السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت منذ ٥ أشهر، زوجي يريد الإنجاب بشدة لأن عمره ٢٩ سنة، ولكن أنا لا أريد إطلاقا؛ لأنني خائفة، ولا أستطيع تحمل المسؤولية والأطفال.
زوجي يهددني إن لم أنجب له الأطفال سيتزوج بامرأة أخرى، ماذا علي أن أفعل الآن؟ قلت له مرارا وتكرارا أنا خائفة لأنه يوجد لدينا أمهات من أقاربنا ماتوا في وقت الولادة، وأنا لا أريد الإنجاب وهو لا يقتنع فماذا أفعل؟
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ياسمينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كل التحايا لك أيتها الزوجة العزيزة.
ابنتي الحبيبة: مشكلتك تكمن أن زوجك يريد الإنجاب وأنت تخالفينه الرأي في الوقت الحالي.
الزواج سنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وآية من آيات الله جل وعلا اسمه، حيث قال: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون).
ومما لا ريب فيه أن كل رجل يحلم بالزواج وبناء أسرة وإنجاب أطفال يكونون له سندا وعونا، ولكن بالقابل تجد بعض النساء إن إنجاب الطفل ما هو إلا تعب ومسؤولية ربما تفوق قدرة تحملها، وبعضهن تخاف لما يحدث من تغيرات على مظهرها الخارجي، أو تتوجس وتخاف أن تكون عرضة للموت أثناء الولادة؛ هذا الشعور يتولد نتيجة لعوامل عدة منها: بسبب قصص سمعتها عن صعوبة الولادة واحتمال فقدان الجنين أو موت الأم، وهذا ما يحدث معك غاليتي حيث ذكرت "أنا خائفة لأنه يوجد لدينا أقارب توفوا وقت الولادة".
وهذه الهواجس، أعتقد أنت لديك مخاوف في الأصل، ولديك ما يسمى بالقلق التوقعي (رهاب الحمل)، هو الذي يجعلك تخافين من موضوع الإنجاب والولادة، وهذه المخاوف تعالج من خلال التوكل التام على رب العالمين.
وتذكري قوله تعالى: "المال والبنون زينة الحياة الدنيا"، لذا أنصحك أن تأخذي بالأسباب، وأن تقتحمي مخاوفك من خلال تحقيرها، وأن تكوني متفائلة لا متشائمة× فالرهاب من الإنجاب يعالج من خلال التوكل على الله -عز وجل- والتجاهل المطلق.
والنصائح التي أهديها إليك -أيتها الأميرة- هي كالتالي -نصائح الضرورية للتعامل مع زوجك لتفادي حدوث أي خلاف بينكما-:
- اعزمي النية على بناء مملكتك على مرضاة الله وتقواه، وأن تجعلي المودة والرحمة أساسا لحياتك الزوجية؛ تحقيقا لقول الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
- لا تغرقي نفسك في الأفكار السلبية والوهمية، ولا تدعي الخوف من الإنجاب يسيطر عليك، بل استبدلي كل فكرة سلبية بفكرة إيجابية، فلو طرأت على خيالك فكرة الخوف من الإنجاب والولادة، رددي وقولي لنفسك: (الولادة أمر طبيعي، وربي سيرزقني الذرية الصالحة ... الخ)، وهكذا بنيتي لا تدعي منفذا للشيطان يسيطر على أفكارك ويدمر حياتك الزوجية.
-عودي نفسك وزوجك التفاهم والحوار الهادف، وتعاهدي معه على المودة والرحمة والإخلاص، ولا تنسي أن ترددي هذا الدعاء عند السجود: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
- ناقشي مع زوجك مخاوفك وهواجسك بصراحة، والسبب الرئيسي الذي لا يشجعك على فكرة الإنجاب، استمعي إلى زوجك وتقبلي أفكاره؛ لأنه قد يتمكن من إقناعك بأفكاره ويكون لك خير سند وبالتالي تعديل موقفك، وتقبلي رأيه الخاص، واحرصي على تفهم مشاعره وأحاسيسه والوصول بالتالي الى حلول مشتركة ترضي الطرفين معا.
فمفتاح السعادة الزوجية يكون بالحوار البناء والإيجابي، والاحترام المتبادل بين الزوجين، مع مراعاة مشاعر الشريك وتقبله كما هو، وتعظيم حسناته، والتغافل عن بعض الزلات والسيئات، ومن منا لا يخلو من العيوب؟!
لا تغفلي عما يتحلى به من إيجابيات ومزايا عديدة، وحاولي إبرازها له، واجعليه يسمع ثناءك عليه؛ وتأكدي أن هذه المخاوف التي تشعرينها في حياتك الزوجية مؤقتة لن تدوم، وحافظي على جسر التواصل والثقة بينك وبين زوجك؛ فهذا الجسر سيزيد من الألفة والمحبة بينكما.
جميل منك أن تسعي إلى تثقيف نفسك؛ فهذه الثقافة تنفعك في علاقتك مع زوجك ومع الناس، وتعينك على الشعور بالذات والثقة العالية، وللحصول على هذه الثقافة؛ عليك المشاركة في حضور بعض الدورات التدريبية التي تختص بكيفية التعامل مع شريك الحياة وتطوير الذات، وإن لم تنجحي بالمشاركة في حضور الدورات؛ فبإمكانك أن تتابعي هذه المواضيع وتعلم المهارات الحياتية عبر القراءة، أو استماعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واصقلي شخصيتك وثقفيها عن كل ما يخص الحقوق والواجبات الزوجية من الناحية الشرعية والثقافة الجنسية، وعن الحمل والولادة وما بعد الولادة وكل ما يحتاجه المولود من عناية ورعاية واهتمام؛ فالعلم نور ينور بصيرتنا يا ياسمينا.
أنصحك بممارسة الرياضة؛ فهي تحسن المزاج، وتفرز بعض الهرمونات التي تزيل القلق والخوف، وتعلمي الاسترخاء والتأمل، وفكري في الطبيعة وما خلق الله لنا من بحار وجبال، واسترسلي بالأفكار الإيجابية المشرقة.
الزمي الطاعات، وابتعدي عن مشتتات الحياة: من خوف وقلق، وأفكار من هنا أو هناك، وحافظي على تأدية الصلوات الخمس في أوقاتها، وشاركي في حلقة لحفظ القرآن، فإن من يحفظ القرآن ويتعلمه خير له من متاع الدنيا، وأكثري من الدعاء، واطلبي العون والسداد، واعلمي بنيتي أن الله أرحم بك من نفسك.
أسأل الله أن يرزقك الذرية الصالحة.
مع تمنياتي لك بحياة هادئة، ونفس راضية، وثقة عالية، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك يا ياسمينا.