السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أنني تعرضت لصدمات عاطفية وإساءة نفسية من خطيبي السابق حتى أصبت بما سمته طبيبتي النفسية باضطراب ما بعد الإساءة النرجسية.
أعاني منذ شهر من نوبات هلع شديدة، بمعدل 5-6 مرات في اليوم، اختلال الآنية، وصل بي الحال إلى عدم القدرة على الوقوف أو الكلام لمدة شهرين! تحسنت قليلا ولكن الذكريات السيئة تلازمني، أصبحت أخشى الرجال، وكلما تحدث معي أحدهم تصيبني نوبة هلع، أحيانا أفقد القدرة على الكلام في موضوع خطيبي السابق، أكره موضوع العلاقات والزواج، فمثلا إن تكلمت أختي أو صديقتي أمامي بهذا الموضوع أصاب بتشنجات في رأسي وعنقي وكل جسدي وضغط شديد في ظهري، وتصيبني نوبة هلع بعدها ودوار.
مؤخرا زاد الموضوع عن حده؛ لأن خطيبي النرجسي مازال يحاول الوصول إلي، أعيش في توتر وخوف شديد، جسمي أصبح لا يميز بين المشاعر الجيدة والمشاعر السلبية، تصيبني نوبة ذعر سواء من فرح أو من حزن، فأصبحت منعزلة في غرفتي، أعاني من تلك التشنجات الغريبة في عنقي ورأسي وظهري، أكره الليل؛ لأن أعراضي هذه تزيد، نوبات الهلع أحيانا تأتيني قوية، وأخاف من الموت ومن أشياء كثيرة.
عملت حجامة، ورقية شرعية، وتنويم مغناطيسي، أتابع عند طبيبة نفسية ولكن لم أتحسن، كما أني عملت تحليلات وكانت جيدة، وآخذ حاليا مغنيسيوم فقط.
أرجوكم، إن كان لكم علم فأفيدوني جزاكم الله خيرا، خصوصا تلك التشنجات في عنقي ورأسي وظهري والشعور الغريب المخيف.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
نوبات الهلع هي نوع من القلق النفسي الحاد وليس أكثر من ذلك، وما يسمى باضطراب أو باختلال الأنية –من وجهة نظري– هو تشخيص واهي جدا، ويجب ألا تتشبث به الناس، هو أيضا جزء من حالات القلق التي قد تصيب بعض الناس.
أنت تحدثت عن علاقتك بخطيبك السابق وكيف أنها انتهت، وهذا أدى إلى ما يمكن أن نسميه بصدمة نفسية، والتي أسمته الطبيبة (اضطراب ما بعد الإساءة النرجسية)، أنا أعتقد هذه المسميات – مع احترامي الشديد للأخت الطبيبة – يجب ألا نحملها كتشخيصات علمية، لأنها لا تنطبق عليها حقيقة المعايير التشخيصية الصحيحة، يعني: هنالك من يقول حالتك هذه هي نوع مما يسمى بـ (عصاب ما بعد الصدمة)، أو يقول: (عصاب ما بعد الفقد)، وشيء من هذا القبيل، لكن الإنسان يتكيف، والإنسان يتطبع، والإنسان يجب أن يكون لديه السعة العقلية الفكرية التي تساعده على الخروج من مثل هذه المواقف.
قطعا كان هدفك من هذه العلاقة هو الزواج، وأنا من وجهة نظري لو كان فيها خيرا لك في دنياك وآخرتك لتم هذا الزواج، وما دام لم يتم فهذا يعني أنها لا خير فيها، فما كتبه الله لنا هو الخير وإن كان من وراءه شيء من الألم أو المعاناة، يجب أن تنظري إلى الأمور بهذه الكيفية، أنا لا أبسط الأمور لكن هذا واقع الأمر، وحين نتكلم عن الاستخارة، الاستخارة تعني أن أسأل من بيده الخير – أي الله تعالى – أن يختار لي ما هو خير، فإن وقع الأمر فهذا يعني هو الخير، وإن لم يقع فهذا يعني أنه ليس بخير.
فخذي الأمور بهذه البساطة، وبهذا التفكير، والأمر الآخر: أنت الحمد لله صغيرة في السن، أنت مؤهلة لأن تعيشي حياتك المستقبلية بأمل وتفاؤل، واسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، أنا أعتقد أن الأمر يجب أن ينتهي عند هذا الحد، أنا لا أقول لك ادخلي في إغلاق وجداني كامل، لأن هذا حقيقة ضد الطبيعة البشرية، لكن انظري إلى الأمر بعقلانية، وأخرجي نفسك تماما من هذا الذي أنت فيه بشكل تدريجي حتى تصلي لمرحلة التعافي التامة، لا داعي أبدا لهذه الهشاشة النفسية أبدا، ولا تحملي معك معاناة أي حدث لوقت أكثر من اللازم، فالله خلق النسيان لهذه الوظيفة المهمة.
بالنسبة لأعراض التشنجات في العنق والرأس والظهر: هي نوع من أعراض النفسوجسدية، القلق والتوتر النفسي الداخلي يؤدي إلى توترات عضلية، وأي عضلات في الجسم يمكن أن تصاب بالتوتر، عضلات الرقبة وعضلات الرأس وعضلات القولون وعضلات أسفل الظهر، وعضلات الصدر، هذه كلها عرضة للانقبضات والتشنجات في حالات القلق.
العلاج هو التغيير الفكري الذي تحدثنا عنه. ثانيا: تمارسي تمارين الاسترخاء، أنا متأكد أن الطبيبة النفسية سوف تدربك بدقة على هذه التمارين، تمارين متميزة، تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، تمارين التنفس المتدرج (الشهيق والزفير) مع التأمل والتدبر والاستغراق الذهني، هذه قطعا تمارين رائعة جدا ومفيدة جدا.
فإذا هذا هو علاج الأمر، وحاولي أن تطوري نفسك في عملك، ادخلي في مجال التخصص، ساعدي الضعفاء والمرضى، هذا إن شاء الله تعالى يعود عليك بخير كثير، وليس هنالك ما يمنع أن تتناولي أحد مضادات القلق البسيطة، وهذا قطعا طبيبتك يمكن أن تصفه لك.
هذا هو الذي أود أن أرشدك إليه، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.