السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف أرضي أمي؟ فهي دائما تكون غاضبة مني، وما ذلك إلا بسبب أنها تسخر مني وترى بأني دائما على خطأ، وهذا ما يجعلني أغضب فأرد عليها، مما يتسبب بغضبها مني، وأنا لا أريد ذلك، حتى أنها تراني في أحلامها بأني أغضبها، وعندما تستيقظ تتشاجر معي، وعلى أبسط الأمور، وتقطع حديثها معي، وهذا يحزنني.
أنا أعترف أني كنت مخطئة معها عندما تهاونت في فعل الأعمال المنزلية كما يفعل إخوتي، كما أن أمي لا تنسى، ودائما تشتكيني لأبي فيغضب مني.
أريد حلا، فقد أصبحت تدعو علي بأبشع الدعاء عندما أختلف معها، كأن تدعو بالشلل وأن ينتقم الله مني، فماذا أفعل؟
أنا خريجة جامعية منذ ثلاث سنوات، وليس لدي أصدقاء، فأنا طول الوقت مع أمي، وإذا رفضت فعل شيء أحيانا يكون بسبب الملل والزهق!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maryiaaaam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك.
عزيزتي الجميلة: إن المشاكل العائلية موجودة في كل بيت من بيوت المسلمين، حتى بيوت الأنبياء لم تكن خالية منها، لكن المهم هو الطريقة والآلية التي نعالج بها هذه المشاكل، هل بروح التسامح والصبر، أم نسعى لتضخيم المشاكل؟
كما أن أغلب البيوت العربية تعاني من هذه المشاكل بسبب القرب الزائد في العلاقات، والمكوث مطولا في نفس المكان، والحل الوحيد أن تجدي لنفسك منهجا جديدا بالتعامل، وهذا لا يعني عدم التواصل مع والدتك وإخوانك، ولكن كل ما عليك أن تخففي الشكوى والتذمر، وأن تصبحي فتاة بشوشة الوجه، راضية بما قسم الله لها، وأن تشعري بنعمة أن لك أسرة وأما تحبك وتخاف عليك، وتذكري أن هناك الكثيرين ممن حرموا هذه النعمة.
وقولك : "أريد الحل ورضاها" أنصحك بهذه الخطوات غاليتي:
- واجبك أن تكوني ابنة بارة لها، وهي لم تقصر معك، ووصيتي لك: أن تغيري من نظرتك إلى الأمور؛ حتى تري الأمور الجميلة الموجودة في حياتك، وأن تغلقي كل المنافذ في وجه إبليس الذي يتربص في نفسك ويوسوس لك أن كل شيء سيئ في حياتك، وأن حياتك سوف تستمر هكذا، وأنت تستمعين إليه.
- لا تضخمي المشاكل التي تحصل بينك وبين والدتك، الاختلاف بوجهات النظر بين الأم والأبناء أمر طبيعي، وكل ما عليك أن تتنازلي قليلا، وأن تحترمي ما تقوله أمك، وأن تنجزي الأعمال المنزلية بالطريقة التي ترضيها، وما المانع بنيتي؟ وأنت اعترفت أنك مخطئة من خلال ما ذكرت لنا وقلت:" أنا أعترف أني كنت مخطئة معها عندما تهاونت في فعل الأعمال المنزلية كما يفعل إخوتي".
فواجبك أن تبدي احترامك لوالدتك، وأن تسمعيها كلاما طيبا يخفف عنها عناء يوم طويل من الوقوف في المطبخ من أجل احضار وجبات الطعام لكم.
- ونظرتك لحياتك أصبحت سوداوية؛ بإمكانك أن تسعي إلى تغييرها لتصبح وردية ومفعمة بالحياة، فنحن خلقنا لنعيش الحياة ونتمتع بما أنعم الله علينا من نعم ضمن الحدود الشرعية، فنحن لدينا الكثير من الأجواء الإيجابية في عالمنا العربي والإسلامي، فقط انظري حولك غاليتي، واعملي بهذه النصائح، وتوكلي على الرحمن.
ارفعي من قدر نفسك، واعلمي أن محبتك لله أولا ثم لنفسك ثم الآخر سوف تجعل منك فتاة جديدة وقوية، مقبلة على الحياة بروح الثقة بالله، وليكن هذا شعارك في الحياة؛ وهذا سوف ينعكس إيجابيا على طريقة تفكيرك وعلى علاقتك بوالدتك.
بالنسبة إلى قولك: " أنا خريجة جامعة منذ ثلاثة سنوات": أقول لك طوري نفسك وثقفيها، فالعلم لا يتوقف عند الحصول على الشهادة الجامعية، فليكن طموحك الحصول على درجة الماجستير ثم الدكتوراه، واشغلي نفسك بمستقبلك، وأكثري من الاستغفار والدعاء أن يرزقك بالزوج الصالح، وأن ينفع بك المجتمع الإسلامي، وأن تكوني فتاة مميزة متعلمة ومتمكنة من علم الدنيا والآخرة، وكل هذا يكون بالتوكل على الله جل وعلا، والتزامك بالطاعات، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ومساعدة المحتاجين ومنهم كبار السن .
- اهتمي بأنوثتك من جديد ولا تهمليها، ولا تسترسلي بالأفكار السلبية، والتي تنعكس على صحتك ونفسيتك، فنفسك لها حق عليك، أعطي نفسك الوقت الكافي لاختيار ملابسك، واحرصي أن تكوني راضية على مظهرك، وحدثي نفسك بعبارات إيجابية تعطيك القوة من داخلك، فمثلا قولي: أنا أحب نفسي، وأحب عائلتي، وهم أغلى ما لدي، فهم سبب شعوري بالأمان، وأنا أحب الله ورسوله، وأريد أن أعيش حياتي وأحقق طموحي ...وهكذا.
وتمعني بقول عمر رضي الله عنه وأرضاه حين قال: "ما أعطى الإنسان بعد الإسلام نعمة أفضل من صديق حسن"، لذا أنصحك أن تعيشي وتستمعي بوقت خاص لك مع صديقات صالحات، فالصداقة مهمة لنا جميعا...
تقربي من الله -عز وجل- بالصلاة والصوم، وفوضي أمرك إلى الله، واعلمي أنه لا يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له، يقول الباري: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
جعلك الله من أهل الجنة وبدون حساب، ورزقك البر والتقوى والعلم والعمل.