كيف أعالج التعلق المرضي لدى صديقتي؟

0 460

السؤال


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، أكرمني الله عز وجل بتعلم القرآن الكريم وتعليمه، وقد أقمت مع أهلي خلال السنتين الماضيتين بالسعودية، وقد كنت خلال هذه الفترة أعمل محفظة قرآن بدار نسائية لتحفيظ القران الكريم.

في بداية تدريسي بالدار تعرفت على إحدى الطالبات، وكانت بداية تعارفي بها عندما شعرت أن عندها فراغا شديدا في حياتها، وعدم استغلال لأوقاتها، فحاولت أن أنصحها، فنظمت لها أوقاتها، وحددت لها أهدافها، فوجدت منها استجابة سريعة، فتابعت معها، فأكرمها الله عز وجل فأتمت حفظ القرآن في أقل من عام، وقويت علاقتي جدا بها، فصارت صداقة حميمة، وقد كانت في مثل عمري تماما، اتخذتني مثلا أعلى لها، بل تحول الأمر بمرور الأيام أن صرت أمثل لها كل شيء في حياتها، ولم يكن شيء ينكد عليها ليل نهار إلا تذكرها بأنه لابد أن نفترق في يوم من الأيام لأنها سعودية وأنا مصرية، وبمرور الوقت انتبهت لتصرفاتها معي، وبدأت أدرك أنها تعلقت بي لدرجة زائدة عن الحد، واتهمت نفسي بأنني السبب لعطائي الزائد لها، واجهتها بحقيقة الأمر، وأن هذا سيقودها لخطأ شرعي، وهو انشغال قلبها عن الله، وطلبت منها أن نتعاون لعلاج الأمر حتى يكون حبنا لله وفي الله فعلا.

في البداية وافقتني، ولكنها لم تستجب فيما بعد، لما طلبته منها من أن تحاول أن تبتعد عني بعض الشيء، فزاد الأمر معها، فأصبحت تتهمني بالقسوة، وتعبت حالتها النفسية، وتوقفت حياتها، فأشفقت عليها، فعدت معها كما كنت، وعندما تتحسن حالتها أعود لمحاولة علاج الأمر مرة أخرى، فتعيد هي نفس رد الفعل، في البداية توافقني وتقر بخطئها، ثم عند التنفيذ العملي لا تستجيب، بل إن تصرفاتها غريبة جدا، فهي لا تسمح لي أن أصاحب أحدا غيرها، وتغضب إذا علمت أني اتصلت بأحد أو زارني أحد.

الآن أنا غادرت السعودية، وعدت لمصر منذ عدة شهور، وعلاقتنا ما زالت قائمة عن طريق الاتصالات والرسائل، ولكن حالها ما زال كما هو، وفشلت معها بكل وسائل النصح، أنا حزينة لأجلها، وأشعر أني أفسدت أكثر مما أصلحت، فكرت أن أقطع علاقتي بها لعلها تعود لرشدها، ولكني أخشى أن يأتي ذلك بنتيجة عكسية، ماذا أفعل؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ س حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جعلنا الله وإياك من أهل القرآن، ورزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار.

فإن الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، والمؤمنة تؤسس علاقتها مع أخواتها على أساس الحب في الله ولله ووفق مراد الله، ويؤسفنا أن نقول: إن كثيرا من الفتيات يعش فراغا كبيرا وجوعا عاطفيا عظيما، ويقصر الكثير من الآباء والأمهات في توفير هذه الجرعات العاطفية في البيوت، فيلجأ الأولاد والبنات لإشباع هذا الجانب الهام في الخارج، وما أكثر المخاطر التي تنتج عند ذلك، وهل سقط الضحايا إلا في هذا الميدان؟

وقد أسعدنا إدراكك لخطورة الأمر، وأفرحني نصحك للفتاة، وأرجو أن تواصلي نصحها وتوجيهها، وتحاولي الانسحاب التدريجي من حياتها، وأرجو أن يرزقها الله بزوج صالح يمنحها من اهتمامه وعواطفه.

ولا شك أن بعد الدار وسفرك جزء مهم في العلاج، وكم نتمنى أن تقوم الأمهات بدورهن؟ ولست أدري هل عندك صلة بأهلها أم لا؛ لأن تعاون الأهل وتفهمهم لوضع الفتاة يساعد في إصلاح الأحوال بعد اللجوء إلى صاحب العظمة والجلال الذي يقلب قلوب النساء والرجال، ويثبت أهل الخير في العاجل والمآل.

ونحن نشكر لك هذه الروح الطيبة والمشاعر الصادقة؛ لأن بعض المعلمات تفرح إذا تعلق بها الطلبات ولكن المؤمنة العاقلة تعلم أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فتسعى في العلاج وتطلب من طالباتها أن تكون قلوبهن عامرة بحب الله أولا، وتعلمهن أن المؤمنة تحب أخواتها بحسب طاعتهن لله وقربهن منه.

وأرجو أن تشجعي هذه الأخت على حب الأعمال الصالحة أيا كان مصدرها، وبيني لها أنك بشر تخطئين وتصيبين، وأن الأمر كما قال ابن مسعود: (تأسوا بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن فتنته).

ولست أدري ما هو نوع التعلق بك بعد سفرك إلى بلدك؟ وما هو نوع الكلام الذي يدور بينكما؟ وكيف حالها وطاعتها لله بعد سفرك؟ وهل تشعرين أن بعدك هذا سوف يساعد في العلاج؟ وما هو دور الأخوات الأخريات في التصحيح والتوجيه؟ وهل طلبت من الصالحات الاهتمام بتلك الفتاة؟

وإليك بعض الأدوية النافعة في علاج مرض العشق:

1- اللجوء إلى من يجيب من دعاه ويكشف السوء.

2- بيان العاقبة السيئة لمن تملأ قلبها بحب غير الله، وأن ذلك يوصل إلى الشرك وإلى الجنون.

3- أن يكون الحب في الله ولله وعلى مراد الله.

4- إدراك منافاة العشق للفطرة السليمة .

5- تذكر عيوب المعشوق.

6- غض البصر وعدم النظر إلى ما عند الناس.

7- إخفاء المحاسن والمفاتن عن الأعين.

8- التبكير في العلاج حتى لا يتمكن الداء .

وقد ذكر ابن القيم رحمة الله علاج هذا الداء مجملا فقال: (ودواء هذا الداء القتال أن يعرف المبتلى بهذا الداء المضاد للتوحيد أنه من جهله وغفلة قلبه عن الله، فعليه أن يعرف أن توحيد ربه من سننه وآياته أولا، ثم يأتي من العبادات الظاهرة ما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه، ويكثر اللجوء والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه، وأن يرجع بقلبه إليه وليس له دواء أنفع من الإخلاص لله).

وبالله التوفيق.


مواد ذات صلة

الاستشارات