بيتي، أخاف منها كثيرا، وأخاف من غضب الله، لكن لا أستطيع، فهناك أمور لا أستطيع قولها، تعبت نفسيا، أقاربي يقولون: لقد تخلت عنك ولم تربيك، فلن تحاسبي على عدم برها.

لا أستطيع العيش مع أمي، ولا أرغب في مجيئها، وأتعذب خوفا من الله، لقد سامحتها على ما مضى، لكني لا أريدها في مستقبل حياتي، علما أن أموري جيدة مع أبي، وهو يفتخر بي، وراض عني، وزوجته أقرب إلي من أمي البيولوجية، وكنت أتمنى لو أنها أمي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الفاضلة- وردا على استشارتك أقول:
فالحمد لله أنك وصلت إلى هذه المرحلة على استقامة وعفاف، وجزى الله خيرا جدتك التي قامت مقام أمك وزيادة.

أمك الحقيقية هي التي حملت بك وأرضعتك، فعليك أن تؤدي لها حقها من الإحسان بقدر استطاعتك، وفي حال تحقق أن اختلاطك بها يعني إفساد لحياتك فعليك أن تؤدي حقها دون الاختلاط بها، وعليك أن تؤدي أقل ما يمكن من العمل بحيث تخرجي عن كونك قاطعة رحم.

الموازنة بين المصالح والمفاسد من القواعد الشرعية التي قعدها العلماء بموجب أدلة شرعية من القرآن والسنة، فإن كان في عيشك مع أمك أو عيشها معك مفسدة عليك فيجوز لك الامتناع عن ذلك من أجل تحققي مصالحك، وتبتعدي عن المفاسد التي لا تحتمل.

لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن طلبت منك أمك معصية فلا طاعة لها، وإن غضبت فغضبها لا معنى له وسخطها لا تأثير له، ولقد أحسنت حين رفضت طلبها في التعرف على الرجال عبر الإنترنت.

أنت ابنتها تبرأت منك أم لم تتبرأ، واحذري أن تطيعيها في الذهاب إلى المشعوذين أو السحرة فلا طاعة لها في معصية الله.

معصية أمك في مثل هذه الأمور المخالفة للشرع، وكذلك عدم تلبية طلباتها التي فوق قدرتك واستطاعتك، فلست مؤاخذة عليها، فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها.

كلام أقربائك ليس صحيحا بإطلاق، فلو أنها طلبت منك أمرا مقدورا وتعاملت معك بما لا يضرك، وكان عندك القدرة على برهان فيجب عليك أن تبري بها، لأنها وإن تركتك ولم تربك فإنها هي أمك الحقيقية، والله تعالى أمر بالإحسان للوالدين بصفتهما والدين حتى ولو كانا كافرين.

لا تأخذي في نفسك على والدتك، واجتنبي شرها بما تقدرين وبري بها بما ليس فيه ضرر عليك، وأحسني لوالدك طالما وتعامله معك حسن.

لا يصلح أن تطلقي على أمك وصف أمي البيولوجية، بل هي أمك وكفى، فلا تقدرين على الانتفاء منها ولا هي تستطيع نفيك.

لو استطعت أن تسلطي عليها الصالحات من النساء يأخذن بيدها وينصحنها فذلك خير، لعل الله يكتب لها الهداية، فمما لا شك فيه أنها تعاني من ضعف في إيمانها، ويمكن أن تكون مصادقة لنساء سيئات، فإحاطتها بالنساء الصالحات سيخرجها عن البيئة التي تعيش فيها.

نوصيك بالاجتهاد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي ربك أن يلهم والدتك الرشد وأن يهديها ويرزقها الاستقامة، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلهم والدتك الرشد وأن يصلحها ويهدي قلبها، إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات