السؤال
السلام عليكم.
تعرفت على فتاة خلوقة بشوشة، تحبني وأنا أحس نحوها بالقبول، وطلبت منها ارتداء النقاب فوافقت، فهي تفعل أي شيء لترضيني، وأراها مناسبة للزواج، لكن سمعة أمها سيئة، وأهلي يرفضون زواجي بها، حيث يرون أني أعلى منها تعليما ونسبا، ويريدون أن أتزوج طبيبة، وأنا أرفض عمل المرأة حيث الاختلاط، وهناك سمعة والدتها التي لا يعرف أحد صحة الكلام عنها.
لا أدري ماذا أفعل؟ لا أشعر بالقبول نحو أي من الفتيات اللاتي أخبروني عنهن، أريد الستر لهذه التي اخترتها، ولا أريد أحدا يؤذيها بسبب سمعة والدتها، حيث لا ذنب لها، أرجو النصيحة.
وشكرا مقدما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
فينبغي أن تتحروا في هذا الأمر من خلال البحث والسؤال عن طريق النساء وبطريقة سرية، ولا ينبغي أن يعول على كلام الناس دون أن تكون التهمة ثابتة، فإن من الناس من يطعن في الأعراض بسبب مشاكل شخصية، وحبذا لو تكون والدتك ضمن من يتحرى حتى تحصل عندها القناعة في صدق أو كذب التهمة المنسوبة لوالدة هذه الفتاة.
لا تغلق على نفسك الأبواب، فمهما كان عند هذه الفتاة من الصفات فإنه لا يمكن أن تكون حكرا عليها، فربما وجدت عند غيرها مثل ما عندها وأكثر، فإن من رحمة الله تعالى بعباده أنه لم يضق عليهم في هذا الباب.
عليك أن تتيقن من توفر الصفات المطلوب توفرها في شريكة حياتك، وأهمها الدين والخلق كما أرشدنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (تنكح المرأة لأربع: لجمالها ولحسبها ولمالها ولدينها فعليك بذات الدين تربت يداك)، ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب فلا خير في زوجة لا دين لها ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.
مشروع الزواج مشروع مستدام وليس آنيا، ولذلك لا بد من التأني وعدم التعجل فيه، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (التأني من الله والعجلة من الشيطان)، ويجب أن يكون التفكير بالعقل لا بالعاطفة، لأن العاطفة قدد تخون صاحبها وتجر عليه الويلات، أما العقل فيوقفه على حقائق الأمور ودقائقها ومن خلالها يتخذ الإنسان قراره.
نشكرك على عاطفتك الجياشة تجاه هذه الفتاة، ولعل الله يأجرك على ذلك، ولكن لست مسئولا عنها إن كانت سمعة والدتها سيئة حقيقة، لأن تلك السمعة ستشوه بسمعتك وسمعة أسرتك وستؤثر على أبنائك في المستقبل.
لا أرى أن تخالف رأي والدتك لأنها ستعتقد أنك فضلت هذه الفتاة عليها، وربما ورث هذا قطيعة بينك وبينها ولا خير في القطيعة، فنيل رضى الوالدين وطاعتهما بالمعروف واجبة، والزواج بهذه الفتاة لا يتجاوز كونه مباحا، فتقديم الواجب أولى من نيل المباح، وبالمقابل لست مجبرا على التزوج بمن يرون هم، لأنك أنت الذي ستتزوج وليس هم، فلا تتزوج إلا بمن ترى أنها استجمعت الصفات التي تريدها مع عدم التشديد في ذلك لأن الكمال في البشر عزيز.
أوصيك بصلاة الاستخارة والدعاء بالمأثور، فمن وكل أمره إلى الله فلن يخيب الله ظنه، واختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، ومن علامات اختيار الله الأمر للعبد أن تتيسر الأمور، ومن علامات عدم الاختيار انسداد الأبواب وتعقد الأمور وحصول انقباض في القلب، وتبين بعض الصفات التي كانت خافية.
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسل ربك أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في هذه الحياة، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.