السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية: أنا شاب أبلغ من العمر 19 عاما، قبل فترة بسيطة علمت أن لدي قلقا محتقنا، ورغم أنه كان بسيطا مقارنة بأنواع أخرى، إلا أنه عطل حياتي بشكل كبير، فقد كنت منعدم الثقة تقريبا، وأعاني من قلة الحافز، وكان يراودني أحيانا شعور بأنني أقل من الآخرين!
الآن -الحمد لله- بفضل الصلاة وقراءة القرآن، وتمكني من معرفة السبب الرئيس، فإنني أفضل بكثير، لكنه لم يختف كليا فأنا أحتاج لبعض الوقت.
السؤال هنا: هل عند زوال هذا القلق المحتقن كليا ستزول الأعراض التي كنت أعاني منها؟ أي هل هنالك علاقة مباشرة ما بين القلق وهذه الأعراض (قلة الثقة وغيرها)؟
وسؤال آخر مهم جدا: أنا أعاني من هذا القلق منذ ما يقارب 7 سنوات، فهل تأخرت أكثر من اللازم في اكتشافه، بما أني أبلغ الآن 19 عاما؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.
أنت لديك سؤال سابق عن ممارستك للعادة السرية لفترة طويلة، والحمد لله أرى أنك قد أقلعت، وهذا أمر طيب، والآن أنت تتحدث عن ما تعانيه من قلق محتقن أو ما نسميه بالقلق المقنع، والحمد لله تعالى من خلال آليات معينة - على رأسها الالتزام بالصلاة وقراءة القرآن - أصبح هذا القلق يتحول إلى قلق إيجابي؛ لأنه في الأصل - ابننا نادر - القلق هو طاقة مطلوبة جدا في حياتنا، القلق هو الذي يدفعنا ويحركنا، ويجعل هممنا أكثر فعالية لنواجه الحياة من أجل أن ننجز، ومن أجل أن ننجح، لكن إذا سار القلق في مسارات خاطئة ولم نوجهه بالصورة الصحيحة قد يتراكم، وقد يحتقن، ويتحول إلى طاقة سلبية.
الآن أنت متخوف من موضوع الثقة في النفس: موضوع الثقة في النفس حقيقة هو مفهوم خاطئ، الكثير من الناس لا يقدرون ذواتهم بالطريقة الصحيحة، لذا تجدهم يتحدثون عما يسمى بالثقة في النفس.
أولا: الإنسان يجب أن يقيم نفسه بصورة منصفة، تعرف طاقاتك، تعرف إيجابياتك، تعرف سلبياتك، وتكون منصفا مع نفسك حين تقدر هذه الأبعاد الخاصة بالنفس، والإنسان يجب ألا يقلل من شأن ذاته، ولا يضخم ذاته أيضا، هذا مهم جدا.
فأنا أريدك حقيقة أن تعيد تقييم نفسك، والذي أراه أنك الحمد لله بخير، وأنه لديك طاقات وجدانية وطاقات نفسية ممتازة جدا، وطبعا أنت الآن من المفترض أن تكون في مرفق دراسي - في الجامعة مثلا - وأنت ذكرت الوظيفة أنك لا تعمل، أتمنى حقيقة أن تكون في المسار التعليمي، وإن لم تجد فرصة في التعليم النظامي قطعا الحمد لله الآن وسائل التعليم كثيرة جدا، فيجب أن تؤهل نفسك من خلال العلم، ومن خلال المعرفة، ومن خلال العمل، كل هذا مهم جدا، ويشعر الإنسان بقيمته.
هناك أمر آخر أيضا مهم جدا، وهو: أن يتعلم الإنسان ويطلع على فنون ما يعرف بالذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني.
الذكاء الوجداني لمن يفهمه بدقة يجعل الإنسان يقدر نفسه بصورة صحيحة، يستطيع الإنسان من خلال الذكاء الوجداني أن يفهم نفسه، وأن يتعامل إيجابيا مع نفسه، وهذا مهم جدا، وفي ذات الوقت أيضا تكون له المقدرة لفهم الآخرين، ويتعامل معهم بصورة إيجابية، ويصل إلى مبتغاه، وهو: أن يعامل الناس بالطريقة التي يريدهم أن يعاملوه بها، وهذا حقيقة غاية التوازن النفسي والوجداني والاجتماعي، فأرجو أن تقرأ عن الذكاء الوجداني، توجد كتب كثيرة جدا حوله، وأهم وأفضل هذه الكتب هو الكتاب الذي كتبه (دانييل جولمان) سنة 1995، وهو مترجم باللغة العربية.
أنت لم تتأخر أبدا في التعامل مع القلق، انطلق الآن، أحسن إدارة وقتك، هذا مهم جدا، ضع لنفسك برامج يومية (الدراسة، العمل، التواصل الاجتماعي، العبادة، بر الوالدين، ...) هذه كلها مكونات حياتية تقوم النفس وترفع حقيقة من ثقة الإنسان بنفسه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.