السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاما، جميلة ومثقفة، وحافظة لكتاب الله، قمت بالكثير من الإنجازات في حياتي، وأنا من عائلة ذات حسب ونسب ودين.
الموضوع الذي يشغلني ويحطمني هو عدم زواجي إلى الآن، حين كنت صغيرة كانت كل الأمهات يقلن لأمي اتركي لنا ابنتك، كان الجميع يحبني، فكنت أقول يستحيل أن لا آخذ سيد الرجال.
ثم لم يتقدم لخطبتي رجل صالح، أتنازل وأتنازل ولا أجد فيهم من يصلح لا دينا ولا خلقا، تزوجت كل صديقاتي الأقل مني جمالا وأخلاقا ودينا وعلما، وبقيت أنا، أصبر وأصبر لغاية ما أجدهن يتحدثن عن أزوجهن وما يفعلون معهن وكيف يعيشون فأكره نفسي وأفقد ثقتي بها.
والله لست أباهي، لكني متدينة جدا، وأجاهد نفسي واطلعت على ديني وتخصصي الشريعة، وكل مرة أجاهد نفسي، وتدينت مبكرا قبل كل قريناتي، بل من هن من كانت على علاقات غير شرعية تزوجت.
قلت بأنني كنت أجتهد كثيرا في معرفة الحلال والحرام، وفي تثقيف نفسي ومجاهدتها قرأت جميع المجالات وطبقت ما قرأته لدرجة وصلت فيها للتعب النفسي، كنت أفعل كل ما يبعدني عن الحرام ويوقظ شهوتي، لكني الآن تعبت أريد أن أرتاح، أريد أن أنال شيئا مريحا وممتعا، فقد تعبت.
قريناتي لم يتعبن كما تعبت في الدين، كان تدينهن خفيفا ومع ذلك تحصن وتزوجن، وأنا التي حفظت نفسي وعففتها وتحملت غريزتها القوية، لم أجد ما يعفني، والله إني أصبر نفسي بكل شيء، ثم أفشل وأضعف، ويصل بي الضعف لدرجة أخشى فيها من التسخط.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مرام محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يسهل أمرك ويرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
أحسني ظنك بالله – ابنتنا الكريمة – واعلمي أنه لطيف بعباده، يقدر لهم الخير من حيث لا يشعرون، فقد قال سبحانه وتعالى عن نفسه كما تحفظين في كتابه العزيز: {الله لطيف بعباده}، واللطف معناه: إيصال الخير بطرق خفية، فقد يكون ما تكرهينه من الأقدار هو الخير وهو المصلحة لك، علم الله ذلك وأنت لم تعلميه، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فكوني على ثقة من أن الله سبحانه وتعالى يختار لك الخير، ومع هذا خذي بالأسباب للزواج، من أهمها: كثرة الاستغفار، فأشعري نفسك أنك على ذنوب، ولا تقارني نفسك بالأسوأ من الناس، بل قارني نفسك بمن هو خير منك، هذه هي المقارنة الصحيحة في الدين، إذا أردت أن تعرفي مقامك ومكانتك في الدين فينبغي أن تقارني نفسك بالصالحين والصالحات، لا بالفاسقين والفاسقات.
فأكثري من الاستغفار، وأكثري من دعاء الله سبحانه وتعالى أن يرزقك الزوج الصالح، ويعفك بالحلال عن الحرام، وحسني ظنك بالله، فلا تقطعي رجاءك ولا طمعك في رحمة الله، فالله تعالى لا يعجزه شيء، إذا أراد شيئا إنما يقول له كن فيكون.
وهذا القنوط أو اليأس الذي قد يصيب نفسك هو أعظم ما تصابين به في دينك ودنياك، فلا تقطعي الأمل، وأنت لا تزالين في سن صغيرة، وفرص الزواج أمامك كثيرة، وإذا يسر الله تعالى فسيأتيك من ترضينه وتقر عينك به، وكوني على ثقة من أن تدينك لن يجر إليك إلا الخير، فإن الله تعالى وعد ووعده لا يتخلف، وقال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
وهذه الدنيا فيها الابتلاء بالمكروه، لينال الإنسان ثواب الصبر، فأنت ربما اختارك الله سبحانه وتعالى لمنزلة عالية وثواب جزيل لا تصلين إليه إلا بالامتحان بالشدائد وما يقتضي منك الصبر والتجلد؛ بينما غيرك ربما لم يكن الله تعالى يريد لهم تلك المنزلة، فلم يختبرهم بما اختبرك، فاثبتي على دينك، واصبري، وأري ربك من نفسك خيرا، حسني علاقتك بالله، وأكثري من التعرف على النساء الصالحات والفتيات الطيبات، فهن خير من يعينك على الزواج.
ويستحسن أن ترقي نفسك بالرقية الشرعية، فتكثري من قراءة {قل هو الله أحد}، والمعوذتين، والفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، وتقرئي ذلك في ماء وتشربي بعضه وتغتسلي به، فإن الرقية تنفع بإذن الله تعالى مما نزل ومما لم ينزل بالإنسان.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير.