السؤال
السلام عليكم.
بعد سنتين مرت من الجحيم المتواصل والأطباء النفسانيين وأطباء الأعصاب، وقراءة العديد من أجوبة حضرتكم على أسئلة الناس قررت أن أستشيركم بنفسي.
قبل سنتين من الآن كنت أتعاطى مخدر ليريكا وكنت أعاني نوبات الهلع في نفس الوقت والتي يرجع سببها إلى مشكلتي في القلب، وهي تسارع نبضات القلب، هي التي عززت نوبات الهلع لدي، حيث أصبحت مخيفة إلى حد اليوم الذي استيقظت فيه أجد الدنيا متغيرة تماما، وهلع كبير أشعر به وكأني منفصل عن العالم مع رؤية ضبابية وعدم توازن.
ذهبت بعدها إلى طبيب أمراض نفسية وأعصاب وشخص حالتي بأنها اختلال الآنية، وقلق، ونوبات هلع، استمررت على دواء ديبريتين لمدة شهرين وتوقفت عنه ظنا مني أني سوف أداوي نفسي بنفسي لكن حالتي أخذت تتدهور شيئا فشيئا، وتحطمت حياتي من كل الجهات، فلا أشعر بشيء لا بنفسي ولا بمحيطي.
منذ مدة عدت إلى طبيب وأعطاني دواء ديبريتين وأنا آخذه منذ 5 أشهر إلى حد الآن أعاني من ضغط في خلف الرأس، واختلال قليل في التوازن مع رؤية ضبابية، وكأن كل شيء لا يتضح أمامي خاصة عندما يكون يتحرك، وتركيزي منخفض جدا ولا أشعر بشيء حولي غالب الوقت وأعاني من تشنجات 24 ساعة في عضلاتي.
لا أكاد أستطيع عيش حياتي، أنا على حافة الانهيار! أرجو المساعدة منكم، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
القلق طاقة وجدانية مطلوبة في حياتنا، القلق هو الذي يحسن من دافعيتنا، وهو الذي يجعل الإنسان ينجح في حياته من خلال أدائه لواجباته، لكن القلق حين يزداد ويحتقن ويسير في مسارات وجدانية خاطئة بالفعل قد يسبب إشكالية كبيرة.
القلق يجب ألا يعالج فقط من خلال الأدوية، لا، علاج القلق يقوم على مبدأ توجيه القلق التوجيه الصحيح، أولا: بأن يتجنب الإنسان الفراغ الزمني والذهني، إذا إحسان إدارة الوقت، والاستفادة من الوقت على أكمل الوجوه، هي علاج من علاجات القلق، وممارسة الرياضة باستمرار مكون علاجي رئيسي جدا، ممارسة التمارين الاسترخائية، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، عدم الكتمان والتفريغ عما يدور في النفس، والتواصل الاجتماعي هنا أيضا يعتبر مطلوبا. الانفعالات الإيجابية مع الأسرة، الحرص على الصلاة؛ فبها تطمئن القلوب، الدعاء، الذكر، الاجتهاد في الدراسة، تطبيق تمارين استرخائية مكثفة، وتوجد برامج كثيرة جدا في اليوتيوب توضح كيفية هذه التمارين.
فيا أيها الفاضل الكريم: هذه هي الأسس التي تغير حياة الناس خاصة من الذين يعانون من القلق، ومن يطبق مثل هذه البرامج يوجه قلقه ويجعله من قلق نفسي محتقن وسلبي إلى قلق إيجابي. وأنت الحمد لله تعالى في بداية مراحل الشباب، والله تعالى حباك بطاقات عظيمة يجب أن تستفيد منها.
أما العقار الذي تتناوله وهو الـ (باروكستين): لا تزد الجرعة من عشرين مليجراما، أعتقد أنها كافية جدا، ويمكن أن تدعمه بدواء آخر يسمى تجاريا (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد)، هذا الدواء جيد جدا لتحسين التركيز، وكذلك لإزالة أي نوع من الشعور بالدوخة التي تضر بالتوازن، السولبرايد مفيد جدا في هذا الخصوص، فاستشير طبيبك حول مقترحنا هذا، وتناول الدوجماتيل بجرعة خمسين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، أي كبسولة واحدة، وهذه جرعة صغيرة جدا، وإن شاء الله تفيدك كثيرا بجانب الباروكستين.
مصطلحات اختلال الأنية وما ارتبط بها من تشخيصات مصطلحات واهية، أضرت بالناس كثيرا، وأنا أعتقد أن الحالة حالة قلق وليس أكثر من ذلك، والقلق له تبعات، أن الإنسان يحس أن هنالك نوع من التغير حول ذاته وحول العالم وحوله، هذا جزء من القلق، ويسميه الناس بـ (اضطراب الأنية)، أن يحس الإنسان ببعض الأعراض الجسدية، كتسارع ضربات القلب، شعور بشيء من عدم التوازن، الضبابية في النظر، هذا كله يحدث مع القلق.
فأرجو – أيها الفاضل الكريم – أن تعالج نفسك من خلال الآليات النفسية السلوكية التي تحدثنا عنها، وكذلك تتناول الدواء بالصورة المطلوبة، وأعتقد أيضا أنه سيكون أمرا جيدا أن تجري (تقوم) بعض الفحوصات الروتينية العامة، لتتأكد من مستوى الدم، ومستوى السكر، ووظائف الكبد ووظائف الكلى، ومستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12)، ومستوى الغدة الدرقية، هذا إن شاء الله تعالى يكون مطمئنا لك.
طبعا أنا سعيد جدا أنك قد تخلصت من الـ (لاريكا) لأنها بالفعل مشكلة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.