السؤال
السلام عليكم.
تزوجت في شهر 6، وكان تغير بيئة الحياة والمسؤوليات يؤثر علي كثيرا، وخصوصا مع اضطرار زوجي لطبيعة عمله أن ينام خارج البيت أحيانا، فأصبحت عصبيتي لا تطاق خصوصا أنني حملت فورا، حتى أنني لم أعد أسيطر على غضبي معه، فكنت لا أرتاح حتى أرى أني أخرجت الدم من يديه ويضربني، وبعدها أتفاجأ مما حدث، وكأنه خارج إرادتي، كانت تظهر هذه الأمور من لا شيء، وذهبنا إلى شيخ، ولكن لم تتحسن الأمور بالشكل المرجو، وفي كل مرة كنت أعتذر وأعود إليه نادمة.
كنت أعاني من ضغط كبير من إحدى نساء العائلة، وكان يعلم بكثرة أذيتها لي، فطلبت منه الذهاب لأهلي حتى يعود من عمله، وكنا قبلها بدون خلافات لمدة عشرة أيام قضيناها بالمنزل وحدنا، المهم أذن لي الذهاب على مضض، ولكنني لم أكن أشعر بالأمان بدونه، وأرسلت له رسائل توسلت إليه أن يكون بجانبي، وقال: إنه سيكون دائما جانبي، ولكن عندما عاد، هذه المرأة اتهمتني في شرفي، ورغم أنه أقسم أني شريفة عفيفة طاهرة ولم يصدقها، إلا أنه قام بتطليقي، بسبب كثرة المشاكل.
حاولت كثيرا الإصلاح، لكنه رفض التحدث، وهو رجل ملتزم محترم، لم يقصر في حقي، ولذلك منذ شهرين أحاول أن أصل له، ونجحت بالتحدث معه قبل فترة وقلت له: ربما دخل السحر بيننا! وأرسلت إليه بعض الأمور التي وصلتني والتي قد تؤكد ذلك، وقال: أنا بجانبك، ثم اختفى مرة أخرى فجأة، وعاد ليسير في إجراء الطلاق رغم أن قلبي يحترق عليه وعلى طفلي، أرجوكم قدموا لنا نصيحة علها تصلح بيننا، فسأرسل له رابط السؤال لعل يلين قلبه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
بما أن التغير حادث، وأنك تتصرفين تصرفا دون شعور ثم تحسين بالخطأ بعد أن تفعلي فعلتك وتندمين وتعتذرين، فتفسير هذا فيما يأتي:
الأول: أن يكون تعلقك به شديدا وحبك له كبيرا، وتحبين تملكه بحيث لا يفارقك، وهذا يتسبب في مثل هذه المشاكل، والعلاج من ذلك هو التوسط في حبه كما ورد في الحديث: (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما) فالاعتدال في كل الأمور مطلوب.
الثاني: أن يكون عندك شدة غضب، فالغضب رأس كل خطيئة، ولذلك لما جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أوصني يا رسول الله؟ فقال: (لا تغضب) ردد مرارا فقال: (لا تغضب)، وعلاج ذلك الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كلما أحسست بالغضب، والجلوس إن كنت قائمة أو اقعدي إن كنت قائمة، فإن لم ينفع فتوضئي، هكذا أرشدنا نبينا عليه الصلاة والسلام.
الثالث: أن يكون حصل لكما حسد أو غيره، وعلاج ذلك بالرقية الشرعية، فابحثا عن راق أمين وثقة ليستكشف حالتكما، فالحسد قد يكون أصابكما جميعا، وعلاج الحسد إن كنتما تشكان بأحد فاطلبا منه أن يتوضأ واغتسلا بذلك الماء، فإن كان هو الذي حسدكما فسيذهب ذلك عنكما فورا، وإن لم يكن هو فعليكما بالرقية الشرعية والصبر على ذلك حتى يزول ما تجدان.
لا ينبغي تصديق هذه المرأة فيما رمتك به، بل يجب أن تقدم الشهود على ذلك، وإلا فارفعا قضية إلى الحاكم الشرعي لتنال عقابها الشرعي.
طالما وقد أكذبها زوجك فلم طلق؟ فإن كان بسبب المشاكل فيجب أن يمنحك مدة من أجل العلاج لدى راق، وكذلك أن يعرض نفسه على الراقي، فإن الطلاق ليس علاجا والضحية سيكون ما في بطنك، ولعلكما تندمان ندما شديدا ولات ساعة مندم.
نوصيكما بالمحافظة على أذكار اليوم والليلة، ففي ذلك حصن لكما من كل شر -بإذن الله تعالى-.
الزما الاستغفار وأكثرا من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
اجتهدا في تقوية إيمانكما من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
تضرعا بالدعاء بين يدي الله تعالى أثناء السجود، وتحينا أوقات الإجابة وسلا الله تعالى أن يصرف عنكما شر كل ذي شر وأن يؤلف بين القلوب، وأكثرا من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد، ونسأل الله تعالى ان يلهم زوجك الرشد وأن يؤلف بين قلبيكما، ويرد كيد الكائدين في نحورهم، إنه سميع مجيب.