السؤال
السلام عليكم
أنا طالبة جامعية، وبعمر عشرين سنة، وفي السنة الثالثة في الجامعة، بدأت الحالة التي أعاني منها بعد نجاحي بالثانوية العامة بمعدل عال، وكنت من الأوائل، واخترت تخصصي اللغة العربية عن حب، ومن أول سنة لي في الجامعة بدأت أتراجع دراسيا، وغير متفوقة بتخصصي، ولا أطيق أن أفتح كتابا، وبدأت حالة من العزلة معي.
أفضل دائما الجلوس بغرفتي لوحدي لساعات على الهاتف، وأتخيل تخيلات وأوهاما ليست بالواقع، أصبحت أخجل، وأعاني من الشرود الذهني الدائم، وأنا لا أعتبر نفسي مريضة، لأني أدركت ذلك، ولكن أصابتني حالة من الاكتئاب، وفقدت الأمل والطموح، ودائما أوبخ نفسي لأني دخلت هذا التخصص، ويوجد عندي عدم تركيز، وأنسى كثيرا.
هناك شيء آخر: قبل دخولي الجامعة كنت محافظة على صلاتي وقراءة القرآن والأذكار، أما الآن فأصلي مع كسل، ولا أطيق أن أفتح صفحة واحدة من القرآن، ولا أستمع له.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Shatha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أجمل تحية
ابنتي الحبيبة، كثيرة هي ضغوط وأحداث الحياة المؤلمة التي تستقر في اللاوعي لدينا، وتظهر آثارها فجأة على هيئة وساوس فكرية وكآبة وحزن، وعدم تركيز وعزلة، وحديث مع النفس.. وهذا ما يحصل معك بنيتي.
جوابي على استشاراتك قد لا يكون مجرد الكلام المحفز، فقد تكون هناك أمور أخرى تحتاج للتركيز والتوجيه، ومن خلال عرضك للحالة التي تمرين بها ووصفك للأعراض هناك احتمال بأنك تعانين من حالة من الاكتئاب النفسي؛ فشعورك بالتعب والكسل وفقدانك الرغبة في الدراسة بعد أن كنت من المتفوقات ورغم أنك أنت اخترت التخصص الذي تحبينه...
قولك: " أتخيل تخيلات وأوهاما ليست بالواقع، أصبحت أخجل، وأعاني من الشرود الذهني الدائم" وهنا أنصحك بنيتي أن تراجعي الطبيب النفسي أو معالجة نفسية أو حتى المرشدة النفسية عندك في الجامعة، حيث يمكنها نصحك وتوجيهك للعلاج المطلوب، سواء جلسات العلاج النفسي أو حتى الدوائي عن طريق طبيب نفسي، والأفضل مراجعة الطبيب والمعالج وإن شاء الله ستتحسنين خلال فترة وجيزة.
لا مانع من إجراء بعض الفحوصات ومنها خاصة فحص الغدة الدرقية؛ فنقص نشاطها يؤثر على جميع العمليات الحيوية في جسم الإنسان؛ ولهذا فإن أعراضها تشمل هبوطا عاما في كل أجزاء الجسم تقريبا، فنقص نشاطها يمكن أن يشبه في أعراضه حالات الاكتئاب، وضرورة عمل تحليل الدم لمعرفة نقص الفيتامينات، وخاصة فيتامين (دي) و (بي 12) والحديد، فنقض هذه الفيتامينات يؤدي إلى الأمراض الجسدية والنفسية أحيانا.
أنت فتاة راشدة ويجب عليك أن تهتمي بصحتك ونفسك فأنت مسؤولة عنها أمام الله، لذا بنيتي لا تترددي في الذهاب إلى الاختصاصية النفسية، كما أرجو منك أن لا تعيري أي اهتمام لنظرة المجتمع وموقفه من الطب النفسي بشكل عام...ويمكنك الذهاب برفقة والدتك أو بمفردك.
اعلمي -غاليتي- أن الاكتئاب مرض كغيره من الأمراض التي يمكن أن تصيب الإنسان، وخاصة في مثل عمرك، فبعض حالات الاكتئاب تأتي من لا شيء، باعتبارها مرضا كسائر الأمراض، وهو له علاقة ببعض المواد الكيميائية في الدماغ، والتي يتم تصحيحها عن طريق دواء مضاد للاكتئاب، وجلسات مع المعالج النفسي.
اخرجي من عزلتك، وأشغلي نفسك في وقت الفراغ، واجعليه للجلوس مع صديقات صالحات، واقترحي عليهن المشاركة سويا في دورات تنمي لديكن مهارات الثقة في النفس وفقه الحياة من جميع جوانبها، ومن خلال هذه الدورات تتعلمين أمورا جديدة أنت بحاجة إليها.
هل تعلمين بنيتي أن ممارسة أي نشاط رياضي هو من مضادات الاكتئاب النفسي؟!
ابدئي بها الآن.
داومي على أداء الصلاة فهي نور الحياة.
أخيرا أقول لك بنيتي: إن الله بشر الصابرين بقوله: (إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين)، جعلنا الله وإياكم من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا.
يمكنك معاودة الكتابة إلينا إن احتجت لذلك، ولا تنسي أن تطمئينينا عنك غاليتي.