السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 15 سنة، مررت بفترات اكتئاب متقاربة من بعضها، ثم أصبحت أعاني من ضعف في الذاكرة وشرود الذهن، كما أنني لا أستطيع التركيز أبدا، كما أتخيل -للهروب من الواقع- عكس ما أعيشه، أصبحت عصبية ومتوترة أكثر من اللازم.
حاليا فقدت حماسي في الدراسة بسبب مشكلتي، ولم أكن كذلك من قبل، أنا حائرة، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
أولا: أنا لا أريدك أبدا أن تصفي نفسك بأنك مكتئبة، الاكتئاب مرض قاس على النفس، و-إن شاء الله- لا يأتي لمن هم في سنك، ربما يكون حدث لك نوع من عسر المزاج البسيط، أو شيء من القلق والإجهاد النفسي، وهذا بالفعل يؤدي إلى شرود في الذهن وضعف في التركيز، وربما يقلل من دافعية الإنسان نحو الأشياء التي يجب أن يقوم بها كالدراسة مثلا.
الأمر بسيط جدا -إن شاء الله تعالى-، أريدك أن تعالجيه سلوكيا، وذلك من خلال التأمل الإيجابي، فكري فيما هو طيب وجميل، وتخلصي من الفكر التشاؤمي، والأمر الآخر هو: أن تنظمي وقتك، هذا أهم شيء، وأهم نقطة بالنسبة لك في تنظيم الوقت ويجب أن تبدئي بها هي أن تنامي مبكرا، النوم الليلي المبكر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ، وفي الأنظمة الكيميائية البيولوجية، ويجعلك -إن شاء الله تعالى- تستيقظين نشطة مع صلاة الفجر، وتؤدين الصلاة وأنت في نشاط، وبعد ذلك سوف تحسين أن درجة التركيز لديك عالية جدا، هذا أمر مجرب.
نوم ليلي مبكر، استيقاظ مبكر، صلاة الفجر، بعد ذلك تجهزين نفسك، الاستحمام، تتناولين مثلا كوبا من الشاي، تبدئين الدراسة في هذا الوقت، يمكن أن تدرسي لمدة ساعة مثلا قبل أن تذهبي إلى مدرستك، والاستيعاب في هذه الساعة سيكون عاليا جدا.
وطبعا الإنسان حين ينجز في فترة البكور، والتي وصفها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنها مباركة، وأن هذه الأمة قد بورك لها في بكورها، وقد دعا فقال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، الإنسان حين ينجز في هذا الوقت سوف يجد أن بقية اليوم أصبح جميلا، وأنه نشطا، و-إن شاء الله تعالى- يكون استيعابك ممتازا في المدرسة، وبعد الرجوع من المدرسة تتناولين الغداء، ترتاحين قليلا، ثم تمارسين أي تمارين رياضية، هذا مهم جدا، وبعد ذلك تبدئين المذاكرة مرة أخرى، يمكن أن تتواصلي اجتماعيا مع صديقاتك، تجالسي أسرتك، تكوني متفاعلة، تحرصي على صلاتك في وقتها، هذه هي الحياة، وهذا هو الذي سوف يغير فكرك ومزاجك وتوجهك نحو الحياة بصفة عامة.
أريدك أيضا أن تتصوري نفسك بعد عشر سنوات من الآن، أين أنت؟ ما هي إنجازاتك؟ نعم هذا يحسن الدافعية عندك، طبعا بعد عشر سنوات من الآن من المفترض أن تكوني قد أكملت الجامعة، أو حتى درجة الماجستير، الزواج، العمل، أشياء طيبة وجميلة، وهذا ليس أمرا خياليا، هذه حقيقة وتتحقق -بإذن الله-.
الرياضة مهمة جدا، أنا ذكرتها لك كجزء من إدارة الوقت، ويجب أن تتخذيها وسيلة علاجية.
هذه هي نصائحي لك، وأريدك أيضا أن تجري (تقومي) ببعض الفحوصات الطبية، سيكون من الجميل أن تتأكدي من مستوى الهيموجلوبين – أي مستوى الدم – لديك، وكذلك مستوى فيتامين (د) في الدم، لأن نقص فيتامين (د) وهو شائع جدا كثيرا ما يؤدي إلى نوع من الهمدان والإجهاد النفسي والجسدي، ويقلل من الدافعية. وإن وجد هذا النقص فعلاجه سهل جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.