السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر 30 سنة، بدأت معي المشكلة منذ الثانوية في القراءة أمام الطلاب، حيث لم أكن أستطع نطق بعض الحروف والكلمات بسبب التوتر وسرعة نبضات القلب والتعرق، وكان الأستاذ يطلب مني التوقف عن القراءة بسبب هذه الحالة، علما أن قراءتي طبيعية لو كنت لوحدي، وفي وجود أشخاص أرتاح لهم، حيث أستطيع قراءة الكتب بصوت عال وبلا تلعثم أو صعوبة إخراج الحروف.
وظيفتي الحالية في شركة هندسية تتطلب مني التحدث عبر الجهاز كل يوم، فيصيبني قلق من فشل إيصال المعلومة للعمال، وأحيانا حينما أريد إرسال إشارة للعمال عن طريق الجهاز اللاسلكي تزيد نبضات قلبي، وأشعر بالتوتر وارتجاف اليدين وارتباك البطن، فأرسل الإشارة مختصرة وكأني أدفع الكلام دفعا، كأنها حالة شلل.
حينما أعود للمنزل أفكر في هذا الحدث المحرج، وأحدث نفسي أنني أستطيع تجاوز هذه المعضلة، وأتحدث في المنزل كأني أتحدث بالجهاز بكل طلاقة، ولا توجد مشكلة ولا أقلق، وفجأة أشعر أني لن أتغير، فأنا لا أستطيع نطق اسمي أمام الناس عندما أقلق، أستطيع القراءة بطلاقة وبصوت عال، لكن مع وجود الناس يصيبني القلق والتوتر، وأبدأ في التفكير في بعض الأحرف التي أستصعب نطقها أمام الناس، مثل: الطاء، العين، والألف، والتي أنطقها بسهولة مع نفسي، فما رأيكم؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أنت لديك رهبة أو رهاب اجتماعي من الدرجة البسيطة، وأيضا نسميه (رهاب الأداء الاجتماعي)، لأنه يحدث عند المواجهات التي لا بد أن تتحدث فيها وتخاطب الآخرين وتقوم بالتوجيه.
أخي الكريم: هذه مشكلة بسيطة جدا، أولا: يجب أن تثق في مقدراتك، أنت ما وضعت في هذا المكان الوظيفي إلا لأنك تحمل الكفاءة والمقدرة لذلك.
ثانيا – أخي الكريم -: تعامل مع الناس كبشر ولا تعظم شخصا في كيانك أبدا، نحترم الناس كما يحترموننا أو بقدر ما يحترموننا، وننزل الناس منازلهم نعم، وفي نفس الوقت نقدر أنفسنا التقدير الذي يجعلنا في نفس مستوى الآخرين، لا نعظم أنفسنا ولا ننزلها منزلة دونية.
النقطة الثالثة هي: أنا أؤكد لك أن ما تشعر به من تلعثم أو تقطع في الكلام أو تسارع في ضربات القلب، أو شعور بخفة في الرأس – أنت لم تذكر هذا، لكن يأتي لبعض الناس – أو شعور بأنك سوف تفقد السيطرة على الموقف، لذا تفضل التجنب، هذه كلها مشاعر مبالغ فيها، ولا أحد يشعر بها من الطرف الآخر، بمعنى أن الناس لا تشعر بهذه الصعوبات التي تعاني منها أنت، فهي تجارب داخلية شخصية غير ظاهرة للآخرين.
إذا تصحيح المفاهيم حول الحالة نفسها هو علاج.
العلاج الآخر وهو علاج رئيسي هو العلاج الدوائي، بفضل من الله تعالى توجد أدوية ممتازة جدا لعلاج حالتك، عقار (سيرترالين) يعتبر مثاليا، يضاف إليه جرعة صغيرة من عقار يسمى (إندرال) واسمه العلمي (بروبرالانول) وهو أحد كوابح البيتا التي تعمل من خلال الجهاز العصبي اللاإرادي، مما يجعل ضربات القلب تكون طبيعية، وينتهي التعرق والشعور بالتلعثم والرعشة.
جرعة السيرترالين – والذي يسمى تجاريا زولفت أو لوسترال – تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين يوميا لمدة شهرين، وهذه هي الجرعة العلاجية القصوى، ولا تحتاج لأكثر من هذه الجرعة – أي حبتين يوميا – علما بأن الجرعة الكلية يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم –أي مائتين مليجرام – لكنك لا تحتاج لهذه الجرعة.
بعد انقضاء الشهرين خفض الجرعة إلى حبة يوميا كحبة وقائية، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
يتميز السيرترالين بأنه دواء سليم وفاعل وغير إدماني، له بعض الآثار الجانبية البسيطة، فهو ربما يفتح الشهية نحو الطعام قليلا، كما أنه بالنسبة للمتزوجين عند المعاشرة الزوجية ربما يؤخر القذف المنوي قليلا، لكنه لا يؤثر على الصحة الإنجابية أو الذكورية عند الرجل.
أما بالنسبة للإندرال فأريدك أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرامات صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرامات صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله. هذا بالنسبة للعلاج الدوائي، وطبعا إن ذهبت إلى طبيب نفسي هذا أيضا سوف يكون أمرا جيدا.
عليك – يا أخي – أن تحرص في ممارسة الرياضة، عليك أيضا أن تمارس تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرج، مفيدة جدا، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم إرخائها، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.
حاول – يا أخي – ألا تتجنب المواقف الاجتماعية أبدا، شارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، وقم بالواجبات الاجتماعية، رفه عن نفسك اجتماعيا، احرص على الصلاة مع الجماعة، وحافظ على الأذكار وتلاوة القرآن، ويا حبذا لو انضممت إلى حلقة من حلق القرآن، فهذه الحلق فيها نوع من التعرض الاجتماعي الإيجابي، وفي ذات الوقت القرآن حقيقة يؤدي إلى طلاقة اللسان، ويحسن التركيز كثيرا.
إذا هذه هي الخطط العلاجية الرئيسية، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.