نفسيتي متضايقة لأني لم أنل ما أريد.. كيف أرضى بما كتب الله لي؟

0 33

السؤال

كنت أنتظر شيئا لكن ما صار الشيء الذي أنتظره، وما أستطعت أنال الرضا، حاولت أقنع نفسي أن هذا هو الخير لي، لكني لم أستطع، وأحس بالضيق، وأوقفت الدعاء، وصرت أصلي -أستغفر الله- بدون نفس، القصة ليس عنادا مع رب العالمين -حاشا لله- لكني أحس أن هذ هو الخير لي، فلماذا يحدث العكس، أريد التوضيح وعدم اللوم بأني أعاند؛ لأن نفسيتي مدمرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنوار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة، وردا على استشارتك أقول:
علينا جميعا أن نؤمن أن كل شيء في هذا الكون يسير وفق ما قضاه الله وقدره ولا يخرج شيء عن تقديره وتدبيره سبحانه وتعالى يقول ربنا في كتابه الكريم: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ولما خلق الله القلم قال له اكتب، قال: وما أكتب، قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.

من جملة الإيمان الذي أمرنا به أن نؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره، وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه أي ليختبر إيمانه ويرفع درجته ويعظم أجره ففي الحديث: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).

ونحن ندرك أنك غير متسخطة -إن شاء الله تعالى- ومسألة الحزن قد تطرأ لعدم حصول المرء على ما يريد فقد حزن صلى الله عليه وسلم على موت ابنه فقال: (ن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ...)، وهذا الحزن يؤجر عليه المسلم كما ورد في الحديث: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).

على الإنسان المسلم أن يوقن أن أقدار الله كلها خير له، وإن بدى له أنها شر، والإنسان قد يحب شيئا وفيه شر له، وقد يكره شيئا وفيه خير له، كما قال تعالى: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون) فعلم الله كامل وعلم العبد ناقص.

من أسباب عدم حصول المسلم على مراده قطع الدعاء يقول نبينا عليه الصلاة والسلام:
(يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي)،
لا يستطيع الإنسان أن يعرف ما هو الخير له، ومن أجل ذلك شرعت صلاة الاستخارة، فنوصيك دائما بصلاة الاستخارة في كل أمورك مع الدعاء بالمأثور وتفويض العبد ربه ليختار له المناسب خير له من التعجل واختيار ما يراه بنظره القاصر، واختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، وعلى المسلم بعد صلاة الاستخارة أن يعمل بالأسباب التي توصله إلى مراده، فإن سارت الأمور بيسر حتى يصل للمراد، فهذا يعني أن الله قد اختار له ذلك، وإن تعسرت وانغلقت الأبواب، فهذا دليل أن الله تعالى لم يختر ذلك الأمر كونه غير مناسب له.

أما قولك لماذا صار العكس، فالجواب؛ لأنه ذلك غير مقدر لك، والعبد لا يمكن أن يتحكم فيما يريد بحيث يحقق كل شيء في هذه الحياة بحسب إرادته ومشيئته؛ لأن مشيئة الله هي النافذة كما قال تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين).

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة والسعيدة كما قال ربنا سبحانه: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي ربك أن يوفقك لكل خير، وأن يدفع عنك كل شر وأن يعطيك من الخير ما تتمنين، وأكثري من دعاء ذي النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

اطلبي الدعاء من والديك، فإن دعوة الوالد مستجابة كما أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق، وأن يرزقنا الله وإياك من فضله العظيم، وأن يعطينا وإياك من الخير ما نتمنى، وأن يصرف عنا كل سوء ومكروه، إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات