السؤال
زوجتى انفعالية جدا في غضبها، وصوتها أعلى بكثير، وجربت كل الطرق لإجبارها على خفض الصوت أثناء الخلاف دون جدوى، (اللين والعقل-الزعيق-إشراك والدتها-التهديد بالضرب).
في كل مرة تصفني بكل العيوب التي أتحاشاها، لأجعلها تعيش سعيدة، ومع ذلك تدعي أني لا أتعاون معها، وترفض سماع رأيي في تربية الأولاد.
دائما تهدد بترك المنزل والذهاب لأمها، وترك الأولاد، (بنت 12، ابن 17)، وإذا ما حاولت مصالحتها لحبي لها تظل مقاطعة لي في البيت لمدة أسبوع على الأقل، بالرغم من تحدثها مع الجميع بصوت تعلوه الضحكات إلا أنا، وكل مرة تغضب وأصالحها، مبررا ذلك لنفسي بأن الدنيا لا تستحق ذلك.
أنا أريد أن أعيش حياة هادئة، فتكون النتيجة مقاطعة تامة في البيت، وكم قضيت ليالي في كمد وغل لقاء هذه المقاطعة، لأني أريد العيش في هدوء مع من زوجتي حلالي دون جدوى.
بالمناسبة حياتنا الجنسية مضطربة من وجهة نظري، (مرة شهريا) بحجة الظروف والتعب والإرهاق، وعند مصارحتها بضيقي ينهال علي اللوم، وأصبح أنا المقصر، لأني لم أشعر بتعبها، وكان الأجدر بي أن أساعدها وأشعر بمعاناتها في البيت، بدلا من طلب المعاشرة.
علما بأنها تبذل مجهودا هائلا فوق المطلوب في نظافة الشقة (الشقة بالكامل يوميا)، لدرجة إرجاء أي شيء في الدنيا حتى معاشرتي لحين الانتهاء من ترويق الشقة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
تختلف سلوكيات وأعصاب الرجال والنساء على حد سواء، فمن النساء من تجدهن في غاية من الهدوء، وقادرة على امتصاص غضبها، وتقبل غضب زوجها بأعصاب هادئة، ومنهن من تكون سريعة الغضب والانفعال، وهذا يرجع إلى الوراثة أو نوعية التربية التي تربت عليها، والرجال مثل ذلك.
لا يمكن لأحد الطرفين إجبار الطرف الآخر على نفس سلوكياته، ولكن بالصبر والتدرج والتذكير قد يحصل تعديل في السلوكيات.
من الواضح أن أعباء زوجتك كثيرة، وهي جزء من أسباب عصبيتها، وليست كلها، وعليه فإني أنصحك أن تعينها في بعض الأعمال التي تقدر عليها، وليس ذلك بعيب، فقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يعين أهله في أعمالهم، وهذا يعد من حسن عشرة الرجل لأهله، وداخل في قوله عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
أوصيك بكثرة الثناء على زوجتك، والدعاء لها، والتغزل بها، وابتدائها بالعبارات العاطفية التي يتنفس عنها، وتذهب ببعض تعبها، وأن تشعرها بالاحترام والتقدير، فإن فعلت ذلك فسيحصل تغير في سلوكياتها، فالمرأة عاطفية لدرجة لا تتصورها، والكلمة العاطفية تسرها سرورا عظيما.
تنزل الرجل إلى مستوى المرأة وإحسان التعامل معها وفق سلوكياتها يسهل على الزوج احتواؤها، وليس عيبا أن يعتذر الرجل لزوجته، حتى ولو لم يكن مخطئا، وكذلك مصالحتها وعدم إتاحة الفرصة لها لتبتعد، فإن حاولت الابتعاد عنك فاذهب إليها وضمها إلى صدرك، وقبلها، وضاحكها، فإن المرأة قد تتغنج على زوجها لتنظر هل سيتركها أم سيأتي إليها، فإن أتى إليها أحست بمكانتها عند زوجها، وإن تركها أحست بأنه لا يحبها.
أفضل ما يحسن من السلوك والأخلاق تقوية الإيمان من خلال كثرة الأعمال الصالحة، بعد المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها، والإكثار من تلاوة القرآن الكريم، واستماعه، فقد وعد الله من فعل ذلك بالحياة الطيبة، يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
الغضب جمرة من الشيطان، وعلاجه أن تتعود زوجتك على الاستعاذة بالله من الشطيان الرجيم، كلما أتاها الغضب، وأن تقعد إن كانت جالسة أو تقوم إن كانت جالسة، أو تضطجع إن لم ينفع ذلك، أو تقوم وتتوضأ فإن الوضوء يطفى نار الغضب.
نوصي زوجتك أن ترقي نفسها صباحا ومساء بما تيسر من القرآن والأدعية المأثورة، وبالمحافظة على أذكار اليوم والليلة، وخاصة أذكار النوم كاملة، فإن في ذلك ما سيحصنها من كل شر وسيعينها على القيام بكامل أعمالها بيسر وسهولة.
لا تغفل الهدية ما بين الحين والآخر فالهدية تعمل في القلب عملها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا).
تغيير أجواء البيت مهم للغاية، ومن ذلك أن تدعو زوجتك لتناول الغداء أو العشاء في أحد المطاعم، مع تجاذب أطراف الحديث أثناء الطريق ذهابا وإيابا، وأثناء تناول الطعام، مع أخذ جولة لتغيير الجو، كالسير في حديقة أو شاطئ، وما شاكل ذلك.
المرأة إذا استنفذت طاقتها في أعمال البيت فلن يكون لديها نشاط لممارسة الجنس مع زوجها، وهذا أمر طبيعي، فلو قدرت أن تخفف من الأعباء التي عليها، وذلك بأن تأتي بخادمة تساعدها في أعمال البيت، ولو بين حين وآخر لكان ذلك جيدا.
من الصفات الجيدة في الزوجة أن تكون نظيفة في نفسها وبيتها وأبنائها، وتقوم بواجباتها كما ينبغي، وهذه نعمة من الله تعالى يمن بها على الرجل.
الحياة الزوجية تكاملية، فكل طرف يكمل الطرف الثاني، والتعاون بين الزوجين في أعمال البيت مهم للغاية، ومما يوطد العلاقة الزوجية.
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد لله، وسل ربك أن يعين زوجتك، وأن يؤلف بين قلبيكما، وأن يصرف عنكما الشيطان الرجيم.
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم، وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
لا بد من أن تتحين الأوقات المناسبة للحوار مع زوجتك، وتؤسس صفحة جديدة للحوار، والتعاون، وحل المشاكل بالحسنى، وألا تدخلا بينكما في مشاكلكما أحدا، لا من الأهل ولا من غيرهم.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق.